مظاهر التنويع في أسلوب خطاب القرآن المكيِّ
(بيان أهوال يوم القيامة
وأحواله نموذجاً)
المقدِّمة:
تكمن إشكالية البحث في
كونه يبحث عن الأساليب المتبعة في القرآن المكيِّ لإقناع المخاطبين بقضيَّة
غيبيَّة ألا وهي الإيمان باليوم الآخر(يوم القيامة)، وبيان ما يحدث فيه من أهوال
عظيمة.
أسئلة الدراسة:
1. ما أنواع الأساليب المتَّبعة في خطاب القرآن المكيِّ؟
2. ما أدوات الفنيّة المستخدمة في كل أسلوب؟
3. ما أثر ذلك على المخَاطَبين؟
أهداف الدراسة:
1. التعرف على أنواع
أساليب خطاب القرآني في هذا الموضوع.
2. إظهار الأدوات
الفنيَّة التي تميِّز كل أسلوب عن الآخر.
3. بيان الأثر الذي تتركه
تلك الأساليب في نفس المخاطب.
أهميَّة الدراسة:
ترجع أهميَّة الدراسة
إلى كونها تتناول قضيَّة عقديَّة غيبيَّة من جانب، وبيان أثر تنوع الأساليب
القرآنيَّة في الإقناع بذلك.
منهج البحث:
استخدمت الدراسة المنهج
الوصفيَّ التحليليَّ، والذي يتناسب مع طبيعة الدراسة، بدء من بيان مصطلحات
العنوان، ثم حشد جزئيات الموضوع حسب توزيعها في الأساليب القرآنيَّة المتنوعة،
وذلك من خلال الاستشهاد بآيات القرآن المكيِّ، مع إتباع الآيات بالتفسير من كتب
التفاسير المعتبرة، ومن ثم بيان إلى نوع من الأساليب ينتمي خطابه، مع بيان ما
يفيده ذلك من خلال تفسير الآية.
الأسلوب لغة:
يأتي لفظ أسلوب في اللغة للتعبير عن عدة
معان منها ما ذكره ابن منظور في معجمه حيث يقول: "ويقال السطر من النخيل:
أسلوب. وكل طريق ممتد، فهو أسلوب. قال: والأسلوب الوجه،
والمذهب، يقال: أنتم في أسلوب سوء، ويجمع أساليب.
والأسلوب: الطريق تأخذ فيه. والأُسلوب، بالضم: الفن؛ يقال: أخذ فلان في أساليب من
القول أي أفانين منه؛ وإن أنفه لفي أسلوب إذا كان متكبرا...".(1)
ويقول الزبيدي في (تاج العروس): "الأسلوب: الوجه والمذهب. يقال:
هم في أسلوب سوء. ويجمع على أساليب. وقد سلك أسلوبه: طريقته. وكلامه على أساليب
حسنة. والأسلوب، بالضم: الفن. يقال: أخذ فلان في أساليب من القول، أي أفانين منه.
(و) الأسلوب: (عنق الأسد)؛ لأنها لا تثني. ومن المجاز : الأسلوب : (الشموخ في
الأنف). وإن أنفه لفي أسلوب إذا كان متكبرا لا يلتفت يمنى ولا يسرة.".(2)
ويتضح مما ذكر أن لفظ (أسلوب) في اللغة قد
يقصد به الطريق والوجهة التي يتجه إليها حقيقة أو مجازا كطريقة بعض الناس وأخذهم
في أفانين القول، وما يذهبون إليه من مذاهب حسنة أو سيئة، كما يطلق مجازا
على شموخ الأنف تكبرا، وهذه طريقة للتعبير عن صفة الكبر، كما يطلق على عنق الأسد
لفظ أسلوب لعدم تثنيها. كما يلاحظ أن ما ذكره الزبيدي منقول من ابن منظور، وشرح له
في بعض المواضع.
الخطاب لغة:
أما الخطاب في اللغة فهو
كما ذكره ابن منظور في (اللسان) إذ يقول: "الخطاب والمخاطبة: مراجعة الكلام،
وقد خاطبه بالكلام مخاطبة وخطابا، وهما يتخاطبان...وخطب، بالضم، خطابة، بالفتح:
صار خطيبا... والمخاطبة، مفاعلة، من الخطاب والمشاورة.".(3)
وقد ذكر الزبيدي في (تاج العروس):
"الخطبة عند العرب : (الكلام المنثور المشجع ونحوه)... الخطبة: مثل الرسالة
التي لها أول وآخر".(4)
ويتضح مما سبق ذكره أن الخطاب لفظ يندرج تحت
الجذر اللغوي(خطب)، ومن معانيه في اللغة ما يكون بين البشر من مشاورة ومراجعة في
الكلام، كما يشتق منه ألفاظ كالخطبة والخطيب، وكلها تدور حول اتخاذ الكلام وسيلة
للتفاهم وفقا لطريقة لغوية محددة الخصائص كما في الخطبة من حيث البداية والنهاية،
وكونها كلاما منثوراً مسجعاً.
القرآن لغة:
الجذر اللغوي (قرأ) تأتي منه عدة ألفاظ بمعان
مختلفة، ومنها ما ذكره ابن منظور في (اللسان): "قرأ عليه السلام يقرره عليه
وأقرأه إياه: أبلغه. وفي الحديث: إن الرب عز وجل يقرئك السلام. يقال: أقرئ فلانا
السلام، وأقرأ عليه السلام، كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده.
وإذا قرأ الرجل القرآن والحديث على الشيخ يقول: أقرأني فلان أي حملني على أن أقرأ
عليه.".(5)
ومما ذكره الزبيدي في (تاج العروس) عن معاني لفظ (قرأ): "قرأ
(الشيء: جمعه وضمه) أي ضم بعضه إلى بعض، وقرأت الشيء قرآنا: جمعته وضمنت بعضه إلى
بعض، ومنه قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلا قط وما قرأت جنينا قط، أي لم تضم رحمها
على ولد، قال عمرو بن كلثوم:
ذراعي عيطل أدماء بكر
هجان اللون لم تقرأ
جنينا
قال أكثر الناس: معناه: لم تجمع جنينا، أي لم يضم رحمها على
الجنين.".(6)
ويتضح مما سبق ذكره أن القرآن في اللغة مشتق
من الجذر اللغوي(قرأ)، والذي يأتي ليدلَّ على معانٍ مختلفة منها: الحمل، الجمع،
والضمُّ.
الأسلوب اصطلاحا:
هنالك عدة تعريفات الأسلوب عند القدماء ومنها:
وهذا ابن خلدون ينفي في
(المقدمة) أن يكون أسلوب الصناعة الشعرية راجع إلى التراكيب التي موضوعها علم
النحو، ولا إلى إفادة السامع المعنى على الوجه الأكمل، والذي هو موضوع علم
البلاغة، ولا إلى الأوزان الشعرية، وإما مرجع ذلك كله"إلى صورة ذهنية
للتراكيب المنتظمة كلية باعتبار انطباقها على تركيب خاص. وتلك الصورة ينتزعها
الذهن من أعيان التراكيب وأشخاصها، ويصيرها في الخيال كالقالب أو المنوال."(7)
وهنا يحدِّد ابن خلدون ماهية أسلوب الصناعة
الشعرية لدى الشاعر، فيجعله مجرد قالب أو منوال ينسج عليه الشاعر شعره، مستفيدا من
صورة ذهنية تكونت لديه، لعيبِّر بها في قالب لغوي يفيد السامع المعنى المراد، ولكن
بطريقة خاصة تميز ذلك الشاعر عن غيره بهذا المنوال أو القالب التعبيري، وفي هذا لا
يختلف رأي ابن خلدون في الأسلوب عن آراء بعض المحدثين الذين يعدون الأسلوب مجرد
اختيار لغوي من عدة خيارات تعبيرية توفرها اللغة.
كما أسهم المحدثون في الدراسات الأسلوبية،
باطلاعهم على الأبحاث اللغوية الغربية الحديثة، ونقلوا تعريفاتهم للأسلوب في
مؤلفاتهم، ومن ذلك ما نقله عبد السلام المسدي في كتابه (الأسلوب والأسلوب) من
تعريف لأحد اللغويين الغربيين للأسلوب، ألا وهو اللغوي الروسي جاكبسون، والذي عرف
الأسلوبية : "بأنها بحث عما يتميز به الكلام الفني عن بقية مستويات الخطاب
أولا وعن سائر الفنون الإنسانية ثانيا.".(8)
كما ينقل عن لغوي آخر
تعريفه الأسلوب بقوله: "يطلق الأسلوب على ما ندر ودق من خصائص الخطاب التي
تبرز عبقرية الإنسان وبراعته فيما يكتب أو يلفظ.".(9)
وقد نقل سعد مصلوح عن بعض الباحثين قوله عن
الأسلوب بأنه: "اختيار أو انتقاء يقوم به المنشيء بسمات لغوية معينة بغرض التعبير عن
موقف معين.".(10)
ويتضح من كل ما سبق ذكره من تعريفات أن
الأسلوب هو الطريقة المعينة التي تميز كل متحدث باللغة أو معبراً بها عن غيره، على
الرغم من ذلك الشخص أو المبدع يستخدم خياراً لغوياً توفره اللغة ضمن
إمكانياتها المتعددة، ولكن استخدامه له بقالب أو طريقة معينة جعلته يتميز عن صاحب
أيِّ أسلوب عن آخر.
تعريف الخطاب اصطلاحاً:
وله عدة تعريفات
منها: "هو كل منطوق به موجه إلى الغير بغرض إفهامه مقصوداً مفهوما.".(11)
تعريف القرآن اصطلاحاً:
يعرف بعض العلماء القرآن بقولهم:
"كلام الله المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم المتعدد بتلاوته.".(12)
وبما أن الكلام اسم شامل، فبإضافته إلى الله يخرج بذلك كلام غيره من الإنس والجن
والملائكة، وبالمنزل يخرج منه ما استأثر به الله في علم الغيب عنده، وبتقييده
بمحمد يخرج منه المنزل على غيره من الأنبياء، وبالمتعبد بتلاوته يخرج قراءات
الآحاد والأحاديث القدسية، فكل هذا وإن كان ألفاظه من الله إلا أنه لا يتعبد به.(13)
تعريف القرآن المكي اصطلاحاً:
ذكر الزركشي في (البرهان) اختلاف العلماء في
اصطلاحهم على المكي والمدني من القرآن على ثلاثة أقسام:
القسم الأول: يطلق اصطلاح المكي على ما نزل بمكة من القرآن، والمدني على ما
نزل بالمدينة منه.
القسم الثاني: يطلق اصطلاح المكي على ما نزل قبل الهجرة وإن لم
يكن بمكة، والمدنية على ما نزل بعد الهجرة وإن نزل بمكة. وهذا هو الرأي الغالب.
القسم الثالث: يطلق اصطلاح المكي على ما خوطب به أهل مكة،
والمدني ما خوطب به أهل المدينة، وعليه يحمل قول ابن مسعود رضي الله عنه بأن ما
خوطب فيه بقوله(يأيها الناس) فهو مكي؛ لأن الغالب على أهل مكة كان الشرك آنذاك وإن
كان يدخل فيه غيرهم، وما خوطب فيه بقوله(يأيها الذين آمنوا) فهو مدني؛ لأن الغالب
في أهل المدينة الإيمان، وإن كان يدخل فيه غيرهم.(14)
ويعرف المكي من المدني عن طريق السماع أو القياس، ولمعرفته قياسيا
وضع العلماء بعض المؤشرات والضوابط التي تفيد في ذلك والضوابط هي:
1. الثلاث الآيات الأول من
(أرأيت) مكية والباقي منها مدني.
2. كل ما كان الخطاب فيه بـ(يأيها
الناس) فهو مكي، وما كان الخطاب فيه بـ(يأيها الذين آمنوا) فهو مدني، وهذا الضابط
ينطبق في الغالب وليس في الكل، وذلك لأن سورة النساء فيها {
يَا أَيُّهَا النَّاسُ }(15)
وهي مدنية، وسورة الحج فيها { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا
وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ }(16) وهي مكية.
لذلك يراعي في هذا المؤشر
مضمون الخطاب فما كان الخطاب موجها فيه لأهل مكة فهو مكي، وما كان موجها لأهل
المدينة فهو مدني.
3. كل سورة فيها ذكر
المنافقين فهي مدنية ماعدا سورة العنكبوت فهي مكية.
4. كل سورة فيها سجدة فهي
مكية.
5. كل سورة فيها ذكر
القرون السابقة والأنبياء السابقين فهي مكية.
6. كل سورة فيها ذكر
الفرائض والسنن فهي مدنية.
7. كل سورة افتتحت بحروف
تهج فهي مكية عدا (البقرة) و(آل عمران) و(الرعد).
8. كل سورة فيها ذكر لآدم
وإبليس فهي مكية ماعدا سورة البقرة.(17)
ومع كل هذه الضوابط ينبِّه العلماء إلى
وجود آيات المكية في بعض السور المدنية، مع وجود آيات مدنية في بعض السور
المكية.
نخلص من الطواف مع كل هذه
التعريفات اللغوية والاصطلاحية للمفردات أعلاه إلى أن المقصود بها: هو التعريف
بالطريقة المميزة التي استخدمت في الخطاب القرآني الموجّه لمشركي مكة في فترة
نزوله في مكة المكرمة، على أن يكون ذلك محدداً في موضوع واحد ألا وهو بيان أهوال
يوم القيامة وأحواله.
موقف
المشركين من الساعة:
أنكر المشركون قيام الساعة، وقد وردت عدَّة
آيات في القرآن الكريم تسجل إنكارهم لها، وذلك بالسؤال عن وقتها، ومن ذلك قوله تعالى:
{يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا}(18)
ولما كان الرسول صلى الله عليه يكثر من ذكر الساعة ويدعوهم إلى
الاستعداد لها بالإيمان والعمل الصالح كان المكذبين من المشركين عن وقت قيامها
وظهورها استبعاداً واستنكاراً.(19)
وقد كان المشركون يستعجلون قيام الساعة لأنهم يظنون أنها لن تجيء
أبداً، بينما يخاف المؤمنون منها على إيمانهم من قيامها لأنهم لا يدرون بم سيقضى
الله عليهم فيها.(20)
وقد ذكر هذا في قوله تعالى: {يَسْتَعْجِلُ بِهَا الَّذِينَ لَا
يُؤْمِنُونَ بِهَا وَالَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا}(21)وحيناً
ينفون قيامها ويجزمون بعدم قيامها، وذلك كما في قوله تعالى: { وَقَالَ الَّذِينَ
كَفَرُوا لَا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ
بَلَىٰ وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ }(22) وقد رد عليهم الله جل وعلا في
الآية السابقة بالجواب المؤكد لقيامها، وقد أكد الكلام بعدة مؤكدات للتشديد على
قيامها.(23)
وقد رد القرآن على هؤلاء المكذبين بقيام
الساعة، مستخدما في ذلك عدة طرق لإقناعهم بها، وهذا ما ستتعرض له الدراسة في
الأسطر القادمة.
الأسلوب الأول- التصوير الفنيِّ:
ويقصد به
التعبير"بالصورة المحسة المتخيلة عن المعنى الذهني، والحالة النفسية، وعن
الحادث المحسوس، والمشهد المنظور، وعن النموذج الإنساني والطبيعة البشرية.".(24)
وبه يصور أهوال يوم القيامة، وما يحدث للمخلوقات في ذلك
اليوم، بالتركيز على حال مخلوقات عظيمة وبيان تتعرض له من خراب
وأهوال على عظمتها، وذلك كما يلي:
1. السماء وما تتعرض له، وذلك كما في قوله تعالى: { فَإِذَا انشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ
وَرْدَةً كَالدِّهَانِ }(25)في هذه الآية الكريمة تشبيه السماء يوم
القيامة بالأديم الأحمر من شدة احمرارها نتيجة لذوبانها وانشقاقها.(26)
2. الأرض ومصيرها، وذلك كما في قوله تعالى: { وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ (3) وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ }(27) في هاتين الآيتين الكريمتين
بيان لما يحدث للأرض من الانبساط والمد بعد أن يزول ما عليها من جبال وآكام، وفراغ
جوفها مما تحويه من موتى وكنوز.(28)
3. الجبال وما يحدث لها،
وذلك كما في قوله تعالى: { وَسُيِّرَتِ الْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَابًا}(29)في
هذه الآية الكريمة بيان لحال الجبال في يوم القيام حيث تصبح كالسراب(لاشيء) بعد
تعرضها للدك والتفتت.(30)
4. البشر وحالهم في ذلك
اليوم، وذلك كما في قوله تعالى: {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ
الْمَبْثُوثِ}(31)في هذه الآية الكريمة بيان لحال البشر في ذلك اليوم
وقد أصبحوا كالفراش المتطاير على غير هدى في كل اتجاه من شدة الفزع.(32)
أدوات التصوير الفنيِّ:
استخدم القرآن عدة أدوات
للتصوير الفنيِّ، ومن الأدوات المستخدمة في هذا الموضوع ما يلي:
1. التشبيه: ويقصد به علماء البلاغة: "الدلالة على مشاركة أمر لآخر في معنى."(33)وقد استخدم التشبيه في القرآن الكريم في مواضع
عديدة منه، ومنها ما يتعلَّق بوصف أهوال يوم القيامة، وذلك كما في وصف السماء
والجبال يوم القيامة، يقول الله تعالى عن ذلك: { يَوْمَ تَكُونُ السَّمَاءُ كَالْمُهْلِ }(33)
في هاتين الآيتين الكريمتين شُبِّهَت السماء بالمهل وهو عكر القطران
أو دردى الزيت أو ذائب الفضة، كما شُبِّهَت الجبال بالصوف الملون.(35)وكذلك
في وصف حال البشر يوم القيامة في قوله تعالى: {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ يَخْرُجُونَ
مِنَ الْأَجْدَاثِ كَأَنَّهُمْ جَرَادٌ مُّنتَشِرٌ }(36) في هذه الآية الكريمة تشبيه
الناس وقت الساعة بالجراد المنتشر كثرة وتموجاً.(37)
2. الاستعارة: ويُقصَد بها علماء البلاغة: "وهي ما كانت علاقته تشبيه معناه بما
وضع له.".(38)ومن الاستعارة في هذا الموضوع ما جاء في قوله تعالى:
{ وَإِذَا الْكَوَاكِبُ انتَثَرَتْ }(39)في هذه الآية الكريمة شبِّهَت
الكواكب بجواهر انفرط عقدها، فحُذف المشبَّه به ورُمِزَ له بشيء من لوازمه(الانتثار)
على سبيل الاستعارة المكنيَّة.(40)
3. الكناية: ويقصد بها عند البلاغيين: "لفظ أُريد به
لازم معناه مع جواز إرادة معناه حينئذ.".(41) ومن الكناية في هذا
الموضوع ما جاء في قوله تعالى: { لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ }(42)
في هذه الآية الكريمة بيان لحال الناس يوم القيامة وما يركبونه من حال على حال من
هول الشدة، وهو مأخوذ من قول العرب: "وقع فلان في بنات طبق: إذا وقع في أمر
شديد.".(43) وفي هذه الآية كناية عن الأهوال والشدائد التي تحدث في يوم القيامة.(44)
4.المجاز العقلي: ويقصد
به : "إسناد الفعل أو ما في معناه "من اسم فاعل أو اسم مفعول أو
مصدر" إلى غير ما هو له في الظاهر من المتكلم، مع قرينة تمنع من أن يكون
الإسناد إلى ما هو له.".(45)
ومنه ما جاء في قوله تعالى: { خَافِضَةٌ رَافِعَةٌ }(46)في هذا الآية بيان ما يحدث
للكفار الذين كانوا أعزاء في الدنيا من خفض بدخول النار يوم القيامة، وكذلك ما
يحدث من لأقوام كانوا وضعاء في الدنيا ورفع مكانتهم بدخول الجنة يوم القيامة.(47)
وفي إسناد الخفض والرفع إلى الواقعة(يوم القيامة) مجاز عقليٌّ.(48)
أدوات الأسلوب الخطابيِّ:
« وهو أسلوب
"يمتاز بقوة المعاني والألفاظ ورصانة الحجج ، كما يمتاز بالجمال والوضوح
وكثرة المترادفات والتكرار."(49)
يستخدم الأسلوب الخطابيِّ
عدة أدوات فنيَّة لغويَّة تمكنه من تحقيق أهدافه التأثيريَّة، ومن الأدوات
الخطابيَّة المستخدمة في هذا الموضوع ما يلي:
1.التكرار: ويكون بتكرار لفظ في الخطاب لغرض بلاغيٍّ، ومن ذلك ما جاء في قوله
تعالى: { الْحَاقَّةُ (1) مَا الْحَاقَّةُ }(50) و(الحاقة) هي التي يحق فيها كل
أمر، وينال الناس الجزاء الحق على أعمالهم.(51)
ويظهر في هذه الآية الكريمة تكرار لفظ(الحاقة)، والمراد منه التهويل
والتعظيم.(52)وقد يكون التكرار أحياناً بجملة وردت في الخطاب أولاً،
وذلك كما في قوله تعالى: { وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ
(17) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ
الدِّينِ }(53)
وفي هاتين الآيتين خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم: ما أشعرك يا محمد بيوم
الحساب والجزاء تهويلاً
لذلك وتعظيماً من أمره،(54) وقد جاء تكرار الجملة للتهويل
والتعظيم من شأن يوم القيامة.(55)
2. الإظهار في موضع
الإضمار: وهو الذي يسميه العلماء الخروج عن الأصل، أي أن أصل الكلام أن يذكر
الاسم في بداية الكلام، فإذا ما استدعي تكراره فإنه يشار إليه بإرجاع الضمير
المطابق له بدلاً عن ذكره مرة أخرى،(56) ولكن قد يظهر الاسم أحياناً في
مواضع تقتضي إضماره، وذلك لتحقيق غرض يخدم بلاغة الكلام ويزيد من تأثيره في نفس
السامع، ومن تلك الأعراض ما يلي:
أ. التعظيم: وذلك كما في قوله تعالى: { بَلْ كَذَّبُوا بِالسَّاعَةِ
وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِالسَّاعَةِ سَعِيرًا }(57)
ب. تعظيم الأمر: وذلك كما في قوله تعالى: { يَوْمَ تَرْجُفُ
الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَكَانَتِ الْجِبَالُ كَثِيبًا}(58)
في هذه الآية الكريمة أعيد لفظ(الجبال) للتخويف والتنبيه على عظم
الأمر، كما أنه لو لم يظهر الاسم، هنا لالتبس الضمير في الرجوع إلى الأرض بدلاً من
الجبال.(59)
ج. الذم: وذلك كما في قوله تعالى:
{ يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا
لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا }(60)وقد قال الزمخشري في (الكشاف) أن المراد
بالمرء هو الكافر، وقد أُظهِر الاسم في هذا الموضع للزيادة في الذم.(61)
د. تربية المهابة وإدخال الروعة في نفس السامع: وذلك كما في قوله
تعالى:
{ وَقَالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ
}(62)في هذه
الآية الكريمة أظهر الاسم ولم يذكر الضمير إذ لم يقل (خزانتها).(63)
3. خطاب الخاص والمراد به العموم: ومنه ما جاء في قوله
تعالى: { وَلَوْ تَرَىٰ إِذْ فَزِعُوا فَلَا فَوْتَ }(64)وقد جاء
الخطاب في الآية الكريمة للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد به العموم، لتفظيع
حالهم، وما بلغه في التناهي في الظهور، فلم يعد يخفى عن كل من له رؤية، فكل من تتأتَّى له الرؤية يدخل
في هذا الخطاب.(65)
4ـ ذكر العام بعد الخاص:
ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى:
{ يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ
يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (12) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي
تُؤْويهِ (13) وَمَن فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ثُمَّ يُنجِيهِ }(66)
في هذه الآية الكريمة بيان لهول يوم القيامة، حيث يتمنى الكافر أن
يفتدي من العذاب يومها بأقرب الناس إليه من بنين وزوجة وأخ وعشيرة وجميع البشر لو
أمكنه النجاة منه،(67) وقد جيء بالعام بعد الخاص لبيان هول وعظمة يوم
القيامة.(68)
5. الخطاب التهكميُّ: وذلك كما في قوله تعالى: { انطَلِقُوا إِلَى
ظِلٍّ ذِي ثَلَاثِ شُعَبٍ (30) لَا ظَلِيلٍ وَلَا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ }(69)
في هذه الآيات الكريمات يخبر القرآن عن ظل الكفار يوم القيامة، والذي يتكون من
دخان له شعب ثلاث، فلا هو بالظل ولا بالمعني عن لهب النار، وفي هذا تهكم وتعريض
بهم بأن ليس لهم ظل يوم القيامة.(70)
6. خطاب الإهانة: ومنه ما جاء في قوله تعالى: { قَالَ اخْسَئُوا
فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ }(71)أي انزجروا كما ينزجر الكلب ولا تكلمون
في رفع العذاب وتخفيفه، فإنه لن يرفع ولن يخفف عنكم.(72)
الأسلوب التقابليُّ:
فصَّل القرآن والقول في الساعة بدء منذ لحظة
قيامها وما يتخللها من أهوال وشدائد تصيب الكون من أهوالها وعظمها، ثم بيان
حال الناس بعد حسابهم وتقرير مصيرهم في الجنة أو النار، وبيان حال كل من الفريقين
في داره الجديد، دار الخلود الأبدي، وقد عرض كل ذلك في قوالب بيانية وأساليب
بلاغية وألوان بديعية لطيفة تساعد في تصوير أهوال ذلك اليوم وأحواله
حتى يكون كأنه ماثل أمام أعين المخاطبين، ومن الألوان البديعية المستخدمة في
ذلك المقابلة، والتي يقصد بها: "أن يؤتى بمعنيين متوافقين أو معانٍ متوافقة،
ثم بما يقابلهما أو يقابلها على الترتيب."(73)
وسيتضح في الأمثلة القادمة أنَّ المقابلة بين أحوال المؤمنين
والمشركين يوم القيامة قد أصبحت طريقة مميزة وأسلوباً قرآنياً فريداً في بيان حال
كلٍّ من المسلمين والكفار، وذلك من خلال المقابلة بينهم في عدة أمور منها:
أولاً- المقابلة بينهم وقت الحساب: قد ذكر القرآن الكريم أوصاف وأحوال المؤمنين
والمشركين وقت عرضهم ولقائهم ربهم، وقد جاءت تلك الأوصاف والأحوال في قالب
المقابلة بينهم، ومن ذلك الأمثلة التالية، والتي حوتها الآيات أدناه:
١. المقابلة في طريقة تلقِّي صحيفة الأعمال: وقد جاء ذلك في قوله تعالى: { فَأَمَّا مَنْ
أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ(19)
إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسَابِيَهْ }(74)في هاتين الآيتين
الكريمتين يبين الله تعالى أن المؤمن يعطى كتابه بيمينه فيقول (اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ)،
وقد كان على يقين من أنه سيلاقيه ربه بحسابه يوم القيامة.(75)هذا بينما
الكافر يؤتى كتابه بشماله، يقول الله تعالى في شأنه: {وأما من أوتي كتابه
بشماله فيقول ياليتني لم أوت كتابيه ولم أدى ما حسابيه يا ليتها كانت القاضية}(76)
في هذه الآيات يبين الله تعالى أن الكافر يؤتى كتابه بشماله، فيتمنى أنه لم يؤت
كتابه، ولم يدر ما حسابه، لكم يتمنى لو كانت موتته الأولى هي الفراغ من كل شيء،
فلا يكون بعدها بعث ولا حساب ولا جزاء.(77) وقد تكرر وصف ذلك الوقت في
موضع آخر من القرآن، وذلك في قوله تعالى: { فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ
بِيَمِينِهِ (7) فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا }(78)في
هاتين الآيتين الكريمتين بيان حال المؤمن وقت إيتائه كتابه بيمينه، ومحاسبته
حساباً سهلاً هيناً، فلا يناقش فيه ولا يعترض كما يفعل أصحاب الشمال، ثم يتم
التجاوز عنه فيما أساء فيه وأخطأ.(79)هذا بينما يؤتى الكافر كتابه
بشماله، فيكون حاله كما في قوله تعالى: { وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ
ظَهْرِهِ (10) فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا }(80)
في هذه الآيات الكريمة بيان بأن الكافر يعطى كتابه بشماله، وقد وقد
جعلت وراء ظهره، فسوف يصيح بالثبور والهلاك: يا ثبوراه، وسيكون مصيره إلى النار.(81)
٢. المقابلة بينهم في ميزان الأعمال وما يترتب
عليه: وذلك كما في قوله تعالى:
{فأما من ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية وأما من خفت موازينه فأمه هاوية}(82)في
هذه الآية الكريمة مقابلة بين من ثقل ميزان حسناته وكان جزاؤه العيشة الرضية في الجنة
وبين من خف ثقل حسناته فكان جزؤه أن يهوى رأسه في نار جهنم.(83)
٣. المقابلة بينهم في المحصلة النهائية للأعمال: ومن ذلك ما جاء في قوله تعالى: {
الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ
كَبِيرٌ}(84)في هذه الآية مقابلة بين جزاء المؤمنين والكافرين،
فالكافرين لهم عذاب شديد في النار والمؤمنون لهم مغفرة من الله وأجر كبير في
الجنة.(85)
ثانياً- المقابلة بينهم عند لقائهم ربهم:
١. المقابلة بينهم في طريقة قدومهم إليه: ومن
ذلك ما جاء في قال تعالى: { يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ
وَفْدًا (85) وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وِرْدًا }(86)في هذه الآية الكريمة مقابلة
بين طريقتي المؤمنين والكافرين في قدومهم إلى الله، حيث يأتي المؤمنون جمعاً، بينما
يساق الكافرون إلى جهنم عطاشاً.(87)
٢. المقابلة بينهم في حالهم آنذاك: ومن ذلك ما جاء عن حال المؤمنين والكافرين عند
لقائهم ربهم، وذلك كما في قوله تعالى: { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (22) إلى
رَبِّهَا نَاظِرَةٌ(23) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (24) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ
بِهَا فَاقِرَةٌ }(88)في هذه الآيات الكريمات مقابلة بين وجوه المؤمنين
الحسنة من أثر النعمة والناظرة إلى ربها، وبين وجوه الكافرين المسودة الكالحة التي
تعلم أنها سيفعل بها داهية.(89)
ثالثاً- حال المؤمنين في الجنة وحال الكفار في النار: والمتتبع لهذا الأمر سيجد مقابلة بين حال
الفئتين في أمور عدة منها:
1. تهيئة موضع كل من الفئتين لنزول أصحابه فيه:
يقول الله تعالى عن تهيء كل من الجنة والنار لاستقبال أصحابها
ونازليها :
{ وَأُزْلِفَتِ
الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (90) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ }(90)
في هاتين الآيتين الكريمتين بيان بأن الجنة أدنيت وقربت للمتقين، وأن
النار قد أظهرت الذين ضلوا وغووا في الدنيا.(91)
2. طريقة دخول كل منهم إلى موضعه:
قال تعالى عن طريقة دخول الكافرين النار : {سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا
إِلَىٰ جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا
جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ
رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ
يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنْ
حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ }(92)في الآيتين
الكريمتين بيان لكيفية دخول الكفار النار، حيث سيقوا إلى جهنم جماعة جماعة وحزباً
حزباً، ففتحت أبوابها السبعة، وسألهم خزنة النار عن إتيانهم رسل ينذرونهم من يومهم
هذا، فاعترفوا بأنهم قد أنذروا ولكنهم كذبوا فاستحقوا بذلك العذاب، فقال لهم خزنة
جهنم ادخلوا أبواب جهنم السبعة ماكثين فيها لا تنتقلون عنها إلى غيرها.(93)كان
ذلك بيان طريقتهم في دخول النار، وتقابلها طريقة دخول المؤمنين الجنة، والتي
وردت في قوله تعالى:{ وَسِيقَ الَّذِينَ
اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ
أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ
فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ }(94)في الآيتين الكريمتين بيان لطريقة دخول
المؤمنين الجنة، حيث سبقوا في جماعات إلى منازلهم في الجنة، حيث فتحت لهم أبوابها
ورحب بهم خزنة الجنة وبشروهم بالأمان وأن لا يصيبهم مكروه فيها ولا أذى، هذا إلى
جانب خلودهم فيها.(95)
3. طعام وشراب كل من الفئتين:
قال تعالى عن شراب وطعام
أهل الجنة: { يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُّخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ
وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّن مَّعِينٍ (18) لَّا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا
يُنزِفُونَ(19) وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ}(96) في هذه
الآيات الكريمات وصف دقيق لشراب أهل الجنة الذي يطوف به عليم ولدان في سن واحدة،
وهم يحملونه ويقدمونه في أكواب وأباريق، بكؤوس من الخمر التي لا تصدع الرؤوس
بسكرها ولا تذهب بالعقول، هذا إلى جانب طوافهم عليهم بفواكه تخيرونها من ثمار
الجنة بالإضافة إلى لحوم الطير الشهية للنفوس.(97)هذا في مقابل شراب
وطعام أهل النار، والذي ذكر في قوله تعالى:
{
ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ
مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ
عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ
شُرْبَ الْهِيمِ
}(98)
في هذه الآيات الكريمات بيان لطعام أهل النار ألا وهو شجر الزقوم،
والذي يملئون منه بطونهم، ثم يشربون عليه من الحميم المغلي الحار كشرب الرمل
للماء.(99)
4. حال كل من الفئتين في
موضعه النهائي: ومن ذلك ما جاء في
قوله
تعالى: { وَيَوْمَ
تَقُومُ السَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ(14) فَأَمَّا
الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ (15)
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ
فَأُولَٰئِكَ فِي الْعَذَابِ مُحْضَرُونَ }(100)في هذه الآيات الكريمات
يبيِّن الله تعالى تفرق الناس يوم القيامة فيؤخذ أهل الإيمان إلى الجنة مسرورين
مغتبطين بما فيها من رياحين ونباتات وأزهار، بينما يؤخذ الكفار فيجمعوا في النار
ليذوقوا العذاب الذي سبق وأن كذبوا به في الدنيا.(101)وكذلك ذكر حال
المؤمنين يوم القيامة في الجنة في قوله تعالى: { هَذَا ذِكْرٌ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ (49)
جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ }(102)في
الآيتين الكريمتين بيان حسن مرجع المؤمنين ومصيرهم في يوم القيامة، في بساتين
الجنة التي تفتح لهم أبوابها بأمر منهم.(103)هذا في مقابل مآل الكفار
يوم القيامة، والذي ذكر في قوله تعالى: { هَذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ
(55)جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ }(104)وقد
بينت الآيتان الكريمتان سوء مرجعهم ومصيرهم في يوم القيامة، حيث يفترشون النار
وبئساً بها من فرش.(105)وهذا كما في قوله عن أصحاب الجنة: { وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا
أَصْحَابُ الْيَمِينِ(27) فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ(28) وَطَلْحٍ مَّنضُودٍ(29)
وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ
}(106)في هذه
الآيات الكريمات وصف لحال المؤمنين في الجنة بأنهم ثمر سدر قد ذهب شوكه، وموز جمع
بعضه إلى بعض، في ظل دائم لا انقطاع له ولا تذهب الشمس.(107)
هذا في مقابل حال الكفار في النار، وذلك كما في قوله تعالى: { وأَصْحَابُ
الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (41) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (42 (وَظِلٍّ
مِنْ يَحْمُومٍ (43) لَا بَارِدٍ وَلَا كَرِيمٍ (44( }(108)في
هذه الآيات الكريمات ذكر حال الكفار
وأنهم في ظلا من دخان أسود بهيم، ثم نفى
صفة الظل عنه بقوله(لا بارد ولا كريم) لعدم توفر برودة الظل ونفعه فيه.(109)
أثر تنوع أسلوب الخطاب على المخاطبين:
يلاحظ فيما سبق ذكره
أن القرآن قد نوع في أساليب خطابه للتأثير على المخاطبين بغرض دعوتهم إلى الإيمان
بقضيَّة غيبيّة، في وقت كان فيه بعضهم ينكر قضايا عقلية وعقدية واضحة كتوحيد
الإلوهية والإيمان بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى الرغم من أنّ بعضهم
عاند وأصر على الإنكار، إلا أنه نلحظ أثراً ملموساً في تأثرهم بطريقة القرآن عليهم
في هذا الأمر، وذلك كما في الآيات التالية:
1. قال تعالى: { فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ
مُهْطِعِينَ (36) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ (37) أَيَطْمَعُ
كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ }(110)
في تفسير هذه الآيات ذكر بعض المفسرين أن المشركين كانوا يجتمعون حول
النبي صلى الله عليه وسلم يكذبونه ويستهزئون بأصحابه(رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين)،
ومع ذلك كانوا يطمعون في دخول الجنة إن دخلها المؤمنون.(111)وهذا يعني
ضمناً أن الخطاب القرآني قد استطاع أن يصور لهم عالم غيبيَّا حتى أنهم يطمعون في خبايا
أنفسهم في التمتع بمزاياه الحسنة، وإن
أظهروا عنادهم وعدم تصديقهم.
2. قال تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا
مَلَائِكَةً ۙ وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِّلَّذِينَ كَفَرُوا }(112)وفي
هذا الآية ذكر لما ورد من سؤال أبي جهل
لقريش عن إمكانية أن يتكفل كل عشرة منهم بغلبة أحد من خزنة النار.(113)وهذا
ما يشير إلى أنَّهم قد تأثروا بخطاب
القرآن في ذلك، حتى أنَّهم شرعوا في مناقشة كيفيَّة التغلب على أولئك الملائكة
خزنة النار.
الخاتمة:
بفضل الله وتوفيقه جُمِعَتْ مادة هذه
الدراسة، والتي تناولت الأساليب المتَّبع في القرآن المكيِّ فيما يتلَّق بيوم
القيامة وما يحدث فيه، وقد توصَّلت الدراسة من خلال ذلك إلى النتائج التالية:
1. تنوّع أساليب القرآن المكيِّ في تناوله لجزئيات الموضوع، وتمثَّل
ذلك التنوع في أساليب ثلاث هي: أسلوب التصوير الفنيِّ، والأسلوب الخطابيُّ،
والأسلوب التقابليُّ.
2. ولبعض هذه الأساليب أدواته الفنيَّة الخاصة به، فأسلوب التصوير
الفنيِّ يعتمد على التشبيهات، والمجازات، والكنايات، أما الأسلوب الخطابيُّ فيعتمد
على أدوات فنيَّة منها: التكرار، والإظهار في موضع الإضمار، وخطاب الخاص والمراد
به العموم، وذكر العام بعد الخاص، والخطاب التهكُّميُّ، وخطاب الإهانة.
3. كما اعتمد القرآن المكيُّ على طريقة المقابلة أسلوباً قائماً
بذاته، ويظهر فيه المقابلة بين أحوال المؤمنين والمشركين في يوم القيامة.
4. على الرغم من إعراض بعض المشركين عن عقائد الإيمان بصورة عامة
والإيمان باليوم الآخر بصورة خاصة إلا أنه قد ظهر تأثير تلك الأساليب عليهم، حتى
أنَّ بعضهم قد بدأ يطمع في التمتع بالمزايا الحسنة الخاصة بالمؤمنين في ذلك اليوم،
هذا على الرغم من إنكاره وجود ذلك اليوم الآخر، كما أنَّ بعض المشركين قد شرع في
مناقشة كيفية التغلّب على بعض الأهوال التي ستعترضهم في ذلك اليوم، وذلك مثل
نقاشهم حول كيفية التغلب على خزنة النار.
هوامش البحث:
______________________
(1) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت، (ت.
د)، مادة: (سلب)، ج: ١, ص: ٤٧٣.
(2) الزبيدي، السيد محمد مرتضى الحسيني، تاج العروس، تحقيق: علي
هلالي، مطبعة حكومة الكويت، ط: ٢، ١٩٨٧م، مادة: (سلب)، ج: ٣، ص: ٧١.
(3) ابن منظور، لسان العرب، مادة: (خطب)، ج: ١، ص: ٣٦١.
(4) الزبيدي، تاج العروس، مادة: (خطب)، ج: ٢، ص: ٣٧٢.
(5) المرجع السابق، مادة: (قرأ)، ج: ١، ص: ١٣٠.
.(6)
الزبيدي، تاج العروس، مادة: (قرأ)، ج: ١، ص: ٣٧٠
(7) ابن خلدون، ولي الدين عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون،
تحقيق عبد الله محمد الدرويش، دار البلخي، دمشق، ط: ١، ٢٠٠٤م، ج: ٢ ص: ٣٩٧.
(8) المسدي، عبد السلام، الأسلوب والأسلوبية، الدار العربية للكتاب،
طرابلس، ط: ٣، (ت. د)، ص: ٣٧.
(9) المرجع السابق، ص: ٧٠.
(10) مصلوح، سعد، الأسلوب دراسة لغوية إحصائية، عالم الكتب، القاهرة،
ط: ٣، ١٩٩٢م، ص: ٣٨.
(11) مشبال، محمد، البلاغة وأنواع الخطاب، رؤية للنشر، القاهرة، ط:
1، 2017م، ص: 369.
(12) القطان، مناع، مباحث
في علوم القرآن مكتبة وهبة، ط: ٦، (ت. د)، ج: ١، ص: ١٦.
(13) المرجع السابق، ص:
١٦.
.(14)
الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ص: ١٣٢
(15) سورة النساء: الآية:
١.
(16) سورة الحج: الآية:
٧٧.
(17) السيوطي، أبو الفضل عبد
الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، وزارة
الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة، المملكة العربية السعودية، (ت. د)، ج: ١، ص:
(٤٧- ٤٨).
(18) سورة النازعات: الآية: ٤٢.
(19) الطبري، تفسير الطبري، تحقيق: بشار عواد معروف وعصام فارس
الحرستاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط: 1، 1994م ج: ٧، ص: 458.
(20) المرجع السابق، ج: ٦، ص: ٤٨٩.
(21) سورة الشورى: الآية:
١٨.
(22) سورة سبأ: الآية: ٣.
(23) الزمخشري، محمود بن
عمر، تفسير الكشاف، تعليق: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، ط: 3، 2009م، ص:
٨٦٨.
(24) قطب، سيد، التصوير الفني في القرآن، دار الشروق، القاهرة، ط:
17، 2004م، ص: 36.
(25) سورة الرحمن: الآية: ٣٧.
(26) الرازي، فخر الدين بن
ضياء الدين، مفاتيح الغيب، دار الفكر، ط: 1، 1981م، ج: ٢٩، ص: ١١٨.
(27) سورة الانشقاق:
الآية: (3-4)
(28) الزمخشري، تفسير الكشاف، ص: 1189.
(29) سورة النبأ: الآية: 20.
(30) الرازي، مفاتيح الغيب، ج: ٣١، ص: 13.
(31) سورة القارعة: الآية: 4.
(32) الرازي، مفاتيح
الغيب، ج: ٣٢، ص: ٧٢.
(33) الخطيب القزويني،
الإيضاح في علوم البلاغة،، دار الكتب العلمية، بيروت، ط: 1، 2003م، ص: ١٦٤.
(34) سورة الطور: الآية:
(٨-٩).
(35) الرازي، مفاتيح
الغيب، ج: ٣٠، ص: ١٢٥.
(36) سورة القمر: الآية: ٧.
(37) الرازي، مفاتيح
الغيب، ج: ٢٩، ص: ٣٥.
(38) الخطيب القزويني،
الإيضاح في علوم البلاغة، ص: 212.
(39) سورة الانفطار:
الآية: 2.
(40) سلامة، محمد حسين، الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، دار
الآفاق العربية، القاهرة، ط: 1، 2002م، ص: 394.
(41) الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة، ص: 241.
(42) سورة الانشقاق:
الآية: 19.
(43) الطبري، تفسير الطبري، ج: ٧، ص: 491.
(44) سلامة، الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، ص: 397.
(45) الهاشمي، أحمد، جواهر البلاغة، مؤسسة هنداوي سي آي سي، وندسور،
المملكة المتحدة،(ت. د)، ص: 301.
(46) سورة الواقعة: الآية: 3.
(47) الطبري، تفسير الطبري، ج: ٧، ص: 197.
(48) سلامة، الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، ص: 397.
(49) وهبة والمهندس، مجدي
وكامل، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، 1979م، ص: 23.
(50) سورة الحاقة: الآية: (١-٢)
(51) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: ٣٥٧.
(52)أبو حيان الأندلسي،
محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط، تحقيق: عبد الرازق المهدي، دار إحياء التراث
العربي، بيروت، (ت. د)، ج: ٨، ص: ٤٥١.
(53) سورة الانفطار: الآية: (17- 18).
(54) الطبري، تفسير الطبري، ج: ٧، ص: 476.
(55) سلامة، الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، ص: 394.
(56) الزركشي، البرهان في علوم القرآن، ص: ٦٠٤.
(57) سورة الفرقان: الآية:
١١.
(58) سورة المزمل:
الآية: ١٤.
(59) الزركشي، البرهان في
علوم القرآن، ص: ٦٠٨.
(60) سورة النبأ: الآية: ٣٠.
(61) الزمخشري، تفسير
الكشاف، ص: 1175.
(62) سورة فاطر: الآية: ٤٩.
(63) الزركشي، البرهان في
علوم القرآن، ص: ٦٠٨
(64) سورة سبأ: الآية: ٥١.
(65) الزركشي، البرهان في
علوم القران، ص: ٤٥٦.
(66) سورة المعارج: الآية: (١١-١٤).
(67) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: 369.
(68) سلامة، الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، ص: 369.
(69) سورة المرسلات: الآية: (٣٠-٣١).
(70) الزمخشري، تفسير
الكشاف، ص: ١١٧٠.
(71) سورة المؤمنون:
الآية: ١٠٨.
(72) الزمخشري، تفسير
الكشاف، ص: ٧١٦.
(73) الخطيب القزويني،
الإيضاح في علوم البلاغة، ص: ٢٥٩.
(74) سورة الحاقة: الآية:(
١٩-٢٠).
(75) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: ٣٦٢.
(76) سورة الحاقة: الآية:
(٢٥- ٢٧).
(77) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: ٣٦٣.
(78) سورة الانشقاق:
الآية: (٧- ٨).
(79) الزمخشري، تفسير
الكشاف، ص: ١١٨٩.
(80) سورة الانشقاق:
الآية: (١٠- ١٢).
(81) الزمخشري، تفسير
الكشاف، ص: ١١٩٠.
(82) سورة القارعة: الآية
: (6- 9).
(83) الطبري، تفسير الطبري، ج: ٧، ص: 560.
(84) سورة فاطر: الآية: ٧.
(85) الطبري، تفسير
الطبري، ج: 6، ص: 240.
(86) سورة مريم: الآية:
(٨٥-٨٦).
(87) الطبري، تفسير
الطبري، ج: 5، ص: 178.
(88) سورة القيامة: الآية:
(22- 25).
(89) الطبري، تفسير الطبري، ج: ٧، ص: 414.
(90) سورة الشعراء: الآية:
(٩٠-٩١).
(91) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٥، ص: ٥١٥.
(92) سورة الزمر: الآية:
(٧١-٧٢).
(93) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٦، ص: (٤٠٤-406).
(94) سورة الزمر: الآية:
(٧٣-٧٤).
(95) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٦، ص: ٤٠٦.
(96) سورة الواقعة: الآية:
(١٧-٢١).
(97) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: ٢٠٠.
(98) سورة الواقعة: الآية:
(٥١-٥٥).
(99) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: ٢٠٦.
(100) سورة الروم: الآية:
(١٥-١٦).
(101) الطبري، تفسير الطبري، ج: ٦، ص: 96.
(102) سورة ص: الآية: (٤٩-
٥٠).
(103) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٦، ص: ٣٥٤.
(104) سورة ص: الآية:
(٥٥-٥٦).
(105) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٦، ص: ٣٥٦.
(106) سورة الواقعة: الآية: (٢٧- ٣٠).
(107) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: ٢٠٢.
(108) سورة الواقعة:
الآية: (٤١-٤٤).
(109) الزمخشري، تفسير الكشاف، ص: ١٠٧٧.
(110) سورة الطور: الآية:
(36- ٣8).
(111) القرطبي، محمد بن
أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: عبد الله بن عبد المحسن التركي ومحمد رضوان
عرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط: 1، 2006م، ج: 21، ص: 243.
(112) سورة المدثر: الآية:
31.
(113) الطبري، تفسير
الطبري، ج: ٧، ص: 404.
قائمة المراجع:
* القرآن الكريم.
1. أبو حيان الأندلسي، محمد بن يوسف، تفسير البحر المحيط،
تحقيق: عبد الرازق المهدي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (ت. د).
2. الخطيب القزويني، الإيضاح في علوم البلاغة،، دار الكتب
العلمية، بيروت، ط: 1، 2003م.
3. ابن خلدون، ولي الدين عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون، تحقيق
عبد الله محمد الدرويش، دار البلخي، دمشق، ط: ١، ٢٠٠٤م.
4. الرازي، فخر الدين بن ضياء الدين، مفاتيح الغيب، دار الفكر، ط: 1،
1981م.
5. الزبيدي، السيد محمد مرتضى الحسيني، تاج العروس، تحقيق: علي هلالي،
مطبعة حكومة الكويت، ط: ٢، ١٩٨٧م.
.6.
الزركشي، البرهان في علوم القرآن،
7. الزمخشري، محمود بن
عمر، تفسير الكشاف، تعليق: خليل مأمون شيحا، دار المعرفة، بيروت، ط: 3، 2009م.
8. سلامة، محمد حسين، الإعجاز البلاغي في القرآن الكريم، دار الآفاق
العربية، القاهرة، ط: 1، 2002م.
9. السيوطي، أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر، الإتقان في علوم
القرآن، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم، وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة،
المملكة العربية السعودية، (ت. د).
10. الطبري، تفسير الطبري، تحقيق: بشار عواد معروف وعصام فارس
الحرستاني، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط: 1، 1994م .
11. القرطبي، محمد بن أحمد، الجامع لأحكام القرآن، تحقيق: عبد الله
بن عبد المحسن التركي ومحمد رضوان عرقسوسي، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط: 1، 2006م.
12. القطان، مناع، مباحث
في علوم القرآن مكتبة وهبة، ط: ٦، (ت. د).
13. قطب، سيد، التصوير الفني في القرآن، دار الشروق، القاهرة، ط: 17،
2004م.
14. المسدي، عبد السلام، الأسلوب والأسلوبية، الدار العربية للكتاب،
طرابلس، ط: ٣، (ت. د).
15. مشبال، محمد، البلاغة وأنواع الخطاب، رؤية للنشر، القاهرة، ط: 1،
2017م.
16. مصلوح، سعد، الأسلوب
دراسة لغوية إحصائية، عالم الكتب، القاهرة، ط: ٣، ١٩٩٢م.
17. ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، دار صادر، بيروت،
(ت. د).
18. الهاشمي، أحمد، جواهر البلاغة، مؤسسة هنداوي سي آي سي، وندسور،
المملكة المتحدة،(ت. د).
19. وهبة والمهندس، مجدي
وكامل، معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب، مكتبة لبنان، 1979م.
تعليقات
إرسال تعليق