كتاب الوصول إلى لغة الأصول (عرض ومراجعة)


 كتاب (الوصول إلى لغة الأصول) للباحث صالح ود إدريس (أبو سلمان)

(عرض ومراجعة)


  • يعد كتاب(الوصول إلى لغة الأصول)- للباحث والأستاذ صالح إدريس(أبو سلمان)_من الدرسات القيمة في هذا الموضوع(دراسة اللغة التگرايت، وعلاقتها باللغات الأخرى). وقد اطلعت على كثير من الدراسات في هذا المجال، ومنها:
    ١. العلاقة بين اللغة العربية ولغة التگري، للأستاذ جمال عبد الهادي حسين.
    ٢. الأصول العربية للغة بني عامر(التقري) بشرق السودان، للباحث كمال حامد عبد الله.
    ٣.النظام الصوتي في اللغة العربية ولغة البني عامر، للباحث أحمد محمد إسماعيل.
    ٤. كتاب حوار المفردات(اللغات السامية في إرتريا)، للأستاذ أبوبكر جيلاني.
    وعلى الرغم من أهمية هذه الدراسات السابق ذكرها، وما تحتويه من فوائد لغوية عن التگرايت، إلا أن دراسة (الوصول إلى لغة الأصول) تتميز عنها بالآتي:
    ١. المادة اللغوية الضخمة التي احتوت عليها هذه الدراسة، وما تمثله من حفظ للغة التگرايت من جانب، وتوفير مادة بحثية للراغبين في إجراء الدراسات السامية المقارنة من جانب آخر.
    ٢. الإشارة إلى المشترك اللغوي بين العربية واللغات السامية الأخرى كالأكدية والنبطية والجئزية، وهذا يفتح الباب أمام الدراسين إلى إجراء دراسات مقارنة بين التگرايت واللغات السامية الأخرى بخلاف العربية.
    ٣. الإشارة إلى بعض الأصوات المتغيرة في التگرايت مقارنة بالعربية، وبمعرفة تلك الأصوات يمكن البحث عنها في المعجم اللغوي العربي مع مراعاة النظائر التي انتهت إليها تلك الأصوات، وأقصد هنا أصوات مثل صوتي(گ) و(چ).
    ٤. تناولها موضوعات كانت خارج إطار الدرس اللغوي المقارن، وذلك نحو البحث عن جغرافية المنطقة اللغوية للتگرايت مقارنة لها بالمنطقة المقابلة لها على الجانب الآخر من ساحل البحر الأحمر، بالإضافة إلى دراسة بعض مظاهر الحياة البدوية لأهل اللغة، فضلا عن بعض السلوكيات المشتركة في طريقة التعامل مع الحيونات المستأنسة.
    ٥. احتواء الدراسة على مادة فلكلورية لأهل اللغة من مورث شفاهي وثقافة مادية، كل ذلك لم يكن مقصودا لذاته، وإنما جاء في ثنايا البحث اللغوي المقارن.
    ٦. إيراد بعض الإشارات التي قد تفيد في توجيه البحث اللغوي في التگرايت نحو وجهة جديدة، وذلك مثل إيراده بعض الكلمات المشتركة بين التگرايت والإنجليزية، وبين التگرايت واللغات الأخرى غير السامية نحو البداويت ولغة الساهو، والمعروف أن كل هذه اللغات لا تنتمي للغات السامية، فإجراء دراسات مقارنة أو درسات تقابلية بين التگرايت وتلك اللغات سيكون إضافة مهمة للمكتبة اللغوية للغة التگرايت.
    ٧. كما تفتح الدراسة الباب نحو إعادة النظر في نظريات مهد اللغات السامية، وذلك بالاستفادة من المعلومات الجغرافية التي أوردتها هذه الدراسة، فضلا عن ذكر أسماء النباتات والتي تشترك فيه التگرايت مع اللغة العربية، وبالإمكان الاستفادة من كل ذلك في تحديد مهد الساميين، وذلك بتوفر بعض المعلومات عن علم الإنسان والدراسات البيئية والجغرافية.
    وبالجملة فقد اضطلعت هذه الدراسة بعبء كبير من دراسة اللغة التگرايت، ولا نبالغ إذا قلنا أن هذه الدراسة تعد فتحا كبيرا في هذا المجال، وهي أشبه منزلة بكتاب سيبويه في النحو العربي، وقد قال أبو عثمان المازني عن كتاب سيبويه:((من أراد أن يكتب كتابا في النحو بعد سيبويه فليستح))، ولا نقول إن الدراسات اللغوية في التگرايت قد أغلقت أبوابها بهذه الدراسة، ولكن نقول إن كل الدراسات ستنطلق من أرضية صلبة تمثلهاهذه الدراسة، وبالإمكان الكتابة عن اللغة التگرايت في المستويين النحوي والصرفي، فضلا عن درسات الجوانب اللغوية الأخرى من أساليب وصوربلاغية، وأنا شخصيا قد استفدت كثيرا من هذه الدراسة في مؤلفاتي اللغوية، كما استفدت منها في استقاء بعض المعلومات الفلكلورية عند تقديمي ورقة علمية مؤتمر الموروث الحضاري بجامعة البحر الأحمر، وفي الختام نشكر أستاذنا صالح (أبوسلمان) على هذا الجهد العلمي الفذ، ونسأل الله أن يجعل ذلك في ميدان حسناته، وأن ينتفع الدارسين به من بعده.


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وظيفة الجملة في اللغة العربية

دور السياق في تحديد المعنى المراد من الجملة العربيَّة

الأدب التفاعليُّ بين مؤيِّديه ومعارضيه