جائحة كورونا وسقوط الأقنعة الأخلاقيَّة


 

جائحة كورونا وسقوط الأقنعة الأخلاقيَّة

أ‌.        محمَّد إبراهيم محمَّد عمر همَّد محمود

 

مقدمة:

     ظهر مرض كرونا(كوفيد-19) في ووهان الصينية في ديسمبر2019، ثم أصبح جائحة اكتسحت معظم دول العالم، وأصبح وباء يهدد وجود البشرية، وذلك لشدة فتكه وسرعة انتشاره، فضلاً عن عدم توفر عقار ناجع يمكن الاعتماد عليه في العلاج من هذا المرض، هذا بالإضافة إلى قلة المعينات على الوقاية منه كالأقنعة الواقية مثلاً، ولكلِّ هذه الأسباب مجتمعة بد أ الهلع يدبُّ في المجتمع البشري، ومظاهر الأنانية البشرية تتجلَّى في أوضح صورها، فبدأ العالم يسمع ويرى ظاهرة قرصنة الدول على معينات الوقاية من المرض، بالإضافة إلى تقييد تصديرها إلى الخارج كما في بعض الدول، كما بدأت بعض الأصوات تتعالى بأن لا مكان لكبار السن في صفوف أجهزة التنفس الصناعيِّ، وذلك لقلة تلك الأجهزة، وقد أظهر كل هذا الخواء الروحيّ والأخلاقيّ الذي يعاني منه المجتمع العالمي.

تعريف جائحة فيروس كورونا:

      جاء في معجم (مقاييس اللغة) عن الجائحة: "الجيم والواو والحاء أصل واحد وهو الاستئصال، يقال: جاح الشيء يجوحه استأصله، ومنه اشتاق الجائحة.".(1)

كما جاء  في معجم (لسان العرب) عن الجائحة: " الشدة والنازلة العظيمة التي تجتاح المال من سنة أو فتنة، وكل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة: جائحة، جاحهم يجوح حوحاً إذا غشيهم بالجوائح وأهلكهم، والجوح الاستئصال: يقال جاحتهم السنة جوحا جياحة وأجاحتهم واجتاحتهم: استأصلت أموالهم.".(2)

     ويتَّضح ممَّا سبق أنَّ معنى الجائحة- بصورة عامة- يدور حول النوازل والشدائد والمصائب العظيمة، والتي تتسبب في إهلاك المال أو استئصاله.

  فتعني باللغة الإنجليزية: جرثوم أصغر من البكتريا.(3) (virus) أمَّا كلمة فيروس

 فتعني باللغة الإنجليزية: هالة، أو إكليل.(4) وهنالك تناسب بين المعنى اللغوي والمعنى  (corona)أما كلمة

الاصطلاحي للكلمة، حيث أنَّ شكل هذا النوع من الفيروسات يشبه الإكليل، فلذلك أطلق عليه هذا الاسم.

تعريف جائحة كورونا(كوفيد-19) اصطلاحا:

       يُقصَد بالجائحة في المجال الطبي الوباء الذي ينتشر على نطاق واسع، وقد وضعت منظمة الصحة العالمية عدَّة مراحل تمرُّ بها الجائحة، وقد حدَّدت منظمة الصحة العالمية ست مراحل لجائحة فيروسات الأنفلونزا تبدأ من انتشار الفيروس بين الحيوانات والطيور مع عدم التبليغ عن إصابة بشرية به، وتنتهي بانتشاره في بلد أو إقليم آخر غير الذي بدأ فيه الوباء.(5)

(كوفيد- 19) فهو كلمة منحوتة من الأحرف الأولى لثلاث  كلمات هي:(COVID-19)أما  

        (corona)أُخِذَ منها الحرفان الأول والثاني،

 أُخِذَ الحرفان الأول والثاني، (virus)وكلمة 


(disease)  كما أُخِذَ الحرف الأول من كلمة

 

 يشير إلى العام الذي اكتُشِفَ فيه المرض، الأ وهو ، أمَّا الرقم (19) فهو(COVID) لتكون هذه الأحرف الجديدة مجتمعة كلمة

العام (2019م).

.(6) ثم أعلنت اللجنة الدولية (novel coronavirus 2019)      وقد أُطلِقَ عليه في البداية

لتصنيف الفيروسات الاسم الرسمي للفيروس الجديد وهو اسم (فيروس كورنا 2 المسبب لمتلازمة الالتهاب

، وذلك بتاريخ 11/فبراير/ شباط/ 2020م، كما أطلقت  (SARS-COV-2)الرئوي الحاد الوخيم)

عليه منظمة الصحة العالمية اسم(المرض الذي يسببه فيروس كورونا(كوفيد- 19))، واستخدمت اسم (الفيروس المسبب لمرض (كوفيد-19)) أو اسم(فيروس مرض كوفيد-19) للإشارة إلى الاسم الرسمي للفيروس، وذلك تفادياً للذعر الذي قد يسببه اسم(سارس) لبعض الناس، وخاصة الآسيويين الذي عانوا من تفشي مرض (سارس) في العام 2003م، دون أن تريد به استبدال الاسم الرسمي للفيروس والذي أطلقته عليه اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات.(7)

      وينتمي فيروس كورونا (كوفيد - 19)إلى سلالة فيروسية واسعة الانتشار تسبِّب المرض للحيوان والإنسان، وتصيب عدواها الجهاز التنفسي، وتتراوح شدَّتها وخطورتها بين نزلات البرد الشائعة وحتى متلازمة الشرق الأوسط(ميرس)، والمتلازمة التنفسية الوخيمة(سارس)، أمَّا فيروس كورونا(كوفيد-19) فهو آخر فيروسات سلالة كورونا اكتشافاً، ولم يُعرف من قبل ظهوره لأول مرة في مدينة ووهان الصينية في كانون الأول/ ديسمبر 2019م

مسبِّباً مرضا يحمل الاسم نفسه(مرض كوفيد-19)، وينتشر هذا المرض بين الأشخاص عن طريق التقاط الشخص السليم عدوى (كوفيد- 19) من الشخص المصاب بوساطة القطيرات الصغيرة التي يفرزها أنف المصاب وفمه، وهي قطيرات ثقيلة نسبياً، ولا يمكنها الانتقال بعيداً، بل تسقط على الأرض سريعاً، وربما تسقط تلك القطيرات على ما يحيط بالمصاب من أسطح وطاولات ومقابض  أبواب ودرابزين سلالم ونحوه، لذا من الممكن انتقال الفيروس إلى الشخص السليم بعد ملامسة تلك الأسطح والأغراض الملوثة، ومن ثم ملامسة أنفه أو فمه أوعينه، ومازالت الأبحاث والدراسات مستمرة في البحث عن طرق انتقال الفيروس.

أعراض مرض(كوفيد-19): 

       تتمثَّل أكثر أعراض الم شيوعاً في الحمى والإرهاق والسعال الجاف، وهنالك أعراض أخرى أقل شيوعاً تصيب بعض المرضى ومنها: احتقان الأنف، والتهاب الملتحمة، والصداع، وألم الحلق، بالإضافة إلى فقدان حاستي الشم والذوق، فضلاً عن ظهور طفح جلدي وتغير في لون أصابع اليدين والقدمين.

وهذه الأعراض غالباً ما تكون خفيفة وتبدأ بشكل تدريجيّ، كما يصاب بعض الناس بعدوى المرض دون أن يشعروا بتلك الأعراض إلا بصورة خفيفة جداً، ويتعافى حوالي 80٪ من المصابين بهذا المرض دون الحاجة إلى علاج خاص، بينما تشتد أعراض المرض لدى شخص واحد من كلّ خمسة أشخاص مصابين بالمرض، ليعاني هذا المصاب من صعوبة في التنفس، كما تزداد مخاطر الإصابة بمضاعفات خطيرة بين كبار السن والأشخاص الذين يعانون من مشاكل صحية أخرى كالإصابة بأمراض مثل: السكري، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب والرئة، والسرطان.(8)

ظهور المرض وانتشاره في الصين:

     كانت أول ملاحظة لبعض أعراض المرض في الأول من ديسمبر/ كانون الأول/2019م، وذلك بحسب ما ذكرت دورية (ذى لانسيت الطبية)، ولكن مع ذلك هنالك اعتقاد بأن ظهور فيروس (كوفيد -19) في الصين لأوَّل مرة كان في نوفمبر/تشرين الثاني/2019م.

     وبتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول بلغ طبيب صيني-  يعمل في مقاطعة هوباي- السلطات الصينية بظهور مرض يشبه (السارس)، وحينها كانت حالات الإصابة بهذا المرض في تزايد، إلى أن أنذرت لجنة الصحة في ووهان

المستشفيات المحلية بوجود التهاب رئوي مجهول السبب، وكان ذلك بتاريخ 30 ديسمبر/ كانون الأوَّل، وقد طلبت لجنة الصحة من تلك المستشفيات التبليغ عن أي حالات اشتباه بالمرض قد زارتها في غضون الأسبوع الماضي. وقد تلقت آي فين- طبيبة رئيسية في مستشفى ووهان المركزي- نتائج طبية لمريض يشتبه إصابته بفيروس كرونا، وقد شاركت آي فين صورة تلك النتائج الطبية مع طبيب آخر في المنطقة، ومن ثم انتشرت تلك الصورة في الوسط الطبي في ووهان، مما أدى في النهاية إلى انتشار تقارير على مواقع التواصل الصينية(ويبو) تتحدث عن ظهور التهاب رئوي يسببه فيروس مميت.وبتاريخ 31ديسمبر/ كانون الأول/ 2019م أكدت السلطات الصينية تحقيقها في (27) حالة لالتهاب رئوي فيروسي، وقد  أرسلت السلطات فريق طبي للخبراء إلى تلك المنطقة، كما أكدت السلطات  وجود  سبعة أشخاص في حالة حرجة، وتم التبليغ لمنظمة الصحة العالمية، وحتى ذلك الحين لم يسجَّل بعد انتقال المرض من شخص لآخر. وفي الأول من يناير/ كانون الثاني /2020م  نشر طبيب من ووهان على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية(وي تشات) ما فحواه أنَّهم يكافحون التهاباً رئوياً غامضاً. وقد وبَّخت اللجنة التأديبية في مستشفى ووهان الطبيبة آي فين على نشرها شائعات تتعلق بالمرض، وبنفس التهمة احتجز مكتب الأمن العام في ووهان ثمانية أشخاص ، وذلك لنشرهم شائعات حول الفيروس في البرنامج الإخباري الصيني(شينون ليانبو) وهو برنامج يتابعه الملايين، كما أغلقت السلطات الصينية سوق(هوانان) للمأكولات البحرية بالجملة، وذلك لأنه كان مصدراً  لبعض الحالات المشتبهة بالمرض،  وحينها  وضعت منظمة الصحة العالمية نفسها في حالة طوارئ للتعامل مع تفشٍ محتمل للمرض.

      وفي الثالث من يناير / كانون الثاني/ 2020م بدأت بعض الادعاءات بشأن المرض تلقى رواجاً في مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، ومن تلك الادعاءات: أن السلطات الصينية تمنع فريق المستشفى من الحديث عن الفيروس، وبتاريخ الخامس من يناير/ كانون الثاني/ 2020م صرحت السلطات الصينية بعدم انتقال المرض من شخص لآخر، وكانت تلك أول معلومة عامة تعرضها السلطات فيما يتعلق بالمرض حتى ذلك الوقت.

      وبتاريخ السابع من يناير/ كانون الثاني/ 2020م بدأت السلطات الصينية تناقش المرض في أعلى مستوٍ لها، حيث ناقش الرئيس -شين جين ينغ- تفشي المرض في اجتماع اللجنة الدائمة للمكتب السياسي للحزب، وقد أشاروا في اجتماعهم إلى بالفيروس منذ وقت مبكر، وقد أرسلت السلطات الصينية فريق خبراء ثانٍ للتحقيق في تفشي المرض، وكان ذلك بتاريخ الثامن من يناير/كانون الثاني/ 2020م وبتاريخ التاسع من يناير/ كانون الثاني/ 2020م أعلنت الصين عن جينوم الفيروس، مؤكدة على علاقته بفيروسي (سارس) و(ميرس)، وبهذا أصبح العلماء قادرين على تطوير اختبارات للفيروس.

      وفي  الفترة (11- 17) يناير/ كانون الثاني/2020م بدأ الحزب الشيوعي الصيني في عقد لقاءاته السنوية السياسية لمقاطعة هوباي، وذلك في ظل عدم وجود تقارير عن ارتفاع الحالات في تلك الفترة، هذا وقد صرَّحت  منظمة الصحة العالمية بتاريخ14 يناير/ كانون الثاني/ 2020م  بعدم انتقال المرض من إنسان إلى آخر استناداً على التحقيقات الأولية الصينية التي تتعلَّق بالمرض. ولا حقاً تراجعت الصين عن ذلك بإعلان إمكانية انتقال الفيروس من إنسان لآخر،  وذلك في تصريح لخبراء  للجنة الوطنية الصينية للصحة بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني/ 2020م. وفي الفترة (20- 21) يناير/ كانون الثاني أرسلت منظمة الصحة العالمية بعثة من الخبراء لإجراء فحوصات ميدانية في ووهان، وقد وجدت البعثة من الأدلة ما يكفي لتأكيد حدوث المرض بانتقال الفيروس من إنسان لآخر، كما أشارت البعثة إلى الحاجة إلى إجراء مزيد التحاليل. وقد ظل الإعلام الحكومي الصيني يتجاهل المرض أو يقلل من شأنه طوال تلك الفترة، مركزاً على موضوعات أخرى لا علاقة لها بالمرض كالتخطيط للسنة القمرية الجديدة،  كان ذلك حتى أشارت صحيفة(يومية الشعب)-الصحيفة الرسمية للصين- إلى فيروس كورونا، وما يبذله الرئيس من جهود للتصدي له، وكان ذلك أول ذكر للفيروس في الإعلام الحكومي بتاريخ 21 يناير/ كانون الثاني/ 2020م، وقد أكد الإعلام الحكومي حينها وجود(291) حالة للإصابة بفيروس كرونا. ونتيجة للضغط الدولي بشأن التستر المحتمل عن الفيروس حذرت اللجنة السياسية في بكين للقانون والنظام من التستر  أو التعمد أو التأخر في التبليغ عن المرض. وبتاريخ 23 يناير/ كانون الثاني/ 2020م وضعت ووهان والمدن المجاورة لها قيد الإغلاق العام، كما شرعت الحكومة في بناء مستشفيين جديدين في الفترة(23- 25) يناير/ كانون الثاني 2020م، كما منعت السلطات الصينية تجارة الحيوانات البرية في جميع أنحاء البلاد، وذلك اعتباراً من 24 يناير/ كانون الثاني/ 2020م. وقد احتفلت الصين بعطلة السنة القمرية الجديدة في الفترة(24- 30) يناير / كانون الثاني/ 2020م، وقد سافر ملايين الناس في أنحاء البلاد آنذاك، كما طلبت السلطات الصينية من المسافرين إلى خارج البلاد الإعلان عن حالتهم الصحية. وبتاريخ 28 يناير/كانون الثاني/ 2020م التقى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية- تيدروس غيبر يسوس- بالرئيس الصيني، وناقش معه حالة الوباء، وقد أكد له أنه يمثل الأولوية القصوى للمنظمة. وبتاريخ 30 يناير/ كانون الثاني/ 2020م أعلنت منظمةالصحة العالمية أنَّ فيروس كورونا قد أصبح حالة طوارئ صحية عامة عالمية، وذلك عقب تسجيل (82) حالة مؤكدة للإصابة بالفيروس خارج حدود الصين.

انتشار الفيروس في أنحاء العالم:

     بدأ انتشار المرض في العالم قبل أكثر من أسبوعين من إعلانه حالة طوارئ صحية عامة عالمية من قبل منظمة الصحة العالمية بتاريخ 30 يناير/ كانون الثاني/ 2020م، وذلك عند عودة أحد المرضى من ووهان إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليكون أول حالة إصابة بالمرض فيها، وكان ذلك بتاريخ 15 يناير/ كانون الثاني/ 2020م، كما أعلنت كوريا الجنوبية الحالة الأولى فيها للإصابة بالمرض بتاريخ 20 يناير/ كانون الثاني/ 2020م.

      كما سجَّلت أول حالة في سنغافورة والولايات المتحدة بتاريخ 21 يناير/كانون الثاني/2020م، وكذلك تسجيل أول حالة في كل من فيتنام وماكاو بتاريخ 23 يناير/كانون الثاني/ 2020م، كما سجلت أول حالتين في أوربا وتحديداً في فرنسا بتاريخ 24 يناير/ كانون الثاني/ 2020م، هذا وقد سجَّلت هونج كونج خمس حالات إصابة بتاريخ25 يناير/ كانون الثاني/2020م، كما سجلت خمس حالات مؤكدة في أستراليا بتاريخ 27 يناير/ كانون الثاني/2020م، بالإضافة إلى تسجيل إصابات جديدة في كل من سريلانكا، وكندا، وكمبوديا، وتيوان بتاريخ  27 يناير/ كانون الثاني/2020م.(9)ثم أصبح الوباء ينتشر في أنحاء متفرقة مز العالم، فقد سجلت أول حالة في فلندا في أواخر يناير/ كانون الثاني/ 2020م، وذلك لسائحة صينية قادمة من ووهان إلى مدينة لابي الفنلندية، كما سجلت لبنان أول إصابة بالفيروس بتاريخ 21/ فبراير/ شباط/ 2020م، وذلك لحالة قادمة جوّاً من مدينة قم الإيرانية، وبتاريخ 26 فبراير/ شباط/ 2020م سجَّلت أوَّل حالة في  الجزائر لرجل إيطالي دخل البلاد بتاريخ 17 فبراير/ شباط/2020 م، وكذلك سُجِّلَت الحالة الأولى في النرويج لرجل عائد من الصين، والحالة الأولى في اليونان لرجل عائد من إيطاليا، كما سُجِّلَت أوَّل حالة في البرازيل بذات التاريخ ، هذا بالإضافة إلى تسجيل حالتين لأوَّل مرة بدولة باكستان في ذات اليوم.(10)

 بتاريخ 11مارس/ آذار/ 2020م  أعلنت منظمة الصحة العالمية مرض كورونا (كوفيد-19) جائحة عالمية، وقد أكَّد الأمين العام للمنظمة تيدروس أدهانوم أنَّه لم يَرَ جائحة يشعلها فيروس كورونا من قبل، كما لم يشهد جائحة تمتَّ السيطرة عليها من قبل، منوِّهاً إلى أنَّ إعلان المرض جائحة عالمية لا يعني بالضرورة تغيُّر مطلوبات المنظمة من الدول الأعضاء في سبيل مكافحة الفيروس، وقد بلغت الإصابات بالفيروس آنذاك 113752 حالة منتشرة في أنحاء متفرقة حول العالم، بينما بلغت نسبة الوفيات بالفيروس 4018 حالة وفاة.(11)

التعامل غير الأخلاقي للصين في مكافحة المرض:

     أشاد تيدروس أدهانوم غبريسيوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية لإبلائها الحسن في مكافحة الفيروس، وتعاونها التام مع المنظمة، ولكن هنالك أصوات عالية بدأت تتحدَّث عن مسؤولية الصين في انتشار الفيروس، وكلُّ تلك الأصوات تتَّفق في تحميل الصين مسؤولية تفشي الوباء إلا أنَّها تختلف في توصيف كيفية إسهام

الصين في انتشاره، وتتلخَّص كلُّ تلك الأصوات الناقدة في اتجاهين رئيسيَين هما:

الاتجاه الأول- الصين صنعت الفيروس:

ويرى أصحاب هذا الاتجاه أن سبب جائحة كورونا هو تسرب الفيروس من المعامل الصينية في ووهان، ومن ثم انتشاره في جميع أنحاء العالم،

وذلك بعد أن أحدثت الصين طفرة في شفرته الجينية، ومن  أصوات هذا الاتجاه السير ريتشارد ديرلوف- المدير السابق لجهاز المخابرات البريطانية، والذي صرَّح في مقابلة له مع صحيفة التلغراف أنَّ جائحة كورونا بدأت بتسرُّب الفيروس من معامل الصين، وأنَّ هذا الاكتشاف سيزيد من احتمال دفع التعويضات التي ستدفعها الصين، نتيجة للموت والخراب الاقتصادي الذي أحدثه تفشي الوباء، وقد استند ريتشارد ديرلوف في اتِّهامه على ورقة علمية نشرها فريق أبحاث مشترك بريطاني نيرويجي، ومن أبرز مؤلفي الورقة البروفيسور أنجوس دالغليش من مستشفى سانت جورج في جامعة لندن، وبيرغر سورنس عالم الفيروسات النرويجي، وقد توصَّلت الدراسة إلى أدلَّة تؤكد حدوث تغيير في التسلسل الجيني للفيروس، وإدخال عناصر فيه،

وربَّما لم الفيروس يتطوَّر بشكل طبيعي.(12) وهذا الاتهام قد لمَّح به أيضاً بعض كبار الساسة الأمريكيين حيث أشاروا إلى أنَّ مصدر الفيروس مختبر في ووهان، وقد كان ذلك المختبر يقوم بأبحاث تتعلَّق بالخفافيش.(13) كما ذكرت محطة  فوكس نيوز  في تقرير لها  أن الفيروس ظهر لأول مرة في مختبر ووهان، ولكن ليس كسلاح بيولوجي بل كجزء من إظهار قوة الصين في مواجهة الفيروسات مقارنة بالولايات المتحدة الأمريكية، وقد انتقل الفيروس من الخفاش إلى أول بشري في مختبر ووهان، ثم انتشر في بقية أنحاء المدينة.( 14) وقد نفت الصين صحة تلك التقارير التي تتهمها بتصنيع الفيروس، كما رفضها معهد الفيروسات في ووهان،  واتهم مسئولون صينيون الولايات المتحدة الأمريكية بالتسبب في نشر الفيروس في ووهان، وقد كتب ليجيان زاهو- الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية- مطالباً الولايات المتحدة الأمريكية بالوضوح، وإتاحة البيانات الخاصة بالفيروس للجميع.

       وهذا الاتهام المتبادل بين الصين وبعض الدول يخرج بقضية تصنيع الفيروس من سياقها العلمي، فبدلاً من كونها قضية علمية محضة، يجب أن تستند على الأدلة العلمية- أصبحت قضية سياسية تتبادل الدول الاتهامات بخصوصها، وبالعودة إلى فحص تلك الاتهامات سنجد أنَّ الاتهام الأمريكي لم يصحب بالأدلة التي يستند عليها، بل سنجد أن الأمريكيين يغيرون من موقفهم بخصوص تسبب الصين في نشر الفيروس، حيث قالت المخابرات الأمريكية أن الفيروس مصدره الصين، إلا أنه لم يكن نتاج تدخل بشري أو تعديل جيني،(15) كما ذكرت أيضاً في تصريح آخر لها أنها لم تتمكن من التأكد بعد بأن انتشار الفيروس كان قد بدأ من مختبر ووهان، كما أن وزير الخارجية الأمريكي جورح  بومبيو قد ذكر بأنهم ليسوا على يقين من أن الصين قد صنعت الفيروس ولكن هنالك أدلة قد تشير إلى ذلك. كذلك صرح أنتوني فاوتشي- كبير أطباء البيت الأبيض-  بأنَّ الفيروس قد تطوَّر في الطبيعة،(16)وهذا يعني لا صحَّة لاتهام الصين بصناعة الفيروس ونشره، وبذلك يكون الاتهام الأمريكي غير صحيح حتى تصل الولايات المتحدة الأمريكية إلى يقين بشأنه، وحتى تُخرِج تلك الأدلة التي تملكها إلى العلن وحتى يتمَّ التأكُّد من حقيقتها ومصداقيتها بواسطة الخبراء.

أما اتهام المدير السابق- للاستخبارات البريطانية- للصين فيبدو أنَّه يستند على دراسة علمية، قد تصلح دليلاً على الاتهام إنْ صحت وأثبت أنَّها تقيم الأدلة القوية على ذلك، ولكن هذه الدراسة تحوم الشبهات حول مصداقيتها، وذلك بعد أن طلب أحد مؤلفيها سحب اسمه منها ألا وهو جون فريدريك موكسنيس(كبير المستشارين العلميين في الجيش النرويجي)، كما رفض استنتاجات تلك الدراسة  علماء معهد (فرانسيس كريك وإمبريال كوليج)،(17) وبذلك يصبح الاستناد على تلك الدراسة في توجيه الاتهام إلى الصين ضعيفاً، وذلك لما يحوم حولها من شكوك مع وجود دراسات تؤكِّد عدم صناعة الفيروس.

الأمريكية والتي حللت  (Nature Medicine)  ومنها الدراسة التي نشرت في مجلة

فيروس كورونا المستجد بالإضافة إلى أربعة فيروسات أخرى منها: (سارس)(المتلازمة التنفسية الحادة الوخيمة)، و(ميرس)(متلازمة الشرق الأوسط التنفسية)، وقد وجد الباحثون  أنَّ الفيروس مماثل للفيروسات التي اكتشفت في الخفاش وآكل النمل،(18) أما الاتهام الذي يتحدث عن تسرُّب الفيروس من مختبر  ووهان دون أن يكون سلاحاً بيولوجياً فهو يستند على أنَّ مركز الفيروسات في ووهان سبق أن أجرى أبحاثاً تتعلَّق بفيروس كورونا في الخفاش، إلا أنَّ تلك تمَّت بطريقة قانونية سليمة، ونشرت نتائجها في مجلات دولية،(19) وليست سراً تخفيه الصين، فالتعويل على وجود أبحاث كهذه في مختبر مركز ووهان وحده ليس دليلاً كافياً على أنَّ الصين قد صنعت الفيروس، وخاصة أنَّ الخبراء في هذا المجال يؤكِّدون على طبيعية التسلسل الجيني للفيروس، وعدم وجود ما يشير إلى التدخل البشري في تطوُّره.

الاتجاه الثاني- الصين تستَّرت على الوباء:

 ويرى أصحاب هذا الاتجاه أنَّ الصين لم تصنع الفيروس في مختبراتها، ولكنها تستَّرت على انتشاره في البداية، ثمَّ تختلف تقديرات أصحاب هذا الاتجاه في بداية ظهور الوباء في الصين، وما يترتَّب على ذلك من تحديد الفترة التي أخفت فيها الصين انتشاره في أراضيها قبل أن ينتشر في بقيَّة دول العالم الأخرى، ومن الأخبار عن تستُّر الصين ما أوردته دراسة مدرسة  هارفاد الطبية التابعة لجامعة هارفاد الأمريكية، وقد اعتمدت الدراسة على أمرين أحدهما:

تحليل بيانات صور الأقمار الصناعية النشطة لمناطق قرب ستة مستشفيات في ووهان، والآخر: تحليل لكلمات البحث الأكثر شيوعاً على محركات البحث الصيني، وبالنسبة للأمر الأوَّل قامت الدراسة بالتأكُّد من كميَّة اكتظاظ السيارات بالقرب من تلك المستشفيات في الفترة(أغسطس- ديسمبر)، فوجدت الدراسة أنَّ نسبة امتلاء خمسة مستشفيات- من أصل ستة مستشفيات شملتها الدراسة- كانت عالية في شهري سبتمبر وأكتوبر، كما لاحظت  الدراسة قفزة في نسبة اكتظاظ السيارات في تلك المواضع اعتباراً من أغسطس لتبلغ ذروتها في ديسمبر، وبخصوص الأمر الآخر، البحث في أكثر الكلمات شيوعاً في محركات البحث الصيني(بايدو)، لاحظت الدراسة أنَّ البحث عن كلمتي (إسهال) و(سعال) ظل في ارتفاع قبل ثلاثة أسابيع من تفشي الوباء في أوائل يناير/ كانون الثاني/2020م. وبذلك استنتجت الدراسة من هذين المؤشِّرين أنَّ الفيروس قد ظهر في الصين منذ أغسطس/ آب/2019م، وعلى الرغم من أنَّ الدراسة لا تؤكِّد على أنَّ هذين الأمرين يرتبطان بفيروس كورونا، ولكنها أكدت أنَّ هذه النتائج قد تفيد في تعضيد الدراسات التي تذهب إلى أنَّ الفيروس قد ظهر في تلك الفترة.(20)

وقد شكَّلت هيئة البي بي سي فريقاً لتقصِّي الحقائق بخصوص تلك الدراسة، وقد ضمَّ الفريق كلّاً من: كريستوفر غيلس، وبنجامين ستريك، وواينون سونغ، وقام الفريق باستخدام أدوات البحث على موقع (بايدو)، وبحث الفريق عن كلمة (إسهال) فوجدها الكلمة الأكثر شيوعاً في البحث عنها في ووهان، إلا أنَّ البحث عنها قد انخفض في شهر أغسطس، كما بحثوا عن كلمات أخرى لها علاقة بالفيروس التاجي مثل: (حمى)، و(صعوبة التنفس)، فوجدوا أنَّ البحث عن كلمة (حمى) زاد بمقدار ضئيل بعد أغسطس، وكذلك الأمر بالنسبة لكلمة(سعال) المستخدمة في الدراسة، كما انخفضت معدلات البحث عن (صعوبة التنفس) في تلك الفترة، ليعني هذا كله أنَّ الاعتماد على شيوع كلمة(إسهال) وحدها مؤشِّراً على انتشار الفيروس التاجي يثير كثيراً من الأسئلة. وبخصوص صور الأقمار الصناعية لازدحام مواقف السيارات على مقربة من المستشفيات الستة- وجد الفريق عيوباً في ذلك التمثيل والتحليل، ومنها أنَّ الدراسة قد ذكرت بأنَّها استبعدت الصور التي تغطيها ظلال المباني وتظهر فيها الأشجار، وذلك لتوخِّي الدقة في العدد دون زيادة أو نقصان، وهنا وجد الفريق أنَّ بعض الصور المنشورة تظهر  بعض مواقف السيارات تغطيها مبانٍ عالية ممَّا يعني عدم إمكانية إحصاء السيارات بكلِّ دقة، هذا بالإضافة إلى وجود بعض المواقف تحت الأرض لا يمكن أن تظهر في تلك الصور، وذلك كما في موقف مستشفى (تيانيو)، هذا بالإضافة إلى الشكوك التي تحوم حول اختيار المستشفيات الستة عينة للدراسة، لأنَّها تتضمَّن مستشفى هوبي للنساء والأطفال، والمعلوم أنَّه من النادر أن يحتاج الأطفال للعلاج  في المستشفي من مرض كوروني، وقد ردَّ الباحثون بأنَّه حتى لو استُبعِد ذلك المستشفى من الإحصائية- فإنَّ نتائجهم تظلُّ تظهر زيادة واضحة، ولكن الفريق يرى أنَّه كان على الباحثين التأكُّد من ذلك عبر إجراء إحصائيات مماثلة للمستشفيات خارج ووهان، وإجراء المقارنة بينها وبين تلك الإحصائيات لمزيد من الدقَّة والتأكُّد. وبناء على ما سبق ذكره من أنَّ الدراسة سبق أنَّ صرَّحت بأنَّها لا تكفي دليلاً لانتشار كورونا في الصين منذ أغسطس، وإنِّما تصلح مؤشراً يفيد الدراسات التي تذهب في هذا النحو، ونتيجة لما ظهر بالدراسة من عيوب تشكِّكك في نتائجها- فإنَّها لا تصلح مؤشراً للدلالة على أنَّ الفيروس التاجي قد ظهر في الصين منذ أغسطس/ آب/ 2019م.(21)

باللغة الإنجليزية قد ذكرت  الصينيَّة والتي تصدر(South China Morning Post كما أنَّ صحيفة (

أنَّها اطلعت على السجلات الرسمية للإصابة بفيروس كورونا المستجد، ووجدت أنَّ أوَّل حالة قد سجلت لمريض في الخامسة والخمسين من عمره بتاريخ 17/نوفمبر/ تشرين الثاني/ 2019م، ومنذ ذلك التاريخ بدأ تسجيل حالات جديدة بمعدل(1-5) حالات يومية، ليبلغ  العدد الإجمالي لحالات الإصابة (27) حالة في 15ديسمبر/ كانون الأول/2019م، وسُجِّل أوَّل عدد من رقمين للحالات في 17/ ديسمبر/ كانون الأول/ 2019، ليبلغ العدد الإجمالي (60) حالة مؤكدة في 20 ديسمبر/ كانون الأول/2020م،  وبتاريخ 27 ديسمبر/ كانون الأول/2020م أبلغ الدكتور تشانغ جيكسيان السلطات أنَّ المرض ناجم عن فيروس كروني جديد، وحتى آخر يوم في العام 2019م بلغ عدد الحالات المؤكدة (180) حالة، قبل أن يرتفع إلى(381) حالة في أول يوم من العام الجديد 2020م.(22)

وفي مقابلة للدكتور زونغ ناتشان- كبير مستشاري الصحة في الصيىن- مع شبكة سي أن أن الإخبارية أكد على أنَّ سلطات بلاده لم تعلن الحقيقة بخصوص الفيروس التاجي في البداية، وأنَّه قد ارتاب في عدد الحالات المعلنة رسمياً، والتي لم تتجاوز (41) حالة لأكثر من عشرة أيام، هذا في وقت ظهرت فيه إصابات جديدة في الخارج، لذلك طلب زونغ من السلطات اطلاعه على الأرقام الحقيقية لعدد الإصابات، إلا أنَّ المسئولين كانوا متردِّدين في ذلك في البداية، وهذه الشهادة من زونغ  الشهير- ببطل سارس- تعني أنَّ الحكومة كانت تتكتَّم في أخبار انتشار الفيروس الجديد، ويعضُّد هذه الشهادة حديث عمدة مدينة ووهان عن أنَّ السلطات لم تبلِّغ الناس بالمعلومات الخاصة بالمرض في الوقت المناسب، لأنَّه لم يكن مسموحاً له ولا لغيره الإدلاء بالمعلومات دون إذن.(23)

المنظمة في قفص الاتهام:

      وُضِعَتْ منظمة الصحة العالمية وأمينها العام تيدروس أدهانوم  في موضع الاتهام بالتقصير والتحيز والتستُّر على الصين، وذلك فيما يتعلق بتفشِّي الفيروس، وأبرز تلك الاتهامات ما ورد على لسان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والذي اتهم المنظمة بالفشل والانحياز للصين، وقد هدَّد ترامب بتعليق المساهمة المالية التي يقدمها بلده للمنظمة، وذلك في مؤتمر صحفي له بتاريخ 7 إبريل/نيسان/2020م، كما اتهم المنظمة بالتقصير والخطأ في تغريدة له قال فيها: "لحسن الحظ رفضت نصيحتهم بشأن إبقاء حدودنا مفتوحة أمام الصين في وقت مبكر، لِمَ أقدَّموا لنا هذه النصيحة الخاطئة.؟".ولم يكن ترامب وحده من وجَّه النقد للمنظمة فقط انضم لآخرين سبقوه في هذا الاتجاه، ومنهم تشن شين جين نائب رئيس تايوان، والذي اتهم المنظمة بالتقصير والتستُّر، وذلك لأنَّ بلاده بلغت المنظمة- في أواخر ديسمبر/ كانون الأول/2019م- بمعلومات عن انتقال العدوى إلى عاملين بمستشفى ووهان، ممَّا يعني أنَّ المرض معدٍ وأنَّ الصين تتستر على ذلك، ولكن المنظمة لم تهتم بذلك.كما سبق أن اتهم نارو أسو- نائب رئيس الوزراء الياباني- مدير المنظمة بالتقصير والتقاعس، وطالبه بتقديم استقالته من المنصب، لأنَّه غير ملائم له، وإنَّ أداءه غير كافٍ في التعامل مع الوباء، ووصل الأمر بأسو أن وصف منظمة الصحة العالمية بمنظمة الصحة الصينية في مارس/آذار/2020م، وذلك في معرض حديثه  عنها بقوله: "باختصار أهي منظمة الصحة العالمية أم منظمة الصحة الصينية؟ إن الأصوات بخصوص تحولها إلى منظمة صحة صينية باتت تسمع كثيراً.".(24)

     وكان لتلك الانتقادات التي وجهت للمنظمة من هنا وهناك- أثرها البالغ في توسيع دائرة المشكِّكين في أداء المنظمة، حيث قام 800 ألف شخص بتوقيع عريضة على موقع (تشانج) للعرائض الإلكترونية موجهة للأمين العام للأمم المتحدة تطالبه بإقالة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس من منصب رئاسة المنظمة، والذي اتضح أنَّه غير

مناسب له، بالإضافة إلى كونه يتحمل جزء من مسؤولية انتشار الفيروس، وذلك برفضه إعلان حالة الطوارئ العالمية في يوم 24 يناير/ كانون الثاني/2020م، ممَّا أدى إلى تضاعف عدد الوفيات بالفيروس إلى خمس أضعاف في ظرف خمسة أيام.(25)

ولم تلزم المنظمة الصمت تجاه التهم الموجهة إليها، فقد دافعت عن نفسها، ومن ذلك ردُّ رئيس المنظمة تيدروس أدهانوم على اتهامات ترامب، ومطالباً له بالتوقف عن تسييس كورونا، داعياً الجميع لوحدة الصف تجاه كورونا، هذا مع التأكيد على أنَّ التمويل الأمريكي للمنظمة سيستمر. كما دافع عن المنظمة الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش، وذلك بوصفه لانتشار فيروس كورونا بأنَّه أمر غير مسبوق، وأنَّ أمر تقييم التعامل معه لم يحن بعد، بل يجب أن يترك للمستقبل، وهذا ما يعني ضمناً أنَّ المنظمة لم تقصر في مكافحة المرض، وأنَّ تفشي المرض فاق توقعاتها، أو على الأقل أنَّ الوقت غير ملائم للتساؤل عن تقصير المنظمة من عدم تقصيرها في التعامل مع انتشار الفيروس. كما انضم إلى قائمة المدافعين عن المنظمة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وذلك في اتصال له مع رئيسها بتاريخ 8 إبريل/ نيسان/2020م، وقد أكَّد خلال اتصاله به على دعمه للمنظمة، كما أظهر رفضه لأن يراها ضحية لحرب سياسية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية.(26)

وبعيداً عن تسييس فيروس كورونا، وما نتج عنه من اصطفاف مع المنظمة أو ضدها من الممكن التأكُّد من صحة تلك الانتقادات من عدمها، وذلك بقياس تصرُّفات المنظمة وفقاً للقواعد المعروفة باسم(اللوائح الصحية(2005))، والتي شُرِعَتْ في الأساس للحيلولة دون تفشِّي الأمراض على الصعيد الدولي، وبما أنَّ تايوان قد قدَّمت للمنظمة معلومات عن انتقال المرض من إنسان لآخر في أواخر ديسمبر/ كانون الثاني/ 2020م،(27)وعلى الرغم من أن المنظمة لا تعترف باستقلالية تايوان عن الصين.(28)فقد كان على المنظمة التعامل بجديَّة مع تلك المعلومات وفقاً لما تمليه قواعد اللوائح الصحية الدولية(2005)، وذلك حسب منطوق المادة (9) (التقارير الأخرى) من الباب الثاني (المعلومات واستجابة الصحة العمومية)، والتي تنصُّ على أنَّه: "يجوز للمنظمة أن تضع في الحسبان التقارير الواردة من مصادر غير الإخطارات والمشاورات وتتولى تقييم هذه التقارير وفق المبادئ الوبائية الراسخة وأن تبلغ بعد ذلك بالمعلومات الدولة الطرف التي يزعم وقوع الحدث في أراضيها. وقبل اتخاذ أي إجراء بناءً على تقارير من هذا القبيل، تشاور المنظمة مع الدولة الطرف التي يُزعَم وقوع الحدث في أراضيها وتعمل على التحقق من تلك المعلومات لدى تلك الدولة الطرف وذلك وفقاً للإجراءات المنصوص عليها في المادة(10). ولهذه الغاية  تتيح المنظمة للدول الأطراف المعلومات الواردة إليها...".(29) ولم تتَّبع المنظمة أحكام تلك اللائحة فيما يتعلَّق بمعلومات تايوان عن فيروس كورونا، ويؤكِّد  ذلك عدم التطرُّق لتلك المعلومات في تقرير المنظمة عن التسلسل الزمني لإجراءات المنظمة في التعامل مع الفيروس،(30) فقط  اكتفت المنظمة ببريد إلكتروني لتايوان مفاده أنَّها ستحقِّق في الأمر، وذلك حسب ما جاء في تصريح نائب رئيس وزراء تايون.(31) وهكذا لم تقم المنظمة بإخطار الصين بعلمها عن معلومات تفيد بانتقال الفيروس من شخص لآخر، كما لم تقم المنظمة بإخطار الدول الأعضاء بطبيعة تلك المعلومات التي حصلت عليها، فلو أن المنظمة تعاملت مع تلك المعلومات بجدية لأمكن السيطرة على المرض قبل انتشاره، وذلك بالضغط على الصين من قبل المنظمة والدول الأعضاء فيها. كما أهدرت المنظمة فرصة أخرى كانت متاحة لاحتواء المرض قبل انتشاره لو أنها أعلنت حالة الطوارئ العامة بتاريخ 23يناير/كانون الثاني/2020م، ولكنها لم تفعل آنذاك على الرغم من أن المنظمة كانت على علم بانتقال الفيروس من شخص لآخر قبل هذا التاريخ، حيث يمكن الاستدلال على ذلك بأنَّ المنظمة قد ذكرت احتمال انتقال الفيروس بين البشر في 41حالة مؤكدة من أفراد الأسرة الواحدة، وإلى  حدوث فاشية في نطاق أوسع من ذلك، حسب ما ورد في  إحاطة إعلامية لرئيسة الفريق للتقني للمنظمة بتاريخ 14يناير/ كانون الثاني2020م ، بالإضافة إلى ما توصلت إليه بعثة المنظمة- من مكاتبها الإقليمية في الصين وغرب المحيط الهادي- إلى ووهان من وجود بينات على انتقال الفيروس من إنسان إلى آخر.(32)

        إذاً  كانت كل هذه المعلومات في حوزة المنظمة عندما لم تقم بإعلان حالة الطوارئ العامة من خلال اجتماع مدير المنظمة بلجنة الطوارئ فيها في 23كانون الثاني/ يناير 2020م. ويمكن تلخيص قصور المنظمة في أدائها فيما ذكره فرانسوا غودمان مدير معهد مونتين الفرنسي للسياسات، والذي لخص أخطاء المنظمة في التعامل مع المرض في أمرين: أحدهما: فشلها في سرعة التعرف على عدوى المرض وانتقاله من شخص لآخر، والآخر: تأخرها في إعلان المرض جائحة عالمية، إذ لم تعلنه جائحة عالمية إلا بعد إصابته 118 ألف من البشر في 114 دولة، وهذا ما أثر على سياسات الدول التي تتبع توجيهات وإجراءات المنظمة في التعامل مع المرض.(33)

       ويتضح مما سبق أن منظمة الصحة العالمية لم تتعامل بجدية تتناسب مع مسؤوليتها العالمية تجاه صحة البشرية على كوكب الأرض، ولم يكن ذلك الإهمال هو الخلل الأخلاقي الوحيد في تعاطي المنظمة مع الوباء، بل سجلت مواقف غير أخلاقية أخرى فمن ذلك أنها أوقفت استخدام عقار (هيدروكسي كلوركين) في معالجة مرضى كورونا (كوفيد- 19)، وذلك استناداً على بيانات معيبة لشركة رعاية صحية أمريكية تدعى(سرجيسفير) (Surgisphere)

 وقد قدمت تلك الشركة بيانات جمعتها بطريقة شرعية من أكثر من ألف مستشفى حول العالم، 

  دلت على وجود علاقة بين زيادة عدد الوفيات واستخدام عقار (هيدروكسي كلوركين)،

 وقد استندت على بيانات تلك الشركة مجلتا (ذى لانسيت) و(نيو أنغلاد) الرائدتان في حقل العلوم الطبية،

 وقد نشرت مجلة (ذى لانسيت))

 دراسة بتاريخ 22 مايو/2020م، وربطت فيها بين ارتفاع عدد الوفيات بمرضى (كوفيد -19) واستخدام مضاد الملاريا (هيدروكسي كلوركين)، وذلك استناداً على تحليل بيانات شركة (سرجيسفير) والتي حللت بيانات 96 ألف مريض من 672 مستشفى من قاعدة بيانات 1200 مستشفى حول العالم، وقد شارك في تأليف الدراسة المنشورة سابان ديساي  الرئيس التنفيذي لشركة (سرجيسفير).(34)

      وقد حققت صحيفة الغارديان في بيانات الشركة والخلفية العلمية للقائمين على أمرها، فوجدت أن الخليفة لبعض  موظفي الشركة ضعيفة أو معدومة، فأحد محرري العلوم بالشركة هو مؤلف خيال علمي، كما أن المديرة التنفيذية للتسويق هي عارضة محتوى للبالغين ومضيفة مناسبات، كما وجدت صحيفة الغارديان رابط الشركة على الإنترنت لا يعمل، مما يلقي بالشكوك في كيفية تواصل المستشفيات حول العالم بالشركة للانضمام إلى قاعدة بياناتها، كما حققت الصحيفة في البيانات التي تصرح الشركة بتحليلها، فوجدت أن الشركة قد ذكرت في بياناتها عن مرضى (كوفيد- 19) في استراليا- تسجيل عدد 600 مريض و73 وفاة في خمسة مستشفيات أسترالية  بتاريخ 21/إبريل/2020م، بينما سجلت إحصائيات جامعة هوبكنز عن أسترالية 67 حالة وفاة في ذات التاريخ، ولم تبلغ الوفيات عدد 73 قبل 23/إبريل/ 2020م، وقد برر ديساي هذا الفرق في عدد الوفيات بالخطأ في إدراج بيانات بعض المستشفيات الأسترالية، ولمزيد من التأكد قامت الصحيفة بالاتصال بخمسة مستشفيات في ملبورن وسيدني في أستراليا، فنفى جميع مسؤولي المستشفيين أي مشاركة بيانات لهما مع الشركة، بل أكدوا على عدم سماعهم بشركة (سرجيسفير) من الأصل، ولم يعلق ديساي على ذلك.(35) ويتضح من كل هذا أن بعضهم حاول عرقلة استخدام علاج (هيدروكسي كلوركين) بطرق ملتوية ظهرت في ثوب علمي محض، وأن المنظمة على الرغم من إمكانياتها  الضخمة، وبكل خبرائها وعلمائها انطلت عليها تلك الطرق المخادعة، فبادرت بإيقاف استخدام العقار، وذلك دون التحقق من الأمر كما فعلت صحيفة الغارديان.

     كما اهتزت مصداقية المنظمة عدة مرات خلال فترة انتشار الفيروس، وذلك بسبب إصدارها بعض التصريحات فيما يتعلق بانتشار الفيروس والوقاية منه، ومن ذلك تصريحها بأن الأقنعة الواقية (الكمامة) لا تمنع انتقال الفيروس، قبل أن تتراجع عن ذلك لاحقاً فتوصي باستخدامها،(36) وقد ربط بعضهم مثل هذه التصريحات  بالنقص الحاد في تلك المعينات عالمياً، وهو الأمر الذي نفته المنظمة مع التأكيد على أنها تصدر توصياتها وإرشاداتها بناء على دراسات علمية.(37)كما صرحت المنظمة- على لسان أحد موظفيها- بأن انتقال عدوى الفيروس  من الأشخاص الذين لم تظهر عليهم أعراض المرض أمر نادر، الأمر الذي عرض المنظمة للنقد من قبل للخبراء، فقد صرح الدكتور أنتوني فاوتشي- كبير الأطباء الأمريكيين المختصين بالأمراض المعدية- بأن هذا الزعم غير صحيح، وعلى الرغم من أن المنظمة تراجعت عن ذلك محاولة شرح ما قصده مسئولها بتصريحه، وأنه كان يقصد أن انتقال المرض من الأشخاص الذين لا تظهر عليهم أعرض يبقى مجهولاً، ومع ذلك فقد أصر أنتوني فوتشي على أن المنظمة قد تراجعت عن النظرية لأنها خاطئة وأن الأدلة تثبت أن 25٪ إلى 45٪ من المرضى لا تظهر عليهم أعراض، كما أنهم يعلمون من دراسات خبراء الجوائح من أن المرضى يعدون غيرهم حتى ولو لم تظهر عليهم أعراض المرض، لذلك يظل القول بأنه أمر نادر غير صحيح.(38)

      ونتيجة لكثرة الانتقادات التي طالت أداء المنظمة شرعت الدول الأعضاء في الدعوة إلى إجراء تحقيقات حول أداء المنظمة في التعامل مع الوباء، وقد تقدم الاتحاد الأوربي بمشروع قرار يدعو إلى التحقيق في التعامل الدولي مع الوباء، وقد لاقى القرار الموافقة من كل الدول الأعضاء بالمنظمة (194 دولة)، كما رحبت المنظمة بالقرار، وإن كانت قد رفضت التلميحات التي تقول بأن المنظمة تحتاج إلى إصلاحات بعيدة المدى.(39)

        ويتضح مما سبق أن المنظمة قد سقطت في جملة من الأخطاء غير الأخلاقية تمثلت في : عدم الشفافية وانعدام الجدية في التحقق من معلومات تتعلق بحياة البشرية، وتقاعسها في اتخاذ إجراءات تجاه تلك الأمور، وكذلك في  إصدارها التصريحات المتضاربة التي تضر بمصداقية المنظمة، وتجعل الناس في حيرة من الأمر في كيفية التعامل مع تلك التصريحات والإرشادات المتناقضة، وهذا مما يعرض حياة الناس للخطر، كما يمثل ذلك إخلالاً بالمسؤولية الخلقية تتحملها المنظمة، وذلك لكونها أكبر منتدى طبي عالمي يعتمد عليها البشر في كل ما يتعلق بصحتهم، ويولون اهتمامهم الكافي لكل ما يصدر منها من توجيهات وتوصيات.

الصراع على الكمَّامات:

      ظهرت مع انتشار الوباء بعض التصرفات الأخلاقية على مستوى الدول والأفراد، ومن ذلك ما كان بين بعض الدول من صراع على الكمامات والمعينات الطبية بسبب زيادة الحاجة إليها وعجز المصانع عن الإيفاء بالطلبيات المتزايدة منها، ومن بين تلك المعينات الطبية المختلفة كانت الحاجة إلى الكمَّامات أكبر من غيرها، وذلك في وقت عجزت فيه المصانع عن الإيفاء بالطلبيَّات المتجدِّدة يومياً، والتي تفوق إمكانات تلك المصانع، وحينها بدأ صراع الدول على ما هو مُنتَج فعلاً، إذ تحاول كلُّ دولة الاستحواذ على أكبر قدر من تلك الكمَّامات. وبدأت أولى مظاهر الصراع على الكمَّامات بين الدول في أوائل مارس/ آذار/ 2020م، وذلك عند مصادرة التشيك 110 ألاف كمَّامة كانت في طريقها إلى إيطاليا،(40) وقد تمَّ حلُّ المشكلة لاحقاً عبر القنوات الدبلوماسية. كما احتجزت فرنسا شحنة من الكمَّامات قد استوردتها شركة (مولنليكة) السويدية لصالح إيطاليا وأسبانيا، وبعد تدخُّل من الحكومة السويدية، وجهود دبلوماسية لنحو أسبوعين- وافقت فرنسا على تسليم نصف تلك الشحنة لكل من إيطاليا وأسبانيا، الأمر الذي جعل الشركة السويدية تعلن أنَّها في المستقبل ستنقل طلباتها لإيطاليا وأسبانيا عبر بلجيكا، وذلك تفادياً لتكرار ما حدث لتلك الشحنة، كما أنَّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد صرَّح بأنَّ قضية الكمَّامات قضية سيادة وطنية حسَّاسة، وإنَّ بلاده قد بدأت في زيادة إنتاجها من الكمَّامات وبقيَّة معدَّات الحماية الأخرى. وقد اتُّهمَت الولايات المتحدة الأمريكية بالحصول على كمَّامات بطرق ملتوية، ومن ذلك ما أعلنه رينو موسيليه- رئيس منطقة باكا بجنوب فرنسا- أنَّ الصين أرسلت كمَّامات ومعينات أخرى طلبتها فرنسا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك لأنَّ الأمريكيين اشتروا الكمَّامات التي اشتراها الفرنسيون، ودفعوا ثمنها نقداً للصين، ممَّا جعل طائرة الشحن تغيِّر وجهتها نحو الولايات المتحدة الأمريكية، وكان ذلك في 2/أبريل/ نيسان/ 2020م، وبتاريخ 3/ أبريل/ نيسان/ 2020م، اتهمت ألمانيا الولايات المتحدة الأمريكية بمصادرة عدد 200 ألف كمامة  اشترتها برلين لمكافحة الوباء، وذلك وفقاً لما صرَّح به السناتور الألماني أندرياس جيزيل من أنَّ الولايات المتحدة الأمريكية قد استولت على تلك الكمامات التي تخصُّ بلاده.(41)

كما اشتكت أوكرانيا من المزايدة عليها في الأسعار عند شرائها طلبيات من الكمَّامات، وذلك حسب ما جاء في صحيفة لوتان السويسرية نقلاً عن النائب أندري موتوفيلوفيتس، والذي صرَّح بأنَّ الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا يزايدون عليهم في الأسعار، الأمر الذي جعل أندري يرى بأنَّ بلاده تقاتل من أجل كل شحنة.(42)

وكذلك كان استيلاء إيطاليا على باخرة من الكحول الطبية، والتي كانت في طريقها من الصين إلى تونس،(43)وقد امتدَّ الصراع على الكمَّامات لنطاق واسع، حتى صار يشكِّل حضوراً بين أقاليم الدولة الواحدة، ومن ذلك أنَّ وكالة حكومية اتحادية أمريكية قد صادرات  ثلاثة ملايين كمَّامة في ميناء نيويورك، وكانت تلك الكمَّامات قد اشترتها ولاية ماساتشوستس(شمال شرق الولايات المتحدة)، كما ذكرت صحيفة واشنطن بوست أنَّ بعض الولايات التي تخضع لسيطرة الجمهوريين(حزب الرئيس ترامب) قد حصلت على دعم أكبر منه.(44)ويدخل في الصراع على الكمَّامات ما قامت به بعض الدول من حظر تصديرها للخارج مع الاستمرار في زيادة الإنتاج منها، ومن ذلك لجوء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى قانون(الإنتاج الدفاع)، وهو قانون صدر في العام 1950م، يكفل لرئيس البلاد إجبار الشركات على إنتاج السلع لصالح الدفاع الوطني، ووفقاً لأحكام هذا القانون استطاع ترامب أن يجبر بعض الشركات الأمريكية على وقف تصدير الكمَّامات إلى كندا وأمريكا

(N 95) اللاتينية، وكانت الشركة تنتج مئة مليون كمَّامة شهرياً، يُنتَج ثلثها في داخل الولايات المتحدة، بينما يُنتَج ثلثاها الباقيان في خارج البلاد، وهذا التقييد أضرَّ بمصالح الدول التي تستورد تلك الكمَّامات، حيث صرَّح رئيس الوزراء الكندي جاستن ترو دو بأنَّه من الخطأ جلب العوائق ووقف التبادل التجاري بين الدول، كما تضرَّرت من المنع الشركة المصنعة نفسها، وقد حذَّرت الشركة من أنَّ هذا الحظر ستكون له انعكاسات إنسانية خطيرة، كما يدفع الدول الأخرى إلى التعامل بالمثل مع الولايات المتحدة الأمريكية.(45)

حرمان وفي وسط هذا الصراع الدولي على الكمامات والمعينات الطبية ظهرت نماذج مشرفة لبعض الدول، والتي أبدت روح الإخاء ومد يد العون للمحتاجين من البشر، ومن تلك الدول دولة الصين والتي قدمت المساعدات الطبية لعدد من الدول إبان فترة الجائحة، وقد أمدت الصين تونس وليبيا بالكمامات والمعدات الطبية المعينة في مكافحة الفيروس، وقد شكرت الخارجية التونسية الصين على تلك المساعدات، والتي تعد ترجمة للبعد الإنساني في

العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية،(46) علماً بأن الصين نفسها تلقت مساعدات طبية في بداية الجائحة، ومنها المساعدات الطبية التي قدمتها دولة قطر، والتي تمثلت في 300 طن من المساعدات الطبية، منها عدد ٢,٥ مليون كمامة طبية، وعدد 500 عبوة معقمة لليدين، كما قدمت قطر مساعدات طبية أخرى لإيران بخصوص مكافحة كورونا، واحتوت تلك المساعدات على 6 أطنان من المعدات والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى ٧ أطنان أخرى من الكمامات والمعقمات والمطهرات الطبية،(47) كما قامت مصر بإرسال أطنان من المساعدات الطبية إلى الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى إرسالها مساعدات طبية أخرى إلى السودان وبريطانيا وإيطاليا والصين، وقد قوبلت تلك الخطوة بالرفض من قبل بعض المصريين، والذي أبدوا استغرابهم من إرسال بلادهم مساعدات طبية إلى بلدان أخرى في وقت لا يجد فيه المصريون الكمامات والقفازات الكافية في الصيدليات،(48) وقد تلقت تركيا طلب مساعدات طبية من عدد 116 دولة، واستطاعت تلبية طلبات 44 دولة من تلك الدول، وقد صرح وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو بقوله:"إن تركيا تلبي احتياجاتها أولاً، ومن ثم تقدم المساعدة الطبية (إلى البلدان الأخرى بخصوص مكافحة كورونا.".(49) كما قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة عدد 946 طناً من المساعدات الطبية لأكثر من 67 دولة، واستفاد من تلك المساعدات عدد 946 ألف من العاملين في مجال الصحة، ومن بين تلك المساعدات الطبية ما قدمته دولة الإمارات لجمهورية أذربيجان، والتي بلغت عدد 11 طناً من المساعدات الطبية وأجهزة الفحص، وذلك لدعم جهود العاملين في مجال مكافحة انتشار فيروس كورونا، وتعزيز قدراتهم في ذلك المجال.(50)

      ويتضح مما سبق ذكره أنَّ قلة المعينات الطبية -من كمامات ومعقِّمات ومطهِّرات -كانت سبباً في اندلاع ذلك الصراع على تلك الكمامات والمعينات الطبية الأخرى في مجال مكافحة الفيروس، هذا بالإضافة إلى الصدمة التي أحدثها المرض الجديد بسبب سرعة انتشاره وفتكه الشديد بالبشرية، ليكون لكلِّ ذلك دوره في  رفع  وتيرة القلق البشري وإبراز روح الأنانية والاهتمام بتعزيز فرص البقاء على قيد الحياة، حتى ولو كان ذلك على حساب حياة الآخرين، ولكن مع كل هذا الصراع ظهرت بعض بوادر الخير وروح الإخاء البشري، والإعلاء من قيمة التعاون والتعاضد في مجال مكافحة انتشار الفيروس.

الصراع على لقاح كورونا:

      دعا الأمين العام للأمم المتحدة- أنطونيو غويترش إلى ضرورة تكاتف الجهود العالمية في سبيل توفير الأدوات المتعلقة بمكافحة (كوفيد- 19)، ومن بين تلك الأدوات حظي إنتاج اللقاح الخاص بفيروس كورونا وتوزيعه بنصيب من تلك المناشدة، حيث أكَّد الأمين العام للأمم المتحدة على ضرورة إنتاج اللقاح بصورة آمنة وتوزيعه بصورة عادلة، على أن يكون ذلك اللقاح متاحاً بأسعار ميسَّرة لكلِّ شخص في أي مكان من  العالم، وكانت تلك المناشدة في مؤتمر افتراضي ضم عدداً من رؤساء دول مثل: فرنسا، وأسبانيا، وكوستريكا، وراوندا، بالإضافة إلى مؤسسات مثل بيل وميليدا غيتس، بالإضافة إلى منظمة الصحة العالمية، وحظيت تلك المناشدة باستجابة من بعض الدول.(51) ولكن على الرغم من مناشدات  تلك الأصوات  الداعية إلى توزيع عادل للقاح فيروس كورونا إلا أن بعض الدول ما زالت تعمل بصورة منفردة لتحقيق المصلحة القومية أولاً بخصوص اللقاح المرتقب، وتعد الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة تعمل في هذا الاتجاه القومي في توفير اللقاح، حيث يعمل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على توفير 300 مليون جرعة من اللقاح، وذلك بعدد تعداد الشعب الأمريكي بكل فئاته العمرية المختلفة، ومن أجل تحقيق ذلك على أرض الواقع بدأت الولايات المتحدة الأمريكية في تمويل أبحاث المجموعات البحثية العاملة في إنتاج لقاح فيروس كورونا، فمنذ فبراير/ شباط/ 2020م قدمت الولايات المتحدة الأمريكية ملايين الدولارات للمجوعات التالية: مجموعة (جونسون آند جونسون)، ومجموعة (موديرنا)، ومجموعة (سانوفي)، ومجموعة (أكسفورد/ استرازينيكا). ومن بين تلك المجموعات السابقة تأتي مجموعة(أكسفورد/ استرازينيكا) على رأس القائمة التي تحصل على دعم سخي من الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حصلت تلك المجموعة على دعم مالي بلغ 1,2 مليار دولار بتاريخ 21/5/2020م، وذلك نظير نقل التكنولوجيا الخاصة بإنتاج اللقاح إلى داخل الولايات المتحدة الأمريكية، بالإضافة إلى توفير 300مليون جرعة من اللقاح المتوقع إنتاجه.(52)

وانتقلت عدوى الحصول على اللقاح إلى أوروبا حيث ظهر حلف أوربي جديد من أجل توفير اللقاح الجديد، ويضم هذا الحلف ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وهولندا، وقامت دول هذا الحلف بتوقيع عقد لتوفير 300 مليون جرعة، بالإضافة إلى 100 مليون جرعة إضافية، وكل هذا نظير مبلغ مالي وقدره 75 مليون يورو.(53) كما قامت الحكومة الكندية بتوقيع عقد صفقتين مع شركتي (فايزر) و(مودرنا) لصناعة الأدوية بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك من أجل شراء الملايين من الجرعات التجريبية من لقاح فيروس كورونا (كوفيد- 19).(54) كما أخذ الصراع على اللقاح المرتقب مرحلة طابعاً آخر، ألا وهو  الحصول على معلومات تتعلق باللقاح عبر التجسس والقرصنة الإلكترونية على المجموعات البحثية التي تعكف على تطوير دراسات تتعلق بصناعة اللقاح الجديد.

     وقد أفاد المركز القومي للأمن الإلكتروني البريطاني بحدوث هجمات إلكترونية نفذتها مجموعة (أبت 29)، والتي استهدفت أبحاثاً تتعلق بلقاحات (كوفيد- 19) في كل من بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وكندا، كما أكَّد المركز أنَّ هذه المجموعة(أبت 29) تعمل كجزء من الاستخبارات الروسية،(55) وأكَّد ذلك ما جاء من اتهام لروسيا بالقرصنة الإلكترونية في تصريح لوزير الخارجية البريطاني دومنيك راب من"أنه متأكد تماماً من تورط موسكو في هجمات إلكترونية تهدف إلى سرقة بحث عن لقاح ضد فيروس كورونا المستجد".(56) وقد نفي الكرملين الروسي تلك الاتهامات البريطانية بالقرصنة على مراكز أبحاث لقاح كورونا، وصرح الناطق الرسمي باسم الكرملين ديمتري بيسكوف بأنَّه ليس لديهم معلومات عمَّن يمكن أن يكون وراء الهجمات الإلكترونية التي تعرض لها مراكز أبحاث لقاح كورونا في بريطانيا، وليس لروسيا علاقة بتلك المحاولات.(57) كما ذكرت صحيفة نيويورك تايمز أنَّ الاستخبارات الأمريكية تعتقد أنَّ قراصنة صينيين يحاولون سرقة أبحاث تتعلَّق بلقاحات كورونا، وأنَّ هؤلاء القراصنة على صلة بالسلطات الصينية، وقد أشارت الصحيفة إلى أنَّ ذلك قد يكون مقدمة لحرب إلكترونية مضادة تنخرط فيها القيادة الإلكترونية لبعض الوكالات الأمريكية كالقيادة الإلكترونية للبنتاغون ووكالة الأمن القومي.(58)

ونفت الصين تلك الاتهامات الأمريكية، وقد صرح تشاو لي جيان- الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية الصينية- بأنَّ الصين دولة رائدة في مجال إنتاج اللقاحات، وأنَّ تلك الاتهامات لا تعتمد على أدلَّة وإنمَّا هي محض اختلاق.(59)

      ويتضح مما سبق أن الحصول على جرعات كافية من اللقاح قد أصبح معركة قومية تحاول كل دولة الانتصار فيها سواء أكان ذلك بالمال أحياناً أم بالقرصنة الإلكترونية أحياناً أخرى، وتهدر في تلك المعركة كل القيم الخلقية الداعية إلى تكاتف البشرية وتعاضدها إزاء ما تتعرض له من خطر الفيروس المستجد الذي يهدد وجودها، ووفقاً لهذه الطريقة للصراع على اللقاح فإنه لن يكون متاحاً لجميع البشرية وبأسعار معقولة، وفي النهاية يؤدي عدم حصول كثير من سكان العالم على اللقاح إلى بقاء الفيروس المستجد على الساحة والاستمرار في تمثيله خطراً يهدد وجود البشرية، لذلك تبدو الحاجة إلى طريقة عادلة لتوزيع اللقاح مطلباً ضرورياً للقضاء على الفيروس المستجد.

      ومن أجل القضاء على هذا الصراع القومي على امتلاك اللقاحات ما يترتب عليه من السيطرة على الجائحة، وذلك من خلال إنتاج وإتاحة اللقاحات لمرض (كوفيد- 19) نشأ تحالف عالمي بقيادة مشتركة تضم ثلاث منظمات عالمية هي: الائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة: وهو شراكة بين مؤسسات عامة وخاصة وخيرية تأسست في العام 2017م، وتهدف هذه الشراكة إلى توفير لقاحات للأوبئة المتوقع اندلاعها في المستقبل، والتحالف العالمي من أجل اللقاحات والتمنيع: وهو شراكة بين القطاعين العام والخاص، وتنشط هذه الشراكة في مجال تطعيم نصف أطفال العالم ضد الأمراض الأشد فتكاً في العالم، ومنظمة الصحة العالمية، كما يضم هذا

التحالف في عضويته مؤسسات ومعاهد بحثية مثل معهد الأمصال الهندي، ومؤسسة بيل وميليندا غيتس،(60)  

بالإضافة إلى 172 دولة، أبدت 80 دولة منها من الدول الغنية تقديم الدعم المالي لتلك المبادرة. ويعمل هذا التحالف على دعم مبادرة (كوفاكس) والتي تضم تسعة لقاحات مرشحة ومدعومة من الائتلاف المعني بابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة، بالإضافة إلى لقاحات أخرى يجرى تقيمها حتى تدرج في المبادرة، فضلاً عن الاتصال مع منتجين آخرين للقاح يعملون بصورة منفردة دون الحصول على الدعم، وبذلك تصبح مبادرة (كوفاكس) أكبر محفظة عالمية للقاحات مرض (كوفيد- 19)، واللقاحات المرشحة والمدعومة من الائتلاف المعني بابتكارات

التأهب لمواجهة الأوبئة هي:

1. لقاح اينوفيو، من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو في المرحلة(الأولى/ الثانية).

2. لقاح موديرنا، من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو في المرحلة (الثالثة).

3. لقاح كيورفاك، من ألمانيا، وهو في المرحلة (الأولى).

4. اللقاح المشترك بين معهد باستور/ميرك/ ثيميس، من فرنسا/ الولايات المتحدة الأمريكية/ النسما، وهو في مرحلة (ما قبل التجارب السريرية).

5. لقاح استرازينيكا/ جامعة أكسفورد، من المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية، وهو في المرحلة (الثالثة).

6. لقاح جامعة هونغ كونغ، من الصين، وهو في مرحلة (ما قبل التجارب السريرية).

7. لقاح نوفا فاكس، من الولايات المتحدة الأمريكية، وهو في المرحلة (الأولى/ الثانية).

8. لقاح كلوفر يبوفارماسيو تيكلر، من الصين، وهو في المرحلة (الأولى).

9. لقاح جامعة كوينز لاند/ مختبرات سي أس أل، من أستراليا، وهو  في المرحلة (الأولى).

      أما اللقاحات التي هي في طور التقييم فتضم اللقاحات الآتية: عدد لقاحين من الصين، ولقاحان من الولايات المتحدة الأمريكية، ولقاح من المملكة المتحدة وإيرلندا الشمالية، ولقاح من جمهورية كوريا، ولقاح يجري تصنيعه في إطار شراكة عالمية متعددة جهات التصنيع. وبما أن تحضير تلك اللقاحات وتجاربها تستهلك أمولاً ضخمة- فقد طُلِب من الدول التي أبدت رغبتها في تقديم الدعم تأكيد نيتها في المشاركة في المبادرة بحلول 30من أغسطس/ آب/ 2020م،(61) على أن تتحول تلك التعهدات إلى التزامات قطعية بدعم المبادرة (كوفاكس)

حتى 18 سبتمبر/ أيلول/ 2020م، على أن يتم سداد الدفعيات الأولى المسبقة في موعد أقصاه الأول من أكتوبر/ تشرين الأول/ 2020م. ومن المتوقع أن تسهم هذه المبادرة- لو كتب لها النجاح- في توفير 100 مليون جرعة من لقاحات مرض (كوفيد- 19) للدول ذوات الدخل المنخفض أو الدخل المتوسط، وذلك بمبلغ ثلاثة دولارات للجرعة الواحدة من اللقاح المتوقع إنتاجه.(62)

      ويتضح مما سبق ذكره أن مبادرة (كوفاكس) مبادرة إنسانية تأخذ بالجانب الأخلاقي في ضرورة عدالة توزيع اللقاح المرتقب، وتعمل على التخفيف من حدة الصراع على اللقاحات، وترفض الخضوع للمعوقات القومية التي تمارسها بعض الدول في الاستحواذ على جرعات اللقاح دون مراعاة لبقية البشر في الدول الفقيرة في العالم.

حرمان المسنين من علاج كورونا(كوفيد- 19):

      أظهرت جائحة كورونا أنَّ العالم لم يكن يولي الصحة العامة أهمية قصوى، على الأقل لم تكن تأتي قبل الجوانب السياسية والعسكرية والاقتصادية، حيث كشفت الجائحة حجم تواضع الاستعداد العالمي في توفير أسرَّة العناية الفائقة ومعينات مكافحة الوباء، فمثلاً بلغت نسبة الأسرَّة- في الولايات المتحدة الأمريكية مقارنة بعدد السكان- 2,8 سرير لكل 1000 شخص، ونسبة 12,3 سرير في كوريا الجنوبية، ونسبة 4,3 سرير في الصين، ونسبة 3,2 سرير في إيطاليا،(63) وهذه النسب تُظهِر ضعف الاستعداد الصحي في تلك الدول، ويمكن أن يقاس عليها الحال في بقيَّة الدول الأخرى، ليعني كلُّ ذلك في النهاية حجم الضغط الذي تعاني منه المستشفيات في العالم، مما انعكس سلباً على الجانب الأخلاقي في التعامل مع المرضى، وصار الأطباء في حاجة إلى أسس للتفاضل بين المرضى، وعلى أساس منها يحصل المريض على العناية الطبية في غرف العناية الفائقة، ومن ذلك ما حدث في مدينة لودي الإيطالية إبان تفشي الوباء، حيث كانت حالة كثير من المرضى تتدهور بسرعة، ومع ذلك لم ينقلوا إلى غرفة العناية الفائقة حيث يمكن إدخال أنابيب إلى قصباتهم الهوائية لتساعدهم على التنفس حيث يمكن إدخال أنابيب إلى قصباتهم الهوائية لتساعدهم على التنفس، ولم ينقل كثير منهم إلى تلك الغرفة لأنَّهم كبار في السن أو أنَّ حالتهم الصحية حرجة، وبما أنَّ الأطباء واجهوا حالات كهذه خلال تصديهم للمرض- لذا حاولوا إيجاد قواعد توضح كيفية التعامل في مثل هذا الوضع عندما لا يمكن إنقاذ الجميع، وقد نشر فريق من الأطباء والأكاديميين- من مختلف دول العالم- مجموعة من المبادئ والقواعد التوجيهية الأخلاقية في دورية (نيو إنجلاد) الطبية، وحذر هذا الفريق من التعامل بمبدأ الأسبقية في العلاج بمن يأتي أولاً، بل عليهم التشدُّد في إعطاء الأولوية للحالات الحرجة من المرضى الأصغر سناً ممن يعانون من أمراض مزمنة أقل. وهذا أيضاً ما تعتمده المبادئ التوجيهية التي يسترشد بها الأطباء الإيطاليون في إعطاء الأولوية في غرف العناية الفائقة، حيث تنصُّ تلك المبادئ على ضرورة تحديد حد أقصى لعمر المريض الذي يسمح بنقله إلى غرف العناية الفائقة. ويرى إزيكيل إيمانويل- رئيس مجلس إدارة الأخلاقيات الطبية والصحية في جامعة بنسلفانيا- أنَّ المعيار الأساسي في تحديد أولوية استحقاق العناية الفائقة يجب أن يعتمد على كمية الأرواح التي إنقاذها، وعدد السنوات التي يقدر للمريض أن يعيشها بعد شفائه من المرض.(64)

ملاحظات على تلك المبادئ والتوجيهات:

1. يلاحظ في تلك المبادئ بالأساس أنها تعتمد على أساس مادي بحت، في كونها تنحاز فقط لمن يمكن أن يكون مفيداً بحياته أكثر، وهذا تنكر لمبدأ تساوي الناس في الحق على الحياة، وتتناسى أن كبير السن نفسه كان مفيداً في فترة ما من حياته السابقة.

2. تتنكر تلك المبادئ لمبدأ أخلاقي مهم ألا وهو تساوي الجميع في الحق في الحياة، وقد كُفِلَ هذا الحق للمسن وغيره وفقاً للشرع والقوانين والأعراف الدولية، وتلك المبادئ التي يستند عليها الأطباء تتعارض مع البند الثالث من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والذي ينصّ على أنَّ"لكل إنسان الحق في الحياة والحرية والسلامة الشخصية".(65)

3. تتنكر هذه المبادئ لحق إنساني مهم ألا وهو الحق في الصحة، فمن حق المريض المسن الحصول على مرافق وخدمات صحية يمكنه الوصول إليها مادياً، ومقبولة، وذات نوعية جيدة، مع ضمان عدم ممارسة أي تمييز ضده،(66) وقد دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرش إلى ضرورة احترام حقوق الإنسان وكرامة الجميع، ومراعاة ذلك عند اتخاذ القرارات الطبية المنقذة للحياة وأكد على أنه" لايمكن التفريط في أي شخص، صغير أو كبير، ويتمتع كبار السن بنفس الحقوق في الحياة والصحة مثل أي شخصية أخرى.".(67) وهذا الحق عند تعذُّر توفيره للجميع كان حرياً بتلك المبادئ أن تسن مجموعة من القواعد التي توفِّر الحد الأدنى من العدالة على الأقل في تلك المفاضلة بين المرضى بطريقة إنسانية لا تعتمد  في تصنيف المرضى فقط على  تاريخ الميلاد، فتقدِّم من تأخَّر ميلاده على من تقدَّم ميلاده، وقد ذكر مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة التعاون الإسلامي مجموعة من القواعد التي يمكن أن تفيد في الترجيح بين المرضى عند تعزر حصولهم جميعاً على أجهزة التنفس وفي الوقت نفسه، والقواعد هي:

أ. أن يوكل هذا الأمر لفريق طبي، فإن لم يوجد فطبيب واحد.

ب. عندما تحتِّم الضرورة تقديم بعض المرضى يقدَّم مَنْ يُرجَى استفادته من العلاج ممَّن لا يُرجَى.

ج. أن تراعى رغبة المريض في العلاج.

د. عند تساوي المرجحات تُجرَى القرعة بينهم، فلا يقدم صاحب الجاه على غيره، ولا الصغير على الكبير، لأنهم يتساوون في الإنسانية ولا يُقدَّم في التزاحم على الحقوق إلا بمرجِّح.(68)

وهذه الضوابط تتَّفق في معظمها مع ما ذهبت إليه كاثرين كنوخل- خبيرة الأخلاقيات الطبية-  من قواعد للتعامل

مع وضع كهذا، حيث اشترطت  مراعاة جملة من الأمور عند محاولة إنقاذ المرضى الذين لا يمكن إنقاذهم في الوقت نفسه.

وضوابط كاثرين كنوخل هي:

أ. إنَّ المرضى متساوون في الإنسانية، لذلك لا يجوز التفاضل بينهم على أساس من العمر أو الحالة الاجتماعية أو التاريخ المرضي.

ب. مراعاة احتمالات النجاة.

ج. مراعاة رغبة المريض في العلاج.

د. أن يسند اتخاذ القرار إلى ثلاثة خبراء أو خبيرين على الأقل.(69)

ويلاحظ اتفاق الضوابط الخاصة بمجمع الفقه مع تلك الضوابط التي طالبت بها كاثرين كنوخل، كما يُلاحَظ أيضاً تميُّز الأولى بقاعدة  إجراء الاقتراع بين المرضى عند تساوي المرجِّحات، وفي هذا الاقتراع أكبر قدر من توخِّي توفير الفرص العادلة للجميع، كما أن هذه الضوابط تتفق في ما بينها- قواعد مجمع الفقه وقواعد كاثرين كنوخل- على مراعاة رغبة المريض في العلاج، وهذا يكون بتبصير المريض بفرص الفوز في العلاج ومدى رغبته في ذلك، وهذه التبصير والاستشارة قد يوقظان في المريض عاطفة إنسانية مهمَّة، ألا وهي عاطفة الإيثار، فربما يُؤثِر بعضهم بالفرصة بعضاً، وهنا يكون المشكل قد حلَّ، وإلا فأنَ كلاً من المتنافسين يعرف عدالة الاختيار عبر الترجيح وفق قواعد منصفة أو الاقتراع عند عدم وجود مرجَّح لأحدهما على الآخر.

4. تمثل تلك المبادئ إساءة للمسن، وتعرِّف منظمة الصحة العالمية الإساءة للمسن بأنَّها"القيام بفعل واحد أو فعل متكرر أو عدم اتخاذ الإجراء المناسب داخل أية علاقة يتوقع فيها وجود الثقة مما يؤدي إلى إصابة الشخص المسن بضرر أو كرب.". وتتخذ الإساءة للمسنين أشكالاً مختلفة: كالإساءة الجسدية، أو النفسية، أو الحسية، أو المالية. كما يدخل فيها الإهمال المتعمد وغير المتعمد في التعامل مع المسن، ولا توجد إحصائيات عن حجم تلك المشكلة الأخلاقية، ولكنها تقدر بنسبة(1٪- 10٪) في الدول المتقدمة.(70) وتمثل تلك المبادئ إساءة للمسن وتعرِّضه للخطر دون أن يحصل على فرصة عادلة في العلاج، كما أنَّها تمثل إساءة للصحة النفسية للمسن نتيجة لما يتركه هذا الحرمان من العلاج على نفسية المسن.

موت المسنين بسبب الإهمال:

      لم يكن الحرمان من أولوية الحصول على العناية الفائقة هو التمييز الوحيد الذي مورس ضد المسنين، بل كان عليهم التعرُّض للموت من جرَّاء الإهمال وعدم الحصول على الرعاية الطبية حتى للذين لم يصابوا بالفيروس، وقد عثر فريق من الجيش الأسباني- ممن يعمل في مكافحة الوباء- على مجموعة من المسنين المتوفين في دور الرعاية، لأنَّهم لم يجدوا من يرعاهم، تقول وزيرة الدفاع الأسبانية عن ذلك: " عثر الجيش خلال زيارات معينة على بعض كبار السن الذين تركوا مهملين تماماً، وحتى أمواتاً في أسرتهم في بعض الأحيان.".(71) كما عثرت الشرطة الأمريكية على عدد 17 جثة في مشرحة تتبع لدار لرعاية المسنين في نيو جيرزي، ولم يعرف سبب وفاتهم، وسبق أن توفي بتلك الدار عدد 68 شخص، ومن بينهم عدد 28حالة للإصابة بمرض (كوفيد- 19).(72) وفي كندا لقي عدد من المسنين حتفهم بسبب الجوع، حيث أكَّد طبيب في المستشفى اليهودي في مدينة مونتريال أنَّ موظفي دور الرعاية أجبروا المسنين على المغادرة، ومن ثم لجأ المسنون إلى المستشفى طلباً للرعاية، وأنَّ مَنْ مات منهم قد توفى لعدم حصوله على الغذاء الكافي وليس بسبب كورونا.(73) ونتيجة لذلك التمييز الذي مُورِسَ ضد المسنين- كانت نسبة الوفيات بين المسنين هي الأعلى سواء أكان ذلك بسبب الإصابة بمرض(كوفيد- 19) أم كان بسبب الإهمال والجوع، ويؤكِّد هذا ما ذكره بعض الباحثين بكلية الاقتصاد في لندن: إنَّ نسبة وفاة المسنين بسبب (كوفيد- 19) بلغت النصف في أوربا، ومنها هذه الأرقام لنسبة الوفيات بين المسنين في بعض الدول الأوربية،حيث بلغت نسبة وفيات المسنين 57٪ من وفيات أسبانيا لمرضى يعيشون في دور الرعاية، ونسبة54% من وفيات إيرلندا  من المسنين المرضى ب-(كوفيد - 19)، وكذلك نسبة53٪ من وفيات إيطاليا من المسنين المتوفين بالمرض نفسه، وأكثر من 44٪ في فرنسا، ونسبة 42٪ في بلجكيا.(74)

       ويتضح مما سبق ذكره أنَّ المسنين قد تعرضوا لمعاملة غير أخلاقية خلال أزمة كورونا، فحرموا من فرص عادلة في العلاج، كما عانوا من الإهمال المتعمَّد والإساءة إليهم، ليؤدِّي كل ذلك في النهاية إلى أن يصبحوا أكثر ضحايا الفيروس التاجي، ويفصح عن ذلك  ارتفاع نسبة الوفيات بين المسنين في إحصائيات كورونا، هذا والفاشية لم تنتهي بعد، وربما تكشف الإحصائيَّات الدقيقة عن أرقام صادمة لوفيات المسنين بعد انتهاء الجائحة.

      ولكن مع كل ما سبق ذكره من انتهاك لحقوق المسنين في نطاق واسع من العالم - ظهرت نماذج مشرفة للتعامل الحسن مع المسنين والاهتمام بهم والإحسان إليهم، ومن ذلك إرسال تركيا طائرة لإجلاء أحد مواطنيها، والذي أصيب بالمرض في السويد، ورفضت المستشفيات السويدية علاجه، فما كان من ابنته إلا وأن كتبت تغريدة على توتير تقول فيها: "أعيش مع أسرتي في السويد وأعراض كورونا بدأت تظهر على والدي قبل 11 يوماً واتصلنا بالمستشفى مراراً ولكن لم يستجيبوا لنا.". وكان لتلك التغريدة أثرها البالغ على الحكومة التركية، والتي أرسلت طائرة إسعاف لإجلاء ذلك المواطن التركي المريض.(75)

       وفي داخل تركيا أيضاً حظي كبار السن برعاية خاصة من الدولة، حيث قامت البلديات بتخصيص أرقام لخدمة المسنين وغيرهم، وعليهم الاتصال بها لطلب احتياجاتهم الطبية والغذائية، ومن ثم تقوم فرق البلديات بشرائها وإرسالها لهم، وذلك حفاظاً على حياتهم  من التعرض لخطر  الإصابة بالمرض في حال الخروج من منازلهم، وعلى الرغم من أن المسنين يدفعون ثمن شراء احتياجاتهم بأنفسهم إلا أن البلديات التركية تسهل عملية الدفع لذوي الدخل المحدود منهم.(76)

كما أظهرت دولة قطر اهتماماً مماثلاً بالمسنين، وذلك كما في  مبادرة شبابية تعرف باسم  (لبيه) تهدف إلى مساعدة المسنين على توفير احتياجاتهم من السلع والمشتريات، وشارك في المبادرة مركز قطر للعمل التطوعي ومركز تمكين ورعاية كبار السن(إحسان) بالإضافة إلى الشباب المتطوعين لتوصيل تلك الاحتياجات إلى المسنين، ويقوم مركز قطر الطوعي باستلام الطلبات من مركز (إحسان) وشرائها، يقوم الشباب المتطوعين بإيصال تلك الاحتياجات إلى المسنين.(77)

استخدام طريقة مناعة القطيع في مكافحة الفيروس:

     هنالك طريقتان لمكافحة انتشار الفيروس، الأولى  تتخذ من التباعد الاجتماعي والحجر الصحي والحجز الذاتي وسائل لمكافحة انتشار الفيروس، وهذه الطريقة هي الأكثر استخداماً في العالم، حيث بدأ استخدمها في الصين ومازالت كثير من دول العالم تستخدمها حتى الآن، والطرقة الأخرى هي التي  تُعرَف بطريقة مناعة القطيع، وهو مصطلح مأخوذ من علم الأوبئة البيطرية، ويقصد به أن"يهتم الناس بالصحة العامة للقطيع ولا يهتم بالحيونات الفردية.".(78)

     واستعير هذا المصطلح لاستخدامه في التجارب البشرية مع الوباء، ويقصد به الآن أن يتعرض للمرض - كمرض (كوفيد-19)  مثلاً-  أكبر قدر ممكن من البشر، ومن ثم يشفى معظمهم منه، هذا على الرغم من أنَّه قد يؤدِّي إلى وفيات كثيرة، ولكن في النهاية سيكون للذين تعافوا من المرض مناعة منه، مما يسهم في النهاية في حصار المرض وتحجيمه.(79)

وقد اتخذت المملكة المتحدة من طريقة مناعة القطيع وسيلة لمكافحة الفيروس، وبتاريخ 13 مارس/ آذار/ 2020م صرح السير باتريك فالانس- كبير المستشارين العلميين للحكومة البريطانية-  بأنَّ اتساع دوائر انتشار المرض سينتج مناعة أوسع لأجيال قادمة، على الرغم من أنَّ ذلك قد يكون مقترناً بخسائر في الأرواح، وألمح فالانس إلى أنَّه سيترك انتشار الفيروس حتى يصاب بالمرض نحو 40 مليون نسمة، وهو رقم يعادل حوالي 60٪ من سكان المملكة المتحدة، وحينها تكون البلاد قد اكتسبت مناعة القطيع،(80) وركَّزت الحكومة البريطانية جهودها على الأشخاص الذين تخطوا عتبة السبعين من العمر، وطالبتهم بعزل أنفسهم وعدم التردُّد على الحانات والمطاعم، وكذلك عدم الذهاب إلى العمل إلا في حال عجزهم عن العمل عن بعد. أمَّا الأشخاص الذين يعانون من إصابات متوسطة فطالبتهم أيضاً بعزل أنفسهم، هذا مع عدم إجراء أي فحوصات لهم، على أن تجرى الفحوصات فقط للحالات المتدهورة أو المستعجلة.(81)

       كما اتبعت السويد طريقة مناعة القطيع على الرغم أنَّها لم تعلن عنها رسمياً، وقد توقع أندرس تيجنيل- كبير علماء الفيروسات في وكالة الصحة السويدية- أن تصل مدينة ستوكهولم إلى مناعة القطيع في وقت مبكر من شهر مايو/أيار/ 2020م، وذلك استناداً إلى افتراضات سلوكية يتم تحديثها يومياً.(82) ولم تفرض السويد إجراءات عزل صارمة على مواطنيها، فقط منعت تجمُّع أكثر من خمسين شخص في الموضع الواحد، كما سمحت بفتح المدارس والمؤسسات والمطاعم والحانات، ولكنها حمَّلت المواطنين المسؤولية في تطبيقهم للتباعد الاجتماعي، ولم تقم بإغلاق المؤسسات إلا في حال التزاحم الشديد، كما طلبت الحكومة السويدية من المسنين عزل أنفسهم وهو ذات الأمر الذي طلبته من الذين يعانون من أمراض مزمنة.(83)

موقف الخبراء من طريقة مناعة القطيع:

     لم تُحْظَ هذه الطريقة بالقبول دولياً أو محلياً في البلدان التي استخدمتها، فقد تعرَّضت لنقد شديد من خبراء الفيروسات والصحة العامة، ومن ذلك ما صرَّح به الدكتور تشونغ نانشان- خبير الفيروسات في الصين- من عدم جدوى تلك السياسات التي بموجبها يتمُّ تعريض عدد كبير من الناس للمرض بغرض اكتساب المقاومة، وهي مقاومة تثار الشكوك حول جدواها، يقول نانشان عن ذلك: "ليس لدينا دليل يثبت أنه إذا أُصِبْتَ مرة واحدة، فستكون محصناً مدى الحياة."،(84) كما حذَّرت منظمة الصحة العالمية من اتباع تلك الطريقة في مكافحة الفيروس، ومن ذلك ما جاء على لسان المدير التنفيذي لبرنامج الطوارئ بالمنظمة- الدكتور مايك رايان- من أنَّ استخدام تلك الطريقة يمكن أن"يؤدي إلى عملية حسابية وحشية للغاية لا تضع الناس والحياة والمعاناة في مركز المعادلة.".(85) ولم تسلم الطريقة من النقد حتى في البلاد التي استخدمتها وسيلة لمكافحة الفيروس، ومن ذلك رفضها من قِبَل عدد من علماء بريطانيا، والذين عبَّروا عن استيائهم وغضبهم من تباطؤ الحكومة في الحدِّ من انتشار الفيروس، ومن هؤلاء الرافضين للإستراتيجية السير دافيد كينغ- المستشار العلمي السابق للحكومة البريطانية (2000م- 2007م)- والذي أكَّد على فشل الحكومة في التعامل مع الفيروس بسرعة، هذا على الرغم من وجود تقرير- قدمه دافيد كينغ بنفسه في العام 2006م- يوضَّح فيه إمكانية انتشار أيِّ فيروس في العالم خلال ثلاثة أشهر من ظهوره، ومع ذلك لم تَبْنِ الحكومة الحالية ذلك التقرير في حساباتها، وطالب دافيد كينغ بضرورة الإفصاح عن اللجنة العلمية التي تعتمد الحكومة الحالية على آرائها واستشاراتها العلمية في مكافحة

فيروس كورونا (كوفيد- 19)، وأيَّده في ذلك جون أشتون- مسئول جهوي في الصحة العامة- مطالباً بإشراك جميع التخصًّصات الطبية في تلك اللجنة وعدم الاقتصار على آراء لعدد محدود من العلماء، كما صرَّحت هيلين وارد- برفيسورة الصحة العامة في جامعة امبريال كوليج- بأنَّ"الحكومة لم تطبق أبداً ما يقوله العلم.".(86) وفي هذا إشارة إلى لا علمية طريقة مناعة القطيع المستخدمة في بريطانيا حتى ذلك الحين. وفي السويد أيضاً تعرَّضت الطريقة للرفض من قِبَل السويديين أنفسهم، وقد نشرت صحيفة (داغنز نيهيتر) السويدية مقالاً ضم آراء ( 22) باحثاً  يرفضون تلك الطريقة، ويرون أنَّه كان يتعيّن على الحكومة الحفاظ على حياة الناس لحين الوصول إلى علاج أو لقاح للمرض بدلاً من تركهم يموتون هكذا، كما أشار الباحثون إلى وفاة (619) حالة بالمرض من أصل مليون حالة في بلجيكا، ومع ذلك لم تتجاوز نسبة الذين على حصلوا على أجسام مضادة للمرض 6٪،(87) وهذا يعني في النهاية التشكيك في جدوى تلك الطريقة للوصول إلى مناعة ضد المرض.

      ومع كلِّ هذا الرفض الذي قٌوبِلَتْ به طريقة مناعة القطيع- هنالك من الخبراء من يطالب بتطبيق تلك الإستراتيجية، ومن هؤلاء البروفيسور الألماني أليكساندر كيكولي- خبير الأوبئة السابق- والذي طالب بتطبيق تلك الإستراتيجية وفق خطة جديدة تتضمن ثلاث نقاط هي:

1. الإبقاء على حالة عزل المسنين والذين لهم سوابق صحية تجعلهم أكثر عرضة للمرض.

2. تغيير الابتعاد الجماعي إلى المسافة الذكية، ويستثنى من ذلك أمين الصندوق في المحلات(الكاشير) و(سائقي الأجرة)، فهؤلاء عليهم لبس الأقنعة مع الحفاظ على تدابير نظافة كاملة.

3. تعريض الأطفال للإصابة بالفيروس، لأن الفيروس لا يشكل خطورة على من هم دون الخمسين في العمر.(88)ولكن تظلّ مثل هذه الأصوات قليلة وخافتة، ولكن ربَّما تتمُّ الاستجابة لها يوماً ما، وخاصة عندما تتفاقم هذه الأزمة باستمرار انتشار الفيروس لشهور أو سنوات قادمة دون العثور إلى لقاح ناجع أو عقار فعَّال، فحينها قد تضطر البشرية إلى تطبيق تلك الإستراتيجية وفقاً لتلك للضوابط التي وضعها البروفيسور الألماني أليكساندر كيكولي.

التراجع عن تطبيق طريقة مناعة القطيع:

         تراجعت بريطانيا لاحقاً عن تطبيق تلك الطريقة، وشرعت الحكومة في تطبيق الإغلاق العام لمدة ثلاثة أسابيع لمنع انتشار الفيروس، وذلك اعتباراً من 23 مارس/ آذار/ 2020م، ولم يعد مسموحاً للبريطانيين الخروج من المنازل إلا في حالات الضرورة القصوى كشراء الحاجيات أو العمل أو مقابلة طبيب أو التنزه لمرَّة واحدة في اليوم، وقد تولَّت الشرطة البريطانية تطبيق إجراءات الإغلاق العام، كما فرضت غرامة مالية كبيرة على المخالفين لتلك الإجراءات.(89) بينما استمرت السويد في طريقة مناعة القطيع دون أن تعلن عن ذلك رسمياً، هذا على الرغم من تراجع الداعمين لتلك الطريقة من علمائها، ومن ذلك تراجع عالم الأوبئة السويدي أندرس تينجيل، والذي كان يمثِّل أكبر الداعمين للطريقة، وقد تراجع عن ذلك في تصريح له بأنَّه كان ينبغي على الحكومة السويدية بذل مزيد من الجهود في وقت مبكِّر من انتشار الفيروس، ومع ذلك يرى تينجيل من المبكِّر الآن الجزم بأنَّ الإغلاق العام كان ناجحاً في الحدِّ من انتشار الفيروس.(90)

تقييم طريقة مناعة القطيع:

      على الرغم من مقبولية الهدف الذي تسعى الفكرة لتحقيقه، ألا وهو إكساب الناس مناعة ضد المرض بما يسهم في النهاية إلى القضاء على المرض،  إلا أنَّ هذه الطريقة المتَّبعة للوصول إليه قد أثارت شكوكاً حول جدوى ومدى أخلاقيتها في مكافحة الفيروس، حيث انتهكت عدداً من القواعد الأخلاقية والتي تتمثَّل في:

1. إنَّها أهدرت الجانب الإنساني، وتناست حقَّ الإنسان في الحياة، وهو حقٌّ كفلته له الديانات والأعراف والتقاليد الدولية التي تؤمن بها تلك البلاد التي طبقت تلك الطريقة، فهذه الطريقة تخالف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي ينصُّ على حقِّ الإنسان في الحياة،(91) وذلك بتعريض حياة الناس لخطر الإصابة بالفيروس من أجل الحصول على مناعة مستقبلية قادرة على مقاومة المرض والقضاء عليه في المستقبل.

2. كما صادرت تلك الطريقة حق الإنسان في الصحة، وهو حق مكفول للإنسان وفقاً للأعراف والقوانين الدولية، وقد نُصَّ عليه أيضاً في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،(92) وذلك لعدم بذل الحكومة الجهد لحماية المواطن من الإصابة بالمرض، بل إنَّ الفكرة العامة لمناعة القطيع تهدف إلى ضرورة إصابة أكبر قدر من الناس بالمرض، كما أنَّ المواطن حُرِمَ من الحصول على خدمات طبية مهمة مثل الحق في إجراء فحوصات التأكد من الإصابة بالمرض.

3. التهاون والتقليل من حجم الخسائر المتوقعة للوصول إلى تحقيق أمثل لفكرة مناعة القطيع، وذلك كما صدر في تلميحات باتريك فالانس من وجود خسائر في الأرواح لاكتساب مناعة القطيع بعد إصابة حوالي 40 مليون مواطن بريطاني.(93) وهذا يعني أنَّ منظِّري تلك الطريقة ومطبقيها لا يضعون أيَّ قيمة للحياة البشرية في سبيل تحقيق تلك أهداف الفكرة. كما فشلت الفكرة عملياً في الوصول إلى مبتغاها، هذا على الرغم من حجم الخسائر الروحية التي تكبدتها البشرية في سبيل تحقيق تلك الأهداف، حيث تصدرت بريطانيا الدول الأوربية، مسجلة أعلى عدد وفيات بسبب كورونا مسجلة عدد(29427) حالة وفاة، وذلك حتى الخامسة مساء من يوم الاثنين الرابع من مايو/ أيار/ 2020م.(94)

كما سجَّلت السويد نسبة وفيات أعلى من الدول المحيطة بها، حيث سجَّلت عدد(4542) حالة وفاة، وهي نسبة عالية مقارنة بما حولها، حيث بلغت عدد الوفيات (580) حالة وفاة في الدانمرك، وعدد (237) حالة وفاة في النرويج، وعدد (321) حالة وفاة في فلندا، وذلك حتى الثاني من يونيو/ حزيران/ 2020م.(95) أمَّا بخصوص الهدف من تطبيق إستراتيجية القطيع فإن الشكوك تحوم حول إمكانية تحقيقه، وقد أشارت الدكتورة ماريا فان كير كوف- عالمة الوبائيات والأمراض المعدية في منظمة الصحة العالمية- إلى وجود (90) دراسة حول تكوين الأجسام المضادة للفيروس في مسوح وتحليلات لعدد من الدول، وعلى الرغم من عدم التأكد من جميع تلك الدراسات لعدم نشرها جميعاً- إلا أنَّها تشير إلى وجود نسبة ضئيلة من الأجسام المضادة لمن أجريت لهم تلك المسوح والتحليلات،(96) وفي هذا إشارة إلى عدم إمكانية تحقيق هدف الفكرة، وبما أن السويد استمرت في استخدام  طريقة مناعة القطيع- إلا أنَّها مازالت بعيدة جداُ  عن نسبة التعرض الكافية لتحقيق تلك المناعة،  وفي  دراسة للمعهد الإيطالي للدراسات الدولية

وَرَدَ أنَّ أوربا ما زالت بعيدة عن تحقيق نسبة التعرُّض  (ISPI)

 الكافية لتحقيق المناعة، وقد تصدرت بلجيكا القائمة بنسبة تعرُّض 6,2 ٪ من إجمالي عدد سكانها، بينما تذيَّلت القائمة السويد بنسبة تعرُّض 2,5 من إجمالي عدد سكانها، علماً بأنَّها في حاجة إلى نسبة تعرُّض حوالي 40٪ من إجمالي سكانها وفقاً لما أشار إليه خبير، وقد قدّرت الدراسة الإيطالية ضرورة الوصول إلى نسبة تعرُّض تفوق 70٪ من إجمالي عدد السكان للوصول إلى مناعة القطيع، وهذا يعني أن السويد مازالت في حاجة إلى مضاعفة نسبتها تلك إلى (28) ضعفاً.(97)

 

       ونستنتج مما سبق ذكره أنَّ إستراتيجية مناعة القطيع طريقة لا أخلاقية في مكافحة فيروس كورونا، وذلك لأنَّها لا تلقي بالاً لقيمة الروح البشرية في سبيل تحقيق هدف مشكوك الوصول إليه، أو مازال بعيد المنال على الرغم من التضحية بعدد مقدَّر من الأرواح البشرية في سبيل الوصول إلى ذلك الهدف أو تحقيقه.

انتهاك خصوصية المريض:

        مع سرعة انتشار الفيروس في نطاق واسع من العالم، وفي وقت عجزت فيه العقول عن إيجاد علاج ناجع منه أو لقاح فعَّال له- بات العالم يبحث عن وسائل تعزِّز الخيار الوحيد أمام البشرية، ألا وهو خيار الوقاية من الفيروس، فكان تطبيق نظام الحجر الصحي وإغلاق المناطق والمدن على ساكنيها، مع استخدام واسع للمعقِّمات والكمَّامات وشتى أنواع المعينات الطبية على شحٍّ ظاهر فيها، وعلى الرغم من التشابه الكبير في قواعد طرق الوقاية من الفيروس المتَّبعة في معظم أنحاء العالم- ظهرت بعض التجارب التي أظهرت تفرّداً في هذا المجال، ومنها تجربة دولة كوريا الجنوبية، والتي أجرت كثيراً من الفحوصات المجانية للكشف المبكِّر عن المصابين بالفيروس، حيث أجرت كوريا الجنوبية الفحص لعدد 270 ألف حالة، وفي خلال فترة ازدياد  عدد المصابين صارت كوريا الجنوبية تجري  الفحص لعدد 10 آلاف حالة يومياً، وذلك من خلال المستشفيات والمراكز المتنقِّلة،(98)

ثم استخدمت كوريا الجنوبية  التقنيات الحديثة لتتبُّع المصابين بالفيروس، وذلك بغرض التقليل من انتقال العدوى إلى غيرهم، واستخدمت كوريا الجنوبية نظام المراقبة التكنولوجية، وذلك عبر تتبُّع استخدام البطاقات المصرفية للمصابين، وكذلك عبر الأجهزة التلفونية النقَّالة خاصة المصابين، علماً بأنَّ شركات الهاتف المحمول الكورية تمتلك

 لتحديد المواقع (GPS) بيانات كاملة عن مستخدميها مما يسهِّل للسلطات مراقبة المصابين منهم عبر تقنية

والتي تجعل من معرفة خط سير المريض أمراً ممكناً تحديده بدقة، بالإضافة إلى استخدام أجهزة إرسال واستقبال

، المنتشرة في كلِّ أنحاء البلاد، هذا بالإضافة إلى امتلاك كوريا الجنوبية لنظام كاميرات(Transceiver)المواقع

 المراقبة، وذلك بنشر 8 ملايين كاميرا في شوارع كوريا ومرافقها المختلفة، وذلك بمعدَّل كاميرا واحدة لكل ستة أشخاص، مع إمكانية التقاط مئة صورة يومياً في المتوسط لكلِّ مواطن كوري،(99) ويتضاعف هذا العدد في حال

سفر المواطن من موضع إلى آخر في كوريا، وعند إصابة الشخص بفيروس كورونا، يتم التأكُّد من فحصه، ومن ثم يتمُّ نشر كافة البيانات التي تتعلَّق بتحرُّكاته ومخالطاته، وتصبح تلك البيانات مشاعة للجمهور، وليس هذا فحسب بل هنالك إمكانية لتحديد كل موضع ذهب إلية المريض أو استخدم مرفقاً من مرافقه، كما يمكن تحديد موضع جلوسه على الحافلة وحتى موضع جلوسه في السينما أو المصلحة الحكومية، كلٌّ تلك المعلومات عن المصاب والنطاق البشري المحيط به تصبح مشاعة للجمهور، وذلك للاحتراس من مخالطته والاقتراب منه، وتعلن الحكومة الكورية الجنوبية حالات الإصابة الجديدة بكل دقَّة ودون حرج،  وعند ظهور حالة إصابة جديدة تعلن عنها السلطات عبر خرائط الهواتف الذكية، وتحذِّر المستخدمين من ارتياد مناطق معيَّنة قد زارتها تلك الحالة الجديدة، وكذلك التحذير من سلوك طرق بعينها قد سلكتها الحالة الجديدة نفسها، وكلُّ هذه التحذيرات تصبُّ في النهاية إلى إشعار الشخص السليم بالاقتراب من الخطر، بما يحمله في النهاية إلى الابتعاد عن تلك المواضع التي سجّلت فيها الحالة المصابة تواجداً سابقاً قبل وقت قصير من ذلك الإعلان.(100)

كما قامت السلطات في هونج كونج بإجبار المواطنين- القادمين عبر المطارات- على لبس أسورة إلكترونية،

 (QP) ليتمَّ التأكد من التزامهم بالعزل الصحي،حيث يحصل كلُّ مستخدم للسوار الإلكتروني على رقم

على هاتفه المحمول، ويستخدم التطبيق (Stay Home Safe) خاص ، ثم يقوم المستخدم بتحميل تطبيق

تجرى عملية معايرة للسوار والتطبيق بعد    ومن ثم(geofencing) والسوار نظام تحديد المواقع

إجراء مسح كود السوار عبر التطبيق، وتكون عملية معايرة التطبيق عبر التجول بالسوار في المنزل أو الشقة، بتسجيل الإشارات اللاسلكية في المنزل أو الشقة، وكذلك تسجيل الإشارات المجاورة وبعد أن يقوم  السوار يصبح تحديد خرق المستخدم للحجر الصحي أمراً ممكناً، فيقوم التطبيق بإرسال تحذير إلى السلطات(WIFI)بذلك الخرق، ممَّا يعرِّض صاحبه لعقوبة قد تصل إلى السجن ستة أشهر، والغرامة المالية التي تصل إلى 3200 دولار.(101) كما وجدت  فكرة المراقبة الإلكترونية قبولاً لدى سلطات دول أخرى منها تايوان، والتي تستخدم تقنية

  لمراقبة الخاضعين للحجر(GPS) مراقبة الإشارات الخلوية للهاتف وكذلك فعلت إسرائيل والتي تستخدم

الصحي، أما أستراليا فقد استخدمت نظام تتبُّع تستخدمه في العادة في التحقيقات الجنائية، ولسنغافورة فريق مراقبة رقمية لرصد وتتبُّع سفر المصابين بفيروس كورونا.(102)

     وهنالك دول عربية قد استخدمت تطبيقات مماثلة للمراقبة، ومنها دولة قطر والتي قررت سلطاتها إجبار المواطنين والمقيمين على تحميل تطبيق (احتراز) والخاص بالمراقبة، وذلك في حال مغادرة البيت لأيِّ سبب من الأسباب، وكذلك فعلت دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي استخدمت برنامج المراقبة الخاص بها واسمه (الحصن)، أما المغرب فقد شرعت في تجربة نسختها التجريبية من برنامج المراقبة الخاص بها، وذلك قبل إطلاقه للاستخدام لاحقاً،(103) كما استخدمت دولة الكويت تطبيقها الخاص بالمراقبة، والمعروف باسم (شلونك)، وتستخدم البحرين برنامجها

في تحديد موقع مستخدم التطبيق،(104) (GPS) (مجتمع واعي)، والذي يستخدم تقنية

كما استخدمت المملكة العربية السعودية الأسورة الإلكترونية لمراقبة مصابي كورونا، كما بدأت في الاستعداد لاطلاق تطبيقها الخاص بالمراقبة، والمعروف باسم (توكَّلنا) مع تعميم استخدام الأسورة الإلكترونية على نطاق واسع.(105)

وقد أبدت ألمانيا رغبتها في اقتفاء أثر التجربة الكورية في مراقبة كورونا، وذلك في مقترح تقدَّمت به وزارة الداخلية الألمانية، ويوصي المقترح باستخدام قاعدة البيانات الضخمة، وتقنية تتبُّع المواقع وذلك في حال لم تفلح الإجراءات المستخدمة في الحدِّ من انتشار كورونا.(106)

     وقد حظيت الفكرة الألمانية بدعم 130 باحثاً، إلا أنَّه مازال بعض الأكاديميين لا يزالون يعارضون الفكرة،

 ، وذلك لأنَّه برنامج لا مركزي، ويراعي مبادئ الخصوصية(DP3T) ويدعمون برنامجاً آخر تنتجه سويسرا باسم جمع البيانات واستغلالها.(107)

وقد أحرزت التجربة الكورية نجاحاً في وقف انتشار الفيروس، حيث انخفض عدد الإصابات الجديدة بالفيروس إلى معدلات منخفضة، وذلك كما في عدد الإصابات الجديدة بتاريخ 19/أبريل/ نيسان/ 2020م، حيث سجَّلت كوريا الجنوبية عدد ثماني إصابة جديدة بالفيروس يومذاك، وقد ذكرت دورية (ذى لانسيت) الطبية

 أنَّ التتبُّع والفحص المكثَّف قد أسهما  في خفض معدلات الإصابة في هونج كونج في أوج فترة انتشار الفيروس فيها، وذلك في نهاية مارس/ آذار/ 2020م، كما ذكرت دورية (نيتشر ميديسن) أنَّ الفحص المكثَّف وتتبُّع شجرة المصابين هما المعياران الأساسيان في وقف انتشار الفيروس في ظل إجراءات العزل الاجتماعي.(108)

      ولكن على الرغم من تلك النجاحات التي تحرزها تلك التطبيقات الخاصة بالمراقبة-  إلا أنَّها مازالت تثير جدلاً أخلاقياً يتعلق بانتهاك خصوصية المريض، وذلك بجمعها لتلك البيانات الشخصية عنه وحفظها في قواعد بيانات مركزية، ومشاركتها مع جمهور واسع يحيط بالمصاب وتدخل فيه حاضنته الاجتماعية.

      وقد أوقفت النرويج برنامجها بسبب انتهاك الخصوصية، حيث قالت هيئة حماية البيانات في البلاد إنَّ التطبيق يمثل انتهاكاً لخصوصية المستخدم، كما قام الباحثون في مختبر منظمة العفو الدولية بإجراء تحليلات لبعض البرامج التي تستخدمها مجموعة من الدول تضم: فرنسا، والنرويج، وآيسلند، وإسرائيل، والجزائر، ولبنان، وقطر، والكويت، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، وتوصلت تلك التحليلات إلى أن أسوء تلك البرامج هي: برنامج(مجتمع واعي) البحريني، وبرنامج (شلونك) الكويتي، وبرنامج (سيمستوب) النرويجي، حيث يرى كلاديو غوارنييري_ رئيس مختبر الأمن بالمنظمة_ أن تلك التطبيقات تتجاهل خصوصية الفرد عبر استخدام أدوات مراقبة شديدة الاختراق، وتتجاوز حدود المعقول، حيث تقوم تلك التطبيقات بنقل إحداثيات المستخدم إلى قاعدة بيانات حكومية بشكل فوري، دون أن تكون هنالك ضرورة مرجحة ودون أن يكون متسقاً مع متطلبات الصحة العامة.(109)

     كما أكَّدت المفوضية الأوربية على ضرورة استخدام تلك التطبيقات بشكل مؤقَّت، كما طالبت المفوضية دول الاتحاد الأوربي بضرورة تناسب تلك التطبيقات مع قواعد احترام الخصوصية المتَّبعة في دول الاتحاد، والاتجاه الذي يلقى قبولاً في أوربا الآن هو دعم التطبيقيات اللامركزية في جمع معلومات المستخدِّم في مقابل التطبيقات التي تستخدم قاعدة بيانات مركزية، نتيجة لما تمثِّله الأخيرة من خطورة على خصوصية المستخدِّم.(110)

ونتيجة لتلك المخاوف ونحوها أصدرت عدَّة منظَّمات مجتمعية- وعاملة في مجال حقوق الإنسان- بياناً مشتركاً حدَّدت فيه ثمانية شروط لاستخدام تقنيات المراقبة في مجال مكافحة الوباء، والشروط هي:

1. أن تكون تدابير المراقبة مشروعة وضرورية ومناسبة، وتستند على نصٍّ قانوني وتبرير صحي مشروع من سلطات الصحة العامة، مع الشفافية في استخدامها بما يضمن التدقيق فيها وتعديلها وحتى سحبها وإلغائها لو تطلب الأمر ذلك.

2.عند توسيع سلطات المراقبة يجب أن تكون هذه السلطات محدَّدة زمنياً، ويرتبط استمرارها بضرورة وجودها لمعالجة الوباء.

 

3. ضمان عدم استخدام تلك البيانات الشخصية لغير أغراض الاستجابة لوباء (كوفيد- 19)، وأن تكون تلك البيانات محدودة النطاق والزمن، وعدم استخدامها في الأغراض التجارية، أو أي أغراض أخرى.

4. أن تبذل الحكومات قصارى جهدها لحماية البيانات الشخصية.

5. أن لا تسهم تلك التدابير في زيادة الفجوة في التمتُّع بحقوق الإنسان بين مختلف فئات المجتمع.

 6. عند إبرام اتفاقيات بين الحكومة وأيِّ كيان آخر بخصوص تلك البيانات- يجب الكشف عن تلك الاتفاقيات والمعلومات لتقييم أثرها على انتهاك الخصوصية.

7. أن تضمن تلك التدابير حماية المساءلة ومنع إساءة الاستخدام، وأن لا توضع تلك الجهود الرقابية ضمن نطاق وكالات الأمن والمخابرات، بل يجب أن تخضع للرقابة من قبل سلطات مستقلِّة.

8. يجب أن تضمن الاستجابة المتعلِّقة بالوباء وسائل المشاركة الفعَّالة والنشطة لأصحاب المصلحة المعنية ولاسيما الخبراء في قطاع الصحة العامة والفئات السكانية الأكثر تهميشاً.(111)

ملاحظات على تلك الشروط:

     وبالبحث عن توفر تلك الشروط في التطبيقات العاملة في مجال المراقبة توجد بعض الملاحظات التي تتمثَّل في:

1. بخصوص الشرط الأول والخاص بربط استخدام تلك البيانات لأغراض مكافحة المرض، وارتباط استمرارها بوجوده- لا توجد ضمانات كافية من أنَّ السلطات يمكنها التخلُّص طواعية من هذا الكنز المعلوماتي بعد انتهاء فترة مكافحة الوباء، كما لا توجد ضمانات من عدم استخدام السلطات في بعض الدول من الاستفادة من قاعدة البيانات تلك في قمع المعارضين والناشطين السياسيين الذين يختلفون في اتجاهاتهم الفكرية مع سلطات بلادهم.

2. بخصوص الشرط الثالث والخاص بعد استخدام  هذه البيات لأغراض تجارية أو أيِّ أغراض أخرى- هنالك بعض البيانات التي استُخدِمَتْ لأغراض أخرى، ومن ذلك ربط تطبيق (مجتمع واعي) البحريني  ببرنامج تلفزيوني يقدم الجوائز لمطبقي الحجر الصحي من المصابين، واسم ذلك البرنامج هو (هل أنت في المنزل؟) ، وذلك عن طريق الاتصال به على الهواء مباشرة، والتأكد من وجوده في البيت.(112)

       كما لا توجد ضمانات من استخدام تلك البيانات من قبل الشركات وأصحاب العمل، وذلك على نحو قد يؤدِّي إلى حرمان شخص من وظيفة بطرفهم نظراً لسجله الصحي الذي أصبح مشاعاً من خلال ما تنشره تلك التطبيقات على الجمهور علناً.(113)

4. وبخصوص الشرط الرابع والخاص ببذل الحكومة قصارى جهدها لتأمين تلك البيانات- لا توجد أيُّ ضمانات بعد قرصنة تلك البيانات مهما بلغت الجهود لحفظها مبلغاً عالياً من التأمين، حيث تتعرَّض معظم دول العالم وأجهزتها السرية لعمليات قرصنة معلوماتية طوال الوقت.

5. وبخصوص الشرط السابع والخاص بالجهة المشرفة على تلك البيانات- يلاحظ أنَّ هذا الشرط لا ينطبق على كثير من برامج تلك التطبيقات، إذ تتبع إداراتها إلى جهات رسمية في الدولة، وليست جهات مستقلة يمكن أن تضمن المساءلة في حال سوء الاستخدام.

        هذا بالإضافة إلى أنه لا توجد ضمانات كافية بعدم استخدام هذه البيانات استخداماً سيئاً من قبل الجمهور المطلع عليها، وذلك نحو استخدام تلك المعلومات عن مرض المصاب في ممارسة التمييز السلبي ضده، وعدم مخالطته والاستمرار في عزله حتى بعد تماثله للشفاء من المرض،  هذا فضلاً عن الضرر النفسي الذي يلحق بالمصاب ومحيطه الاجتماعي نتيجة التعنصر عليهم بالوصمة المرضية للوباء، وهذا الضرر النفسي يصعب جبره مادياً أو معنوياً.

اختلاق الشائعات المضللة عن كورونا ونشرها:

         صُحِب انتشار فيروس كورونا بانتشار كم مقدَّر من الشائعات المضلِّلة، والتي أثارت البلبلة والتشتُّت في المجتمعات المحلية والدولية، وساعد على سرعة انتشارها حالة القلق التي تعيشها البشرية، وفي ظل تقنيات حديثة تسرع من وتيرة الإشاعة وتعزِّز من نشرها وتداولها على نطاق واسع، ممَّا يصعِّب من مهمَّة تتبّعها وكشفها وإبطالها مهما كانت الحجج والأدلَّة قوية على دحضها، بما يشير إلى وجود جهات منظًّمة ومقتدرة تستثمر في نشرها.

    وقد اتهمت الولايات المتحدة الأمريكية روسيا بنشر مزاعم غير صحيحة عن نشر واشنطن المرض، وقامت روسيا بنشر تلك المزاعم على وسائل التواصل الاجتماعي(فيسبوك، تويتر، انستغرام)، وقد نفت روسيا ذلك الاتهام، وقالت ماريا زاخاروفا المتحدثة باسم الخارجية الروسية: "هذه قصة كاذبة".(114) كما صدرت وثيقة عن خدمة العمل الخارجي بالاتحاد الأوربي تتهم وسائل الإعلام الروسية باللجوء إلى حملات تضليل إعلامي كبير  فيما يتعلَّق بفيروس كورونا، وتضخيم فشل الاتحاد الأوربي في مكافحة الفيروس، مما يؤدِّي في النهاية إلى تدمير المجتمعات الأوربية.(115)

البحثي والتابع للاتحاد الأوربي عدداً من الأخبار والبيانات الكاذبة فيما (Euvs Disinfo) كما تتبَّع موقع

يتعلَّق بالفيروس، وقد جمع الموقع عشرات الروايات الكاذبة والشائعة في الفترة(22 يناير/ كانون الثاني/ 2020م_ 25 مارس/آذار/ 2020م)، فوجد أكثر تلك الرسائل تداولاً تلك التي تتحدَّث عن صناعة الولايات المتحدة الأمريكية الفيروس، ثم تأتي في المرتبة الثانية الرسالة التي تتحدث عن فشل الاتحاد الأوربي في مكافحة الفيروس، وقد لاحظ الموقع أنَّ تلك الشائعة جرى تداولها في فترة تقديم روسيا مساعدات طبية لإيطاليا، وتوصّل الموقع إلى

 ، كما لاحظ الموقع أنَّ بعضاً من تلك(URL) ترتيب تداول تلك الشائعات عبر تحليل (442) عنوان

الشائعات قد حصل على كمية من حالات التفاعل يقارب (300) ألف حالة تفاعل، وهو رقم يعكس حجم انتشار تلك الشائعة في نطاق واسع، وقد يكون لها تأثيرها السلبي.(116)

كما تمكَّنت وحدة مكافحة التضليل الإعلامي-بالاتحاد الأوربي- من تحديد بعض من مصادر تلك الشائعات، ومنها قناة روسيا اليوم الناطقة باللغة الأسبانية، والتي تأتي في المرتبة الثانية عشرة من بين تلك المصادر، كما أكَّد

الجهاز الأوربي للعمل الخارجي أنَّ وسائل الإعلام الموالية لروسيا لا تختلق تلك الشائعات ولكنها تضخِّم الشائعات التي يختلقها غيرها كالصين أو إيران أو اليمين المتطرّف مثلاً، وبذلك تتفادى تلك الوسائل توجيه التهمة إليها باختلاق الشائعات.(117) وبمواجهة روسيا بتلك الاتهامات أنكرتها، حيث وصفها ديمتري بيسكوف- المتحدث  باسم الكرملين-  بأنَّها مزاعم لا أساس لها من الصحة، وهي "ناجمة عن هوس عدائي تجاه روسيا.".(118)

وسواء أكانت تلك التهم صحيحة أم زائفة، فإنَّه يصعب إثبات تلك التهم ضد روسيا أو غيرها من الدول، وذلك نظراً إلى الطريقة المخادعة التي تُستَخدَم في تضخيم الشائعة وليست اختلاقها، هذا بالإضافة إلى صعوبة التوصل إلى من يختلق تلك الشائعات.

وبخلاف تلك الشائعات التي تدعمها بعض الدول من وراء ستار- هنالك شائعات لا تقلُّ عنها خطراً يقوم باختلاقها أفراد من الناس ثم يقومون بنشرها، ولكنها قد تحظى برواج لا تحصل عليه الشائعات التي تدعمها بعض الدول، هذا على الرغم من غرابة بعض من تلك الشائعات الفردية أو سذاجتها أحياناً.

وفريق لها في المعلومات المضلِّلة حول فيروس كورونا  وقد حققَّت ماريا سبرينغ

فوجدوا سبعة أنواع من الناس يختلقون الشائعات وهم:

1. الهزلي كثير المزاح: وهذا يلقي ببعض المعلومات حول الفيروس على سبيل الدعابة والمزح، وهو أمر يفهمه بعضهم، كما أنَّ هنالك من يصدِّق المزحة فيعدّها معلومة حقيقية فيعمل على نشرها، لذلك تعمل الحكومات على محاربة أي نوع من المعلومات المضلِّلة، حتى أنَّ بعض الحكومات حذَّرت مواطنيها من استخدام معلومات مضلِّلة في كذبة أبريل وتوعَّدت بسجن من يستغلُّ الكذبة لترويج شائعة مضلِّلة عن الفيروس.

2. المتحايل: وهو شخص يحاول الاستفادة من نشر المعلومات المضللة باستغلال حالة الفزع التي يعاني منها الناس في الأزمة، ومن شائعات هذا النوع تلك الشائعة التي تروج لمساعدة المتضررين مالياً بسبب الفيروس، وذلك عن طريق مسابقة تعرض جوائز ضخمة للفائزين، وقد لاقت تلك الشائعة رواجاً بعدِّة لغات.

3. السياسي: قد يطلق بعض السياسيين بعض المقترحات على سبيل السخرية، ولكن ذلك المقترح الساخر قد يلقى رواجاً عند بعضهم، فيعمل على نشره وكأنَّه معلومة حقيقية، ويعدّ الرئيس دونالد ترامب من السياسيين الذين ارتبطت أسماؤهم بأخبار مغلوطة، وذلك كما في مقترحه الساخر الذي يدعو إلى تعريض المصابين بالفيروس لاختبار للأشعة فوق البنفسجية وحقنهم بالمنظِّافات للقضاء على الفيروس، ولاحقاً بيّن ترامب أنَّ الأمر مجرَّد مقترح ساخر، ولكن مع ذلك اضطرت منظمة الصحة العالمية ومنظمات محلية أخرى لتحذير الناس من تطبيق ما جاء في ذلك المقترح، كما اضطرت شركات المنظِّفات إلى التحذير من إدخالها  إلى الجسم بأي شكل من الأشكال.

 4. المؤمن بنظريَّة المؤامرة: وهذا النوع يطلق شائعات تؤيِّد تلك النظريّة حول وجود مؤامرة في نشر الفيروس، ومن شائعات هذا النوع تلك الشائعة التي تتعلَّق بأنَّ أبراج اتصالات الجيل الخامس وراء نشر الفيروس، وقد حُظِيَتْ تلك الشائعة برواج مقدَّر حتى أنَّ مفتى مصر السابق علي جمعة تحدَّث عنها في إحدى حلقاته التلفزيونية  

 كما أدى انتشار تلك الشائعة إلى قيام بعضهم بحرق أبراج اتصالات الجيل الخامس في بريطانيا، مما جعل منظمة الصحة العالمية تنفي صحّة تلك الشائعة.

5. الخبير: وهو شخص من العاملين في المجال الصحي أو في الصفوف الأمامية لمكافحة الفيروس، وفي وسط انتشار الوباء فإنَّ الناس يميلون إلى تصديق شائعات أصحاب هذا النوع، وذلك لعلاقته الوطيدة بالدوائر المتخصِّصة.

6. الأقارب: ويمثِّلون حلقة من حلقات نشر الشائعة، فقد يصادف بعضهم شائعة وقد لا يصدّقها ولكن مع ذلك ينقلها لأقاربه من باب التحذير لاحتمال أن تكون صحيحة.

7. المشاهير: وتلقى بعض تعليقاتهم المستخفَّة حول الفيروس رواجاً عند بعضهم، ومن ذلك التعليق المستخفُّ بكورونا، والذي نقل عن الممثِّلة المصرية زينة، ولاحقاً اعتذرت زينة عن ذلك التصريح المستخفِّ بالفيروس، ووضَّحت بأنَّها كانت مذعورة وحاولت إخفاء ذلك عن طريق الاستخفاف بالفيروس، ولكن النتيجة كانت عكسية واتهمت بالإسهام في تقويض جهود التوعية بمخاطر الفيروس.(119)

      ويتضح ممَّا سبق أنَّ صناعة الشائعات أمر اشتركت فيه الدول والأفراد، وأنَّ بعض شائعات الفردية لا تقلُّ خطراً عن تلك تطلقها الدول أو جهات منظَّمة، كما أنَّ وسائل التواصل الاجتماعي تمثِّل الأدوات الفاعلة في الترويج لتلك الشائعات والأخبار المضلِّلة، وهي أدوات مرنة يصعب السيطرة التامَّة عليها والتدقيق في كلِّ ما ينشر

فيها، وهذا في النهاية قد يؤدِّي إلى تعقيد المشكلة ويفاقم من صعوبة الحدِّ من خطورتها، ويحتاج إلى جهود ضخمة لتتبُّع تلك الشائعات وفضحها وفرزها من الأخبار الحقيقية المتعلِّقة بالفيروس.

محاربة الشائعات:

      ترجع خطورة تلك الشائعات إلى ما تنشره من قلق ورعب وعدم ثقة في المجتمع من جانب، وإلى إسهامها في تقويض الجهود المتعلِّقة  بمكافحة انتشار الفيروس من جانب آخر، وذلك نتيجة لما تنشره من معلومات مضلِّله حوله، ولكل هذه الأسباب بدأت المنظمات والدول في محاربة الشائعات عبر مجموعة من البرامج والوسائل التي تحاول تتبُّع مصادر الشائعة وكشفها قبل استفحال خطرها، ومنها أَّن الأمم المتحدة قد أسهمت في هذا المجال

 تحالف معلومات حول فيروس كورونا، والذي  (Corona Virus Fact Alliance) برنامجها الإنمائي

يضم مئة من مدقِّقي الشائعات من أكثر من (45)دولة، كما أسهمت منظمة الصحة العالمية بشبكتها العالمية  لمحاربة الشائعات بعدَّة لغات وذلك لتعقُّب المعلومات المضلّلة، كما أصدرت المنظمة تنبيهات (EPI_WIN)

 على واتساب وشات بوت وفيسبوك وماسنجر، وذلك لتوفير المعلومات الصحيحة حول الفيروس، كما أسهمت شركات التكنولوجيا في تنقية الأخبار من المعلومات المضلِّلة، حيث قامت شركة غوغل بإزالة المعلومات المضلِّلة حول الفيروس من يوتيوب، وخرائط غوغل، وغوغل بلاي، والإعلانات، كما قامت تويتر بمراقبة الحسابات التي تمثل مصدراً لنشر الشائعات المضلِّلة، وكذلك مراقبة المحادثات للتأكُّد من ذلك، كما قامت بعض الدول بتوفير خدمات كشف الحقائق، وذلك على النحو الذي قامت به مقاطعة كيبك في كندا، والتي وفرت خدمة ما يعرف بكاشف الشائعات للجمهور.(121) وقد شرعت بعض الدول العربية في مكافحة الشائعات والأخبار المضلِّلة حول الفيروس، ففي مصر حذَّرت نقابة الأطباء من تداول فتاوى عن علاج الفيروس ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، وهدَّدت بالشطب من النقابة لكلِّ طبيب يثبت عنه تداوله لتلك الطرق عن علاج الفيروس على تلك المواقع، كما حذَّرت وزارة الداخلية القطرية المواطنين والمقيمين من نشر الشائعات حول الفيروس،أمَّا السعودية فقد حدَّدت عقوبات لمطلقي الشائعات ومروجيها، لما تمثله من إخلال بالأمن العام.(121)

      ويظلُّ نشر الشائعات حول الفيروس سلوك غير أخلاقي وغير مسئول ومضرّ، وعلى الرغم من كلِّ هذه الجهود التي تبذل في مكافحة تلك الشائعات إلا أنَّها مازالت تتقدَّم على تلك الجهود بخطوة، فكلِّ شائعة تُطْلَق يصعب ملاحقتها في كلِّ موضع تنتشر فيه، وحتى ذلك التصحيح الذي يبيِّن زيف تلك الشائعة يصل متأخِّراً في الغالب وبعد أن تكون الشائعة قد ساعدت إلى حدٍّ ما في  تقويض جهود مكافحة الوباء، والإسهام في نشر الفيروس.

وصمة كورونا:

      يقصد بالوصمة الاجتماعية: "الارتباط السلبي بين شخص أو مجموعة من الأشخاص الذين يشتركون في خصائص معينة أو مرض معين مما يعني أن يتم تصنيف الأشخاص والتمييز ضدهم بسبب وجود صلة ملحوظة بمرض ما.". (122) ومع انتشار الوباء في معظم دول العالم، ونتيجة للتركيز على المرض وخطورته، بدأ بعض الناس في التوجُّس من التعامل مع مرضى (كوفيد- 19)، كما اتسعت دائرة الخوف عند بعض الناس فأصبح يتحاشى الاقتراب أو التعامل مع كلِّ من له علاقة بالمرض من قريب أو بعيد، وأصبح المرض الجديد وصمة اجتماعية تحيط بالمريض ومن له علاقة مباشرة به، وأكثر الناس تعرضاً لتلك الوصمة الاجتماعية هم:

1. مريض (كوفيد- 19): ويأتي على رأس قائمة الوصمة الاجتماعية، فيتمُّ عزله اجتماعياً لارتباطه بالمرض، وتطلق عليه وسوماً تدل على التمييز، ومن ذلك إطلاق لفظ (مكرون) على المصاب بمرض (كوفيد- 19)، وقد أدَّت مثل هذه المضايقات الاجتماعية إلى هروب مصاب بالفيروس من مستشفى الحريري في لبنان،(123) كما يتعرَّض المريض للوصمة الاجتماعية ميتاً بعد أن تعرَّض لها حياً، ومن ذلك رفض بعض الأهالي في إحدى القرى المصرية دفن طبيبة مصرية توفيت بالمرض، ولم يتم دفنها إلا بعد تدخُّل من السلطات الرسمية.(124) وقد يتعرَّض مريض (كوفيد- 19) للوصمة الاجتماعية حتى من أقرب الناس إليه، ومن ذلك أنَّ زوجة عراقية أصيبت بالمرض في رحلة لها إلى إيران، وعقب عودتها إلى العراق طلَّقها زوجها، وذلك بحجة أنَّه ليس على استعداد للمغامرة

بانتقال المرض إلى بقيَّة أفراد الأسرة، كما تعرَّضت طالبة عراقية للعزل الاجتماعي من قبل أفراد أسرتها، وذلك عقب شفائها من المرض، وعلى الرغم من شفائها من المرض حرص أفراد الأسرة على إقامتها في الملحق الخاص بالبيت، كما صاروا  يقدمون لها الطعام والشراب على أونٍ بلاستيكية من النوع الذي يُستَخدَم لمرة واحدة.(125)

وهذا السلوك الذي يمارس ضد المصاب سلوك غير أخلاقي ومرفوض يحرِّمه الشرع والقوانين الدولية، وقد أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى فتوى تحرِّمه، وذلك استناداً إلى مجموعة من الأدلة الشرعية وهي: إنَّ الإسلام يحرِّم الاعتداء والإيذاء يقول الله تعالى: {وَلَا تَعْتَدُواْ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ}(126) ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)).(127) كما أنَّ الإسلام دعا إلى المحافظة على الصحة النفسية للمريض حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:((لا تديموا النظر إلى المجذومين)).(128) والتنمر والوصمة فيه إيذاء نفسي للمريض،كما أنَّ الإسلام دعا إلى احترام كرامة الإنسان صحيحاً كان أم مريضاً، حياً كان أم ميتاً، يقول الله تعالى: {ولَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ}(129) كما دعا الإسلام إلى رعاية المرضى والإحسان إليهم والتألُّم لهم، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)).(130) وبناء على تلك الأدلة يكون مريض (كوفيد- 19) ليس مذنباً وعليه يحرم إيذائه والإساءة إليه.(131)

 2. أقرباء المريض:  يتعرَّضون للمضايقة والتمييز بسبب علاقة القربى بينهم وبين المريض، ومن ذلك ما ذكره مواطن مصري من قرية بني جرج بمحافظة المينيا، حيث أصيبت والدته بالمرض في رحلة لها إلى السعودية لأداء العمرة، ومنذ ذلك اليوم تغيَّر تعامل أهل القرية معه، فإذا صادف بعضهم في الطريق تركوه له، وإذا ألقى التحية عليهم فلا يردُّونها عليه،(132) ومنه أيضاً ما أكَّده بعض المواطنين المصريين في الصعيد في الأرياف المصرية من أنَّ الوصمة الاجتماعية للمرض تلاحق الأسرة في تعاملاتها الاجتماعية فلا يزوجون أفرادها ولا يتزوجون منهم،  هذا على الرغم من شفاء مريضهم من ذلك المرض إلا أنَّ المجتمع الريفي لا يمكنه أن ينسى الإصابة بالمرض.(133)

3. العاملون في المجال الصحي: وهؤلاء يتعرضون للوصمة الاجتماعية لعملهم في الخطوط الأمامية في مكافحة الوباء، وعلى الرغم من أنَّ عملهم هذا موجَّه بالأساس لخدمة المجتمع إلا أنَّهم قد يتعرَّضون للمضايقة والتمييز من قبل المجتمع نفسه للسبب عينه، ومن ذلك تعرُّض طبيب مصري من الإسماعلية إلى إشاعة من سكان الحي تفيد أنَّه مصاب بالمرض، ممَّا أدى في النهاية إلى مطالبته بالرحيل حفاظاً على حياة سكان الحي من الأطفال وكبار السن، وقد تكرَّرت تلك الحوادث ضد الأطباء في أكثر من موضع بمصر، الأمر الذي جعل جون جبور- ممثل منظمة الصحة العالمية في مصر-  يصرَّح بأنَّ  مثل تلك المعاملة للعاملين في هذا القطاع يجعل الأمر الصعب أكثر صعوبة.(134)

          ويتضح ممَّا سبق أنَّ الوصمة الاجتماعية لمرض (كوفيد- 19) قد شملت كل من له علاقة بالمرض سواء أكان مصاباً بالمرض أم كان قريباً لمن أصابه المرض أم كان عاملاً في المجال الصحي، وأنَّ الوصمة طالت المصاب

حياً وميتاً، في دائرة شملت حتى أقرب الناس إليه كأفراد أسرة المصاب، كما أن الوصمة استمرت للمصاب حتى بعد التأكد من شفائه من المرض.

مخاطر جعل مرض (كوفيد- 19) وصمة اجتماعية:

      تحاول بعض المجتمعات جعل المرض وصمة اجتماعية حتى تكون في حماية من عدوى المرض، وذلك بتجنُّب المصاب وكلِّ من له علاقة به من قريب أو بعيد ونبذهم جميعاً بلا استثناء، ولكن هذا التعامل على عدم  أخلاقيته فأنَّه لا يحمي المجتمع من انتشار المرض فيه، بل يفاقم من الوضع الصحي الصعب الذي تعيشه كثير من البلدان، وذلك في وقت يعاني فيه كل العالم من نقص حاد في المعينات الطبية التي تعين على مكافحة المرض، وتكمن مخاطر ذلك السلوك غير الأخلاقي فيما يلي:

1. إخفاء المريض إصابته بالمرض: كل مصاب جديد بالمرض- سبق أن شاهد  كيف تمَّ التعامل مع المرضى السابقين بالمرض نفسه-  لن يتردَّد كثيراً في إخفاء إصابته بالمرض، وذلك خوفاً من أن تصيبه الوصمة الاجتماعية للمرض، وما يترتَّب عليها من ألم نفسي وتعدٍ  عليه وانتهاك لحقوقه المشروعة، ولن يكون إخفاء المرض جهلاً بمخاطره، فقد يكون هذا المريض المُخفِي مرضه من العاملين في المجال الصحي ممَّن يدركون خطورة المرض، ويدرك حجم الجرم الذي يتسبَّب فيه بإخفائه للمرض، ولكن هاجس الوصمة الاجتماعية والذعر من ملاحقتها له حياً وميتاً يجعله يفضل اختيار جرم إخفاء المرض على الوصمة الاجتماعية، ومن ذلك أنَّ ممرضة مصرية تعمل في أكثر من مستشفى من مستشفيات مدينة دمياط قد أخفت إصابتها بالمرض ليومين، استمرت فيه مخالطةً للمرضى وزملاء المهنة، وذلك قبل أن تُكشَف حالتها ويعزل كل المخالطين لها من عاملين وأطقم طبية،(135) وفي النهاية يكون المريض المُخفِي مرضه قد أسهم بنشر الفيروس الجديد في دائرة مخالطيه، هؤلاء المخالطون الذين سيقومون بدورهم في نشره في مجموعات جديدة، ممَّا يؤدي في النهاية إلى انتشاره الواسع في المجتمع ككل، وقد صرَّحت وزيرة الصحة المصرية الدكتورة هالة زايد إنَّ نسبة 25٪ من الوفيات الإصابة بالفيروس الجديد تأخَّرت في الوصول إلى المستشفى ممَّا أدي إلى زيادة نسبة الوفيات عموماً بالفيروس في مصر،(136)وذلك بسبب إخفاء المريض للمرض خوفاً من تلك الوصمة،كما أكَّد على ذلك أيضاً جون جبور- ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر- بأنَّ نسبة 30٪ من وفيات المصابين بالفيروس في مصر قد قضوا نحبهم قبل الوصول إلى المستشفيات ومراكز العزل، وذلك بسبب الخوف من الوصمة الاجتماعية للمرض.(137) وهذا السلوك سلوك غير أخلاقي يرفضه الشرع لما يترتّب عليه من مخاطر على المريض نفسه وعلى المجتمع أيضاً، وقد أصدر مجمع الفقه الإسلامي بمنظمة التعاون الإسلامي مجموعة من التوصيات في ندوة فيروس كورونا المستجد وما يتعلَّق به من معالجات طبية وأحكام شرعية، وقد تضمَّنت تلك التوصيات جملة من الأحكام الشرعية، ومنها ما يتعلَّق بإخفاء مرض (كوفيد- 19)، والتي أكَّدت التوصيات بخصوصه  على وجوب عزل المصاب بالمرض بالحجر الصحي، وعدم جواز إخفاء المرض عن السلطات الطبية والمخالطين، وللسلطات أن تعزِّر من تعمَّد إخفاء المرض ممن أصيب به،(138) وذلك استناداً على جملة من الأدلة الشرعية التي تتمثَّل في: قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَة}(139)وقوله تعالى:{وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ}(140) وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تدخلوها، وإذا وقع  وأنتم بأرض فلا تخرجوا منها فراراً منه.))(141) وقوله صلى الله عليه وسلم: ((لا ضرر ولا ضرار)).(142)

       وقد شرعت بعض الدول قوانين تجرِّم ذلك السلوك، ومن ذلك إصدار محكمة صينية قراراً يقضي بالإعدام لكل من يخفي إصابته بالفيروس الجديد أو ينشر معلومات مزيفة عنه، كما سنَّت السلطات الإيطالية قانون يقضي بعقوبة السجن لمدة 12 عاماً لكلِّ من يصاب بالمرض ويخفيه ويتسبب في إيذاء غيره، كما قام مجلس الأمة الكويتي بتعديل قانون الاحتياطات الصحية، ومنه النصُّ على عقوبة تقضي بالحبس لمدة عشر سنوات والغرامة 30 ألف دينار أو بإحدى العقوبتين لمن يصاب بمرض معدٍ ويخفيه وينقله إلى غيره.(143)

2. الاعتداء على الأطباء والأطقم الطبية: على الرغم من الجهود التي يبذلها الأطباء والأطقم الطبية في مكافحة المرض في ظل إمكانيات شحيحة في بعض الدول ممَّا يعرِّض حياتهم لخطر الإصابة بالمرض، وهذه الجهود المبذولة جهود يستحقُّون الشكر عليها إلا أنَّهم يتعرَّضون لاعتداءات لفظية وجسدية سببها الوصمة الاجتماعية للمرض، والتي تجعل بعض مرافقي المرضى  يسئ للطبيب عند إخباره إصابة مريضه بالفيروس الجديد، ويحاول المرافق الإنكار والتشكيك في التشخيص السليم للمرض، فبينما يتمسَّك الطبيب بإجراء ما يمليه عليه واجبه العملي من حجر للمريض يحاول المرافق عدم الانصياع لذلك، وقد يتطوَّر النقاش إلى اعتداء من المرافق على الطبيب، وذلك كالذي حدث لطبيبة سودانية تعرَّضت للضرب المبرح من مرافق في مستشفى الشهداء بضاحية الدروشاب بالخرطوم، كما تكرَّرت الاعتداءات الممثالة في أكثر من مستشفى في السودان، ومن ذلك تعرض الأطباء في مستشفى الضعين بغرب السودان إلى اعتداءات لفظية وجسدية،(144) كما تعرَّض الأطباء إلى الاعتداء في إحدى قرى الوجه البحري بمصر عند إخبار بعضهم بإصابته بالمرض، وذلك لأنَّ أهل القرية يرون ذلك وصمة عار وإهانة،(145) كما تداول العراقيون مقطع فيديو يظهر فيه رجل عراقي يهدِّد المسعفين بإطلاق النار عليهم، وذلك عند قدومهم إلى منزله لنقل امرأة مصابة بالمرض،(146) ونتيجة لتكرار تلك الاعتداءات على الأطباء هدَّد بعضهم بالإضراب عن العمل

ما لم تتوفَّر لهم الحماية الكاملة من أي اعتداء، وقد استشعرت السلطات الخطر فبدأت في سن القوانين التي تمنع مثل تلك الانتهاكات، ففي السودان سنَّت الحكومة الانتقالية قانوناً رادعاً لحماية الكوادر الصحية، والذي تضمن في مواده توقيع عقوبات مثل السجن والغرامة على المعتدين على الكوادر الصحية،(147) كما بدأ مجلس النواب المصري البحث في تجريم التنمر على الكوادر الصحية.(148)

3. الاعتداء على مراكز الحجر الصحي: ونتيجة للخوف من الوصمة الاجتماعية للمرض أقدمت بعض المجتمعات المحلية في بعض الدول بترحيل مراكز الحجر الصحي بعيداً عن مناطقها، وعندما لا تجد تلك المطالبات بالترحيل أذناً صاغية من السلطات قد يقدم بعضهم على الاعتداء على تلك المراكز، ومن ذلك ما حدث من اقتحام مواطنين لمبنى يتبع لوزارة الري والموارد المائية السودانية، والذي يقع في منطقة قنيص شرق محلية الروصيرص بولاية النيل الأزرق، وقد تعرَّضت محتويات المركز للنهب والتحطيم، وذلك احتجاجاً من المواطنين على اختياره من قِبَل الحكومة مركزاً للحجر الصحي للحالات التي يشتبه إصابتها بالفيروس الجديد.(149)

      يُستنتَج مما سبق ذكره أنَّ مرض (كوفيد- 19) قد أصبح وصمة عار تلاحق المريض  وكل من له علاقة به، فتتبعه تلك الوصمة حياً وميتاً، مما جعل بعض المصابين يخفون إصابتهم به، كما كان ذلك سبباً للاعتداء على الأطباء ومواقع الحجر الصحي، وفي النهاية أدى ذلك السلوك إلى توسيع رقعة انتشار المرض وتقويض الجهود المبذولة في مكافحة الفيروس.

العنصريَّة بسبب كورونا:

      يُقصَد بالعنصرية حسب تعريف الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري: "أي تمييز أو استثناء أو تقييد أو تفصيل يقوم على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل القومي أو الأثني ويستهدف أو يستتبع تعطيل أو عرقلة الاعتراف بحقوق الإنسان والحريات الأساسية أو التمتع بها أو ممارستها على قدم المساواة في الميدان السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي أو أي ميدان آخر من ميادين الحياة العامة.". (150)

ووفقاً لهذا التعريف سيلاحظ المتابع لأخبار انتشار الفيروس في العالم أنَّ الآسيويين بصورة عامة والصينيين بصورة خاصة قد تعرضوا للوصف بطريقة مهينة في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وذلك من قِبَل بعض المسؤولين في دول العالم، ومن ذلك وصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للفيروس بالفيروس الصيني، وذلك قبل أن يتراجع عن ذلك في أواخر مارس/ آذار/ 2020م، وكذلك وصف مايك بامبيو وزير الخارجية الأمريكية الفيروس بفيروس ووهان، كما صرَّح حاكم إقليم فينيتو الإيطالي لوسائل الإعلام أن إيطاليا ستكون أفضل من دون الصينيين، وذلك لأنهم يأكلون الفئران(على حسب زعمه)، وقد اعتذر عن ذلك لاحقاً.(151)

      وقد أسهمت تلك التصريحات ومثلها مع حالة الخوف من الإصابة بالفيروس في تمرير ممارسات عنصرية تجاه أجناس وأشخاص بعينهم على أساس من اللون والعرق والانتماء الأثني في نطاق واسع من العالم، ومن ذلك تعرُّض أطفال من أصول آسيوية إلى التنمُّر في المدارس في كلٍّ من نيوزلندا وكندا، كما انتشرت منشورات مزيَّفة تحذِّر من تناول الطعام الصيني في المطاعم الصينية في كاليفورنيا بالولايات المتحدة الأمريكية، ولم يكن حال الآسيويين في أوربا بأفضل منه في أمريكا، حيث رصدت السفارة الصينية تعرُّض مواطنيها للاعتداءات وعمليات البلطجة في برلين، الأمر الذي جعلها تخاطب الشرطة الألمانية لحماية المواطنين الصينيين وحفظ كرامتهم وحقوقهم المشروعة، وذلك عقب حادثة اعتداء على سيدة صينية في ألمانيا بسبب تفشي الفيروس، ونتيجة لتعرُّض الآسيويين إلى ممارسات عنصرية في فرنسا بسبب انتشار الفيروس- قام شاب آسيوي ورفاقه بعمل يناهض العنصرية، وذلك

(Je Ne Suis Pas Un Virus)عن طريق نشر  وسم(هاشتاج) - على موقع تويتر-  يحمل اسم

(# لست فيروساً)، وهو وسم يعبٍّر عن حجم معاناتهم ممَّا يتعرَّضون له من مضايقات وإساءات تربط بينهم وبين انتشار الفيروس، ولم تكن المنطقة العربية استثناء من تلك الممارسات العنصرية ضد الصينيين والآسيويين، فقد أظهرت مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات عنصرية تجاه الآسيويين لحسابات عربية، وعلى الواقع أيضاً ظهرت بعض الممارسات العنصرية ضد ذلك المكون، ومن ذلك ما تعرَّض له شاب صيني يدرس في لبنان من اعتداءات وإساءات عنصرية، وذلك في مقطع فيديو تناقلته وسائل التواصل يحكي فيه ذلك الشاب معاناته من الممارسات العنصرية ضده في كل من صيدا وبيروت، وقد وصف الشاب هؤلاء الذين آذوه بعديمي الضمير،(152) وبالجملة فإنَّ الآسيويين قد عانوا من الممارسات للعنصرية والاعتداءات في نطاق واسع من العالم شمل- بالإضافة إلى ما تمَّ ذكره- المملكة المتحدة، واستراليا، والبرازيل، وكينيا، وأثيوبيا، وجنوب أفريقيا، كما تعرَّض الصينيين إلى تلك الانتهاكات في كوريا الجنوبية، واليابان، وأندونيسيا.(153) ولم تقتصر الممارسات العنصرية على الآسيويين بل أصاب الأفارقة شيء منها، ومن ذلك ما جاء في حوار بين طبيبين فرنسيين عن إمكانية تجربة لقاح (بي سي جي) الخاص بالسل في أفريقيا، لمعرفة فعاليته ضد كورونا، وقد أُجرِي ذلك الحوار في برنامج تلفزيوني على قناة (إل سي أي) الفرنسية، والطبيبان هما: كامي لوشيت وجون بول ميرا، والأول منهما مدير مركز الأبحاث في المعهد الوطني للصحة والأبحاث الطبية في فرنسا، والآخر رئيس قسم العناية المركَّزة في مستشفى كوشين بباريس، وقد سأل جون بول عن إمكانية تجربة ذلك اللقاح سريراً في أفريقيا، فأجاب كامي لوشيت بأنَّ ثمة تفكير عن ذلك يُجرَى بالفعل.(154) وقد قُوبِل ذلك الفيديو بالرفض والاستهجان فوُصِف بالعنصري والبغيض، حيث وصفه أوليفر فاو- عضو البرلمان الفرنسي السابق- بالعنصرية، وصرَّح بأنَّ إفريقيا ليست مختبراً لأوربا، كما رفضت نجاة بلقاسم  وزيرة التعليم السابقة في فرنسا- مضمون الحوار في ذلك الفيديو، والنبرة الساخرة التي قيل بها، وأبدى ديديه دورغبا اللاعب الأفريقي الشهير رفضه لذلك الفيديو، ووصفه بغير المقبول، وندَّد بما جاء فيه من تصريحات عنصرية جداً  بحسب وصفه لذلك. وقد أطلق بعض الناشطين وسوما على تويتر بالإنجليزية والفرنسية، ومنها: "أفريقيا ليست مختبراً" و"الأفارقة ليسوا بفئران تجارب"، كما قام بعضهم بتوقيع عريضة إلكترونية على موقع (تشينغ) الخاص بالعرائض الإلكترونية، ومن مضمونها  أنَّ الأفارقة ليسوا فئران تجارب، وأنَّ الغرب مازال يمارس سلوكه اللا إنساني في التعامل مع الأفارقة، ولعل أقوى ردَّة فعل صدرت حيال ذلك الفيديو ما قام به نادي المحاميين المغاربة من تكليف محاميَين مغربيَّين بتقديم شكوى للنائب العام الفرنسي بتهمة التشهير العرقي.(155)

      وقد اعتذر جون بول ميرا عن ذلك الحوار العنصري، وقال فيما نُقِل عنه بوساطة شبكة المستشفيات: "أريد أن أقدم اعتذاري التام لمن تضرروا وصدموا أو شعروا بالإهانة من التعليقات التي صرحت بها بفظاظة بشأن اللقاح هذا الأسبوع.".(156)كما صرَّح المعهد الوطني لأبحاث الصحة في فرنسا باعتذار كامي لوشيت، وأنه"لم يقصد التفوه بعبارات عنصرية وإن قصده كان أن تستفيد القارة والبشرية كلها من ثمار الأبحاث العلمية الجارية للتوصل إلى علاج لوباء كورونا.".(157)

     كما مُورسَت العنصرية بحقِّ الأفارقة حتى من الصينيين، والذين مُورسَت عنصرية الفيروس ضدهم من قبل، وذلك حين  قيام السلطات الصينية بإخضاع الأفارقة لاختبارات قسرية للكشف عن كورونا، وذلك في مقاطعة غوانغدونغ، والتي تضمُّ أكبر جالية أفريقية في الصين، ومن ثمَّ أخضعتهم لإجراء الحجر الصحي والعزل الذاتي في الفنادق، وقام أصحاب تلك الفنادق بطرد الأفارقة مما اضطرهم أن يناموا في الشوارع، كما قامت الفنادق والمطاعم الصينية برفض التعامل معهم.(158)

     وقد طالت الممارسات العنصرية العمال الوافدين في بعض البلدان العربية، ومن ذلك ما جاء على لسان الفنانة الكويتية حياة الفهد عن إخراج الوافدين المصابين وعدم علاجهم بالكويت بقولها: "أطلعهم وقطهم برا..." (159) وقد قُوبِل ذلك التصريح بالرفض والاستهجان والوصف بالعنصرية، ممَّا جعل الفنانة حياة الفهد تعتذر عن ذلك، وتنفي العنصرية عنها، وأنَّها لم تقصد ذلك ولكن خانها التعبير، وقد أرادت أن تعبِّر عن عدم قدرة الكويت على علاج جميع المرضى من المواطنين والوافدين، وأنَّ من الأفضل للوافدين الموت بين أهليهم بدلاً من الموت في الغربة، وقد صدرت منها عبارة"نقطهم في البر" في لحظة عصبية، وحاولت بعض الجهات استغلالها ضدها.(160)

      وقد استهدفت التصريحات العنصرية المسلمين في داخل أوطانهم التي ينتمون إليها، حيث وصفت بعض التعليقات- الصادرة عن مسئولين في الحكومة السريلانكية- بأنَّهم السبب في انتشار الفيروس عن عمد، كما رُوِّج لبعض الدعوات التي تدعو لمقاطعة الشركات الإسلامية، ولعل أكبر انتهاك عنصري مُورِس ضد المسلمين هنالك هو سنُّ الحكومة السريلانكية قانوناً يقضي بحرق جثث المصابين بكورونا، وهو قانون يتعارض مع الشريعة الإسلامية.(161)

         وفي الهند زادت الدعوات العنصرية ضد المسلمين في وسائل الإعلام الداعمة لحزب(بهاراتيا جاناتا) الحاكم في الهند، ووصف المسلمون في تلك الوسائل بألفاظ عنصرية تتَّهمهم بنشر الفيروس، ومن ذلك وسم باسم(جهاد الكورونا)، كما تعرَّض بعض المتطوعين منهم في أعمال الإغاثة إلى الاعتداء، ووصفوا بأنَّهم السبب في نشر الوباء عمداً في الهند.(162)

الجهود المبذولة لمكافحة العنصرية:

      العنصرية سلوك غير أخلاقي حرَّمه الدين، وجرَّمته الأعراف والقوانين الدولية، وقد نصَّ الدين الإسلامي على تساوي الناس في البشرية ولا تفاضل بينهم على أيِّ مقياس من المقاييس سوى التقوى، كما نصَّت الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري على تجريم التمييز على أساس العرق أو اللون أو النسب أو الأصل أو الأثنية، وعلى أن تقوم الدول الأعضاء بمكافحة أيِّ سلوك عنصري يقع في أراضيها،(163) ولكن على الرغم من أنَّ تلك الانتهاكات العنصرية بسبب فيروس كورونا قد حدثت في بلدان تشملها الاتفاقية- إلا أنَّ بعض الحكومات في تلك البلاد لم تقم بمعاقبة مرتكبيها، وذلك كما ورد في تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، وذلك كما هو موضح في النقاط التالية:

1. عدم قيام مكتب التحقيقات الفيدرالية بأي إجراء في الانتهاكات العنصرية خلال أزمة كورونا، على الرغم من أنَّه طُلِب من المواطنين الإبلاغ عن ذلك، وتخصيص خط ساخن للشكاوى.

2. تركيز السلطات الشرطية في بريطانيا على انخفاض معدَّل الجريمة خلال فترة الأزمة، دون أن تشير إلى تلك الانتهاكات العنصرية التي حدثت في الفترة نفسها.(164)

3. عدم إدانة رئيس الوزراء الهندي تلك الانتهاكات ضد المسلمين في بلاده  بشكل صريح.

4. قيام الشرطة السريلانكية بإلقاء القبض على رجل مسلم جاء ليبلغ عن تلقيه تهديدات بالقتل بسبب نشره مقالاً ضد حرق جثث موتى كورونا، وبدلاً من أن تحقِّق الشرطة في تلك التهديدات التي تعرَّض لها ذلك المواطن المسلم فإذا بها تُلقِي القبض عليه.(165) وقد ذكرت لجنة القضاء على التمييز العنصري- التابعة للاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري-  أنَّ قيام المسئولين بمحاربة خطاب التحريض العنصري يلعب دوراً كبيراً في إشاعة ثقافة التسامح،(166) ولكن الذي حدث في أثناء أزمة كورونا هو خلاف لذلك، حيث قام بعض المسئولين باستخدام خطابات عنصرية إبّان فترة الأزمة، هذا بالإضافة إلى انخراط بعض ذوي المكانة العلمية أو الاجتماعية المرموقة في الخطاب العنصري، ممَّا أدى في النهاية إلى اتساع رقعة تلك الانتهاكات، وعلى الرغم من أنَّ بعضهم اعتذر عمَّا صدر منه من تصريح عنصري فإنَّ الضرر النفسي الذي سببه للضحايا لا يمكن تجاوزه بسهولة، كما يتضح أنَّ العنصرية سلوك مستهجن ومرفوض في المجتمعات البشرية، ولكنه سلوك كامن يتحيَّن الفرص، وقد وجد في الرعب الذي سببه الفيروس مجالاً واسعاً  للانتشار في كثير من المجتمعات الدولية المختلفة.

الاحتكار ورفع الأسعار:

      شهدت الأسواق المحلية في كثير من الدول ارتفاعاً كبيراً في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية في زمن تفشي الوباء، ففي الجزائر مثلاً ارتفع الكيلو جرام من البطاطا من 35 ديناراً  إلى 130 ديناراً، وكذلك تضاعفت أسعار الطماطم والبصل والكوسة إلى الضعف، كما شهدت الأسواق ندرة في سلعة السميد (القمح المطحون)، وذلك لشراء العائلات كميات كبيرة منه بسبب الحظر الذي أعلن في البلاد.(167)

      ويرجع المواطنون ارتفاع الأسعار إلى جشع التجار وغياب السلطة الرقابية للدولة، بينما نفى التجار تلك التهمة، حيث أرجع رئيس الجمعية الجزائرية للتجار والحرفين الغلاء إلى الوسطاء الذين يرفعون الأسعار، بالإضافة إلى زيادة الطلب على تلك المواد ونقصها بسبب عزوف المزارعين عن جني محاصيلهم خوفاً من المضاربة.(168) كما شهدت السلع الأساسية ارتفاعاً ملحوظاً في الأسواق السودانية، ومن ذلك ارتفاع جوال السكر(50 كيلو جرام) من 2200 جنيهاً إلى 3250 جنيهاً، وارتفاع عبوة الزيت(36رطل) من 1800 جنيهاً إلى 2600 جنيهاً، كما شهدت أسواق العراق ارتفاعاً يصل إلى الضعف في أسعار المواد الغذائية والفواكه والخضروات، وذلك قبل أن تتراجع إلى أسعارها الأولى عقب تدخل الأمن الاقتصادي،(169) وقد امتدت أزمة غلاء الأسعار لتشمل دولاً أخرى خارج نطاق المنطقة العربية، حيث ارتفعت أسعار العدس والأرز واللحم في المملكة المتحدة، وقد تصاعد شكاوى البريطانيين من ارتفاع الأسعار في المتاجر الصغيرة، بينما يرى بعض من أصحاب تلك المتاجر أحقيتهم في جني أرباح أعلى، لأنَّهم يدفعون أجراً  أعلى للعامل، ليكون دافعاً له إلى العمل في ظل المخاطر الصحية المحيطة به.(170)

ارتفاع أسعار الكمامات والمعقِّمات:

      تزايد الإقبال على شراء الكمامات والمعقِّمات إبَّان فترة الأزمة، فارتفعت أسعارها بصورة كبيرة في بعض الدول، ففي السودان شهدت الصيدليات ندرة في الكمَّامات الطبية، وصارت تباع في الشوارع بأسعار تصل إلى عشرة أضعاف من سعرها قبل الأزمة، وقد ارتفع سعر الكمامة الطبية من خمس جنيهات إلى مئتي جنيه، كما أصبحت تُباع في الصيدليات بستين جنيه إن وجدت من الأصل.(171) وقد أرجع المواطنون ذلك الارتفاع إلى الجشع والاستثمار في الأزمة، بالإضافة إلى شراء بعض الأشخاص كميات كبيرة منها قبل إعلان ظهور الوباء في السودان.(172)كما ارتفعت أسعار الكمَّامات والمعقِّمات ارتفاعاً كبيراً في إيرلندا حيث وصل سعر قارورة سائل التعقيم إلى 10 يورو، ووصل سعر الصندوق الصغير من الكمَّامات إلى 200 يورو في الولايات المتحدة الأمريكية،(173) وهذه النماذج التي تمَّ ذكرها  تشير إلى  أنَّ ارتفاع أسعار الكمَّامات والمعقِّمات لم يكن محصوراً في منطقة جغرافية محدَّدة، وإنَّما كان يأخذ طابعاً عالميَّاً في انتشاره.

محاربة الاحتكار ورفع الأسعار:

      يُعَدُّ الاحتكار ورفع الأسعار جريمة في نظر الشرع ويعاقب عليها القانون، وقد أصدر مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية فتوى تحرم الاحتكار،  جاء فيها: إن الإسلام أرشد إلى طريق الكسب، قال تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}(174) وضبطت الشريعة الإسلامية معاملات الناس بما بحفظ حقوقهم ويقيم العدل بينهم، فحرَّمت أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِل} كما حرمت احتكار السلع في وقت الحاجة إليها حرام لقول النبي صلى الله عليه: (من احتكر فهو خاطئ)(175)، سواء كان الاحتكار في الأقوات أم الأدوية وغيرهما من السلع ممَّا يحتاج الناس إليه.(176) لذلك يجب على الدول أن تحمي رعاياها من الطامعين ومصاصي دماء الشعوب، واتخاذ التدابير الكفيلة بمكافحة الاحتكار، وإعادة الطمأنينة إلى نفوس الناس.(177) وقدكما سنَّت الدول القوانين التي تحارب تلك الجريمة، ومن ذلك أنَّ قانون العقوبات الاتحادي في الإمارات يقضي بالغرامة خمسة ملايين درهم على كلِّ من يحتكر السلع ويعمل على رفع أسعارها، وبمضاعفة الغرامة وإغلاق المنشأة على من يكرِّر تلك الجريمة،(178) كما أصدر النائب العام المصري بياناً يشمل التهم والعقوبات في ظل مكافحة فيروس كورونا المستجد، ومنه عقوبة تقضي بالسجن لفترة تتراوح بين سنة إلى خمسة سنوات، والغرامة المالية التي تتراوح بين مئة ألف جنيه إلى اثنين مليون جنيه، وذلك عقوبة لكل من يحتكر السلع ويعمل على إخفائها.(179) كما لجأت بعض الدول إلى تحديد أسعار السلع والمعدَّات الطبية بسقف محدَّد، وذلك من أجل مكافحة الاحتكار والحد من غلاء الأسعار، ففي فرنسا مثلاً وضعت السلطات سقفاً لأسعار سوائل التعقيم، كما منعت أستراليا بيع وشراء السلع بسعر يفوق سعرها بأكثر من 20٪، كما نصَّ قانون ولاية كلفورنيا على تحديد سقف ارتفاع السلع في حالة الطوارئ بحد لا يتجاوز  10 ٪.(180)

      يتَّضح ممَّا سبق أنَّ الاحتكار سلوك غير أخلاقي يحرِّمه الشرع ويعاقب عليه القانون، وقد اتخذه بعضهم وسيلة للكسب السريع، وهو استثمار في الأزمة دون الالتفات إلى مخاطره التي تضرُّ المجتمع في ظلِّ الأزمة.

 

ويتضح من خلال السياحة السابقة فشل النظام الصحي العالمي في التعامل مع المرض والسيطرة عليه، بل كانت منظمة الصحة العالمية بالتواطؤ مع الصين سبباً في تفشي المرض في نطاق واسع من العالم، وذلك بتكتمها على المرض الجديد في البداية، ويضاف إلى ذلك تأخر المنظمة  في إعلان مرض (كوفيد- 19)جائحة عالمية. كما أظهر الارتجال والتسرع في بعض قرارات المنظمة المتعلقة بالمرض الجديد، وذلك نحو التوصية بإيقاف استخدام عقار كلوركين بناء على دراسات ليس لها أي مصداقية علمية، وكذلك ظهر التخبط في بعض تصريحاتها نحو التوصية بلبس الكمامات أحياناً، والتنبيه على عدم أهمية لبسها أحياناً أخرى، وكذلك تصريحاتها المتضاربة في عدم انتقال العدوى من المريض الذي لم تظهر عليه أعراض المرض والتأكيد على عدم التأكد من ذلك أحياناً أخرى.

      كما أظهر مرض كورونا (كوفيد- 19) انهيار المنظومة الأخلاقية في العالم على مستوى الدول والأفراد والمجتمعات المحلية،  تجلى ذلك على مستوى الدول في: الصراع على الكمامات واللقاحات وقرصنتها، وحرمان المسنين من العلاج، وانتهاك خصوصية المرضى، بالإضافة إلى تطبيق إستراتيجية مناعة القطيع في بعض الدول، أما على مستوى الأفراد والجماعات المحلية فقد ظهر ذلك الانهيار الأخلاقي في: جعل المرض وصمة اجتماعية، والعنصرية على أساس من مرض (كوفيد- 19)، واحتكار السلع، ونشر الشائعات المضللة فيما يتعلق بالمرض الجديد. وقد أسهمت تلك التعاملات غير الأخلاقية في انتشار المرض والعمل على تقويض الجهود المبذولة في مكافحته.

_________________

(1) أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللغة، تحقيق: عبد السلام محمد هارون، الطبعة: بدون(دار الفكر للطباعة والنشر، 1979م) جـ: 1، ص: 492.

(2) ابن منظور،محمد بن مكرم،معجم لسان العرب،تــحقيق: عامر أحمد حيدر،الطبعة: 6 (بيروت:  دارا لكتب العلميَّة، 2010م)، جـ: 2، ص: 431.   

(3) قاموس أكسفورد، ص: 1340. 

(4) المرجع السابق، ص: 275.

(5) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، "المرحلة الراهنة التي حددتها منظمة الصحة العالمية فيما يخص الإنذار بحدوث الجائحة"، موقع منظمة الصحة العالمية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 8/6/2020م، الرابط:

https://web.archive.org/web/ 20090429100200/www.who.int/ csr/disease/avian_influenza/ phase/ar/index.html

(6) موقع منظمة اليونسيف بالعربية، "مرض فيروس كورونا (كوفيد-19): ما الذي ينبغي أن يعرفه الآباء والأمهات"، موقع منظمة اليونسيف بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 8/6/2020م، الرابط:  

https://www.unicef.org/ar/فيروس-كورونا-ما-الذي-ينبغي-أن-يعرفه-الآباء-والأمهات/فيروس-كورونا#main-content

(7) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، "تسمية مرض كورونا(كوفيد- 19) والفيروس المسبب له" ، موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 9/7/2020م، الرابط: 

https://www.who.int/ar/emergen cies/diseases/novel-coronaviru s-2019/technical-guidance/nami ng-the-coronavirus-disease-(co vid-2019)-and-the-virus-that-c auses-it

 

(8) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، "مرض فيروس كورونا(كوفيد- 19): أسئلة وأجوبة"، موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 8/6/2020م، الرابط:

https://www.who.int/ar/emergen cies/diseases/novel-coronaviru s-2019/advice-for-public/q-a-c oronaviruses

 (9) موقع بي بي سى بالعربية، "فيروس كورونا: جدول زمني لتفشي الوباء في الصين والإجراءات التي اتخذتها  بكين حياله"، تاريخ النشر: 9/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52596350

(10) موقع مرصد المستقبل، "الخط الزمني لانتشار الفيروس الصيني إلى أنحاء العالم" ، موقع مرصد المستقبل، تاريخ النشر: 28/1/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/6/2020م، الربط:

https://mostaqbal.ae/timeline- china-viral-outbreak-spread- worldwide/ (11) موقع شبكة سي أن أن بالعربية، "منظمة الصحة العالمية تصنف انتشار فيروس كورونا المستجد جائحة بالعربية، تاريخ النشر: 11/3/ 2020م،تاريخ المشاهدة: 11/6/2020م، الرابط:

https://arabic.cnn.com/health/ article/2020/03/11/whp-announc es-coronavirus-spread-pandemic ?hpt=related-article

(12) أسامة أبو الرُّب، "تشكيك في بيانات استندت إليها منظمة الصحة حول كورونا.. وعودة فرضية تصنيع الفيروس" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 4/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 16/6/2020م، الرابط:

         https://www.aljazeera. net/news/healthmedicine/2020/6 /4/منظمة-الصحة-العالمية-كورونا -تسرب-من

 (13) موقع بي بي سي بالعربية،  "فيروس كورونا: منظمة الصحة العالمية توافق على إجراء تحقيق مستقل بشأن الكيفية التي تمت بها مواجهة الوباء" ، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 19/5/2020م ، تاريخ المشاهدة: 16/6/2020م، الرابط: 

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52728064

(14) إسماعيل عزام، "هل تعمدت الصين حقاً نشر كورونا؟ جدل محتدم وترامب يتدخل" ، موقع دويتشه فيله بالعربية، تاريخ النشر: 16/4/2020م، تاريخ المشاهدة 17/6/2020م، الرابط:

https://m.dw.com/ar/هل-تعمدت-ا لصين-حقاً-نشر-كورونا-جدل-محتدم -وترامب-يتدخل/a-53147742

 (15) موقع الجزيرة نت، "المخابرات الأمريكية تحسم الجدل حول تصنيع فيروس كورونا في الصين"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 30/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 17/6/2020م، الرابط:

http://mubasher.aljazeera.net/ news/المخابرات-الأمريكية-تحسم- الجدل-حول-تصنيع-فيروس-كورونا-ف ي-الصين 

 (16) موقع يورونيوز بالعربية ، "بومبيو: لدينا أدلة مهمة غير" يقينية" بتسرب كورونا من مختبر في ووهان"،  موقع يورو نيوز بالعربية، تاريخ النشر: 6/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 17/6/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/20 20/05/06/pompeo-says-he-has-im portant-evidence-but-not-certa in-that-the-virus-originated-i n-wuhan  

(17) أسامة أبو الرُّب، "تشكيك في بيانات استندت إليها منظمة الصحة حول كورونا.. وعودة فرضية تصنيع الفيروس" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 4/6/2020م،

تاريخ المشاهدة: 16/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera. net/news/healthmedicine/2020/6 /4/منظمة-الصحة-العالمية-كورونا -تسرب-من

(18) سلمى حامد، "العلماء يجيبون٠٠ هل تم فعلاً تصنيع فيروس كورونا؟"، موقع دويتشه فيله بالعربية، تاريخ النشر: 26/3/2020، تاريخ المشاهدة: 17/6/2020م، الرابط:

https://m.dw.com/ar/العلماء-يج يبون-هل-تم-فعلاً-تصنيع-فيروس-ك ورونا/a-52916694

 (19) موقع بي بي سي بالعربية،"سبب فيروس كورونا: هل" تسرب" من أحد المختبرات؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 18/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 17/6/2020، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/sci ence-and-tech-52329699

(20) موقع روسيا اليوم بالعربية، "دراسة: فيروس كورونا ربما تفشي في الصين منذ أغسطس"، موقع روسيا اليوم بالعربية، تاريخ النشر: 10/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 18/6/2020م، الرابط: 

https://arabic.rt.com/world/11 22861-دراسة-فيروس-كورونا-ربما- تفشى-في-الصين-منذ-أغسطس/ (21) كريستوفر غيلس، "فيروس كورونا: هل أخفت الصين حقاً ظهور الفيروس قبل أشهر من الإعلان عنه؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 18/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 17/6/2020، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/world-53042039

)22) josephine Ma,"Corona virus: China's First confirmed Covid- 19 case traced back to November 17", South China Morning Post, date of publicaion: 13Mar 2020, Watched Date: 18 Jun 2020, Linke:  https://www.scmp.com/news/chi na/society/article/3074991/cor onavirus-chinas-first-confirme d-covid-19-case-traced-back

(23) موقع سي أن أن بالعربية، "كبير مستشاري الصحة في الصين: مسؤولو ووهان قمعوا الكشف عن تفاصيل حجم تفشي كورونا"، موقع سي أن أن بالعربية، تاريخ النشر: 16/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 18/6/2020م، الرابط:

 https://arabic.cnn.com/world/ article/2020/05/17/top-chinese :medical-experts-wuhan-health- officials-truth-coronavirus

 (24) موقع الخليج أون لاين، " الصحة العالمية بدائرة الاتهام..هل ساهمت في تفشي كورونا؟"، موقع الخليج أون لاين، تاريخ النشر: 9/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://alkhaleejonline.net/سي اسة/الصحة-العالمية-بدائرة-الات هام-هل-ساهمت-في-تفشي-كورونا؟

(25) إسماعيل عزام، "انحازت للصين.. كيف أخفقت الصحة العالمية في مواجهة كورونا"، موقع دويتشه فيله

بالعربيَّة، تاريخ النشر: 1/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://m.dw.com/ar/انحازت-للص ين-كيف-أخفقت-الصحة-العالمية-في -مواجهة-كورونا/a-53080323 (26) موقع الخليج أون لاين، " الصحة العالمية بدائرة الاتهام..هل ساهمت في تفشي كورونا؟"، موقع الخليج أون لاين، تاريخ النشر: 9/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://alkhaleejonline.net/سي اسة/الصحة-العالمية-بدائرة-الات هام-هل-ساهمت-في-تفشي-كورونا؟

(27) موقع الجزيرة نت، "هل رسبت منظمة الصحة العالمية في امتحان كورونا؟" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 18/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/ news/healthmedicine/2020/4/18/ هل-رسبت-منظمة-الصحة-العالمية- في-امتحان 

(28) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: لماذا أصبحت تايون مشكلة لمنظمة الصحة العالمية؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 31/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/ world-52099010

 

 (29) منظمة الصحة العالمية، اللوائح الصحية الدولية(2005)، الطبعة: الثالثة، (منظمة الصحة العالمية، 2016)، رقم الصفحة: (13-14).

(30) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، " كوفيد-19: التسلسل الزمني لإجراءات المنظمة، موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، تاريخ آخر تحديث: 9/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

 https://www.who.int/ar/news-room/detail/04-09-1441-who-timeline---covid-19

(31) موقع الجزيرة نت، "هل رسبت منظمة الصحة العالمية في امتحان كورونا؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 18/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/ news/healthmedicine/2020/4/18/ هل-رسبت-منظمة-الصحة-العالمية- في-امتحان

 (32) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، " كوفيد-19: التسلسل الزمني لإجراءات المنظمة، موقع منظمة الصحة العالمية، تاريخ آخر تحديث: 9/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

 https://www.who.int/ar/news-r oom/detail/04-09-1441-who-time line---covid-19

(33) موقع الجزيرة نت، "هل رسبت منظمة الصحة العالمية في امتحان كورونا؟" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 18/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /healthmedicine/2020/4/18/هل-

رسبت-منظمة-الصحة-العالمية-في-ا متحان

 (34) إسماعيل عزام، "انحازت للصين.. كيف أخفقت الصحة العالمية في مواجهة كورونا" ، موقع دويتشه فيله تاريخ النشر: 1/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://m.dw.com/ar/انحازت-للص ين-كيف-أخفقت-الصحة-العالمية-في -مواجهة-كورونا/a-53080323

(35) أسامة أبو الرُّب، "تشكيك في بيانات استندت إليها منظمة الصحة حول كورونا.. وعودة فرضية تصنيع الفيروس"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 4/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 16/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera. net/news/healthmedicine/2020/ 6/4/منظمة-الصحة-العالمية- كورونا-تسرب-من

 (36) إسماعيل عزام، "انحازت للصين.. كيف أخفقت الصحة العالمية في مواجهة كورونا" ، موقع دويتشه فيله تاريخ النشر: 1/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 13/6/2020م، الرابط:

https://m.dw.com/ar/انحازت-للص ين-كيف-أخفقت-الصحة-العالمية-في -مواجهة-كورونا/a-53080323

 (37) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: منظمة الصحة العالمية تغير موقفها وتنصح بارتداء أقنعة الوجه في الأماكن العامة"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 6/6/2020م ، تاريخ المشاهدة: 16/6/2020م ، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/science-and-tech-52945668

 (38) موقع سي أن أن بالعربية، "فاوتشي يخالف نظرية منظمة الصحة العالمية حول انتقال فيروس كورونا: "غير صحيحة"" موقع سي أن أن بالعربية، تاريخ النشر: 10/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 16/6/2020م، الرابط:

 https://arabic.cnn.com/health/ article/2020/06/10/fauci- asymptomatic-transmission- covid-rare-incorrect

 

(39) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: منظمة الصحة العالمية توافق على إجراء تحقيق مستقل بشأن الكيفية التي تمت بها مواجهة الوباء"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 19/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 16/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/ world-52728064

 (40) موقع الجزيرة نت، "مصادرة وتهديد.. كورونا يشعل "حرب كمامات" بين كبريات الدول الغربية"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 10/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 20/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/10/كمامات-كور ونا-حرب-قرصنة-دول-غربية

 (41) موقع بي بي سي بالعربية، " فيروس كورونا "الولايات المتحدة تُتهَم " بالقرصنة لمصادرتها" شحنة كمامات متجهة إلى ألمانيا"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 4/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 20/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52164798

(42) موقع الجزيرة نت، "قرصنة وحرب الكمامات التي أطلقتها كورونا.. أصابع الاتهام تتجه نحو الأمريكيين" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 7/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 20/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/7/صراع-الأقنع ة-في-زمن-كورونا-طرائق

(43) موقع الجزيرة نت، "كورونا: قرصنة باخرة تحمل كحولا طبيا لتونس واختفاء  6 ملايين كمامة متوجهة  لألمانيا"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 24/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

http://mubasher.aljazeera.net/ news/كورونا-قرصنة-باخرة-تحمل-ك حولا-طبيا-لتونس-واختفاء-6-ملاي ين-كمامة-متوجهة-لألمانيا

 (44) حسن أسن، "في مشهد غير مسبوق.. " دول كبرى" تمارس "قرصنة الكمامات""، موقع وكالة الأناضول التركية بالعربية، تاريخ النشر: 10/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 20/6/2020م، الرابط:

https://www.aa.com.tr/ar/دولي/ في-مشهد-غير-مسبوق-دول-كبرى-تما رس-قرصنة-الكمامات-/1799523

 (45) موقع بي بي سي بالعربية، " فيروس كورونا "الولايات المتحدة تُتهَم " بالقرصنة لمصادرتها" شحنة كمامات متجهة إلى ألمانيا"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 4/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 20/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52164798

 (46) موقع وكالة الأناضول التركية، "كورونا.. الصين تقدم مساعدات طبية لتونس وليبيا لدعم جهود البلدين في مكافحة الفيروس وفق الخارجية التونسية" ، موقع وكالة الأناضول التركية، تاريخ النشر: 3/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 6/9/2020م، الرابط:

https://www.aa.com.tr/ar/الدول -العربية/كورونا-الصين-تقدم- مساعدات-طبية-لتونس-وليبيا-/ 1864007https://www.aa.com.tr/ ar/الدول-العربية/كورونا-الصين- تقدم-مساعدات-طبية-لتونس- وليبيا-/1864007

 (47) محمد أبو رزق، "صديق الأوقات العصيبة.. هكذا ساعدت قطر الدول لتجاوز أزمة "كورونا""، موقع الخليج أون لاين، تاريخ النشر: 9/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 6/9/2020م، الرابط:

https://alkhaleejonline.net/ سياسة/صديق-الأوقات-العصيبة- هكذا-ساعدت-قطر-الدول-لتجاوز- أزمة-كورونا

(48) موقع يورو نيوز بالعربية، "المساعدات الطبية" قوة مصر الناعمة" في زمن كورونا"، تاريخ النشر: 14/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 6/9/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/ 2020/05/14/in-the-time-of- corona-egypt-use-the-medical- aid-as-a-soft-force-to- bolster-its-diplomacy

 (49) موقع ترك برس بالعربية، "تركيا تقدم مساعدات طبية إلى44 دولة لمكافحة كورونا"، موقع ترك برس بالعربية، تاريخ النشر: 19/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 3/9/2020م، الرابط:

https://www.turkpress.co/node/ 70692

 (50) موقع صحيفة البيان الإماراتية، " الإمارات ترسل مساعدات طبية إلى أذربيجان لدعمها في مكافحة فيروس كورونا"، موقع صحيفة البيان الإماراتية، تاريخ النشر: 21/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 6/9/2020م، الرابط:

https://www.albayan.ae/across-the-uae/news-and-reports/2020-06-21-1.3890727

(51) موقع منظمة الأمم المتحدة باللغة العربية، "منظمة الصحة العالمية تطلق خطة عالمية للتعاون من أجل تسريع وتطوير إنتاج الأدوات الأساسية المتعلقة لمكافحة كوفيد- 19"، موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: 24/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 10/9/2020م، الرابط:

https://news.un.org/ar/story/2020/04/1053792

 (52) موقع الجزيرة نت، "صراع محموم.. من يحصل لقاح كورونا أولا"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 21/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 10/9/2020م، الرابط:

 http://mubasher.aljazeera. net/news/صراع-محموم-من-يحصل- على-لقاح-كورونا-أولاً

(53) سوسن الصيود، "لوموند: صراع عالمي على لقاح كورونا الذي لم يظهر بعد"، موقع عربي 21، تاريخ النشر: 25/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 10/9/2020م، الرابط:

https://m.arabi21.com/Story/1281352

 (54) موقع صحيفة أخبار اليوم المصرية، " كندا توقع اتفاقيتن لشراء ملايين الجرعات من لقاحات كورونا المحتملة"، موقع صحيفة أخبار اليوم المصرية، تاريخ النشر: ٥/٨/٢٠٢٠م، تاريخ المشاهدة: ١١/٩/٢٠٢٠م، الرابط:

https://m.akhbarelyom.com/news /newdetails/3093169/1/كندا-توق ع-اتفاقيتين-لشراء-ملايين-الجرع ات-من-لقاحات-كورونا-المحتملة

 (55) موقع صحيفة أندبندنت عربية، "بريطانيا تتهم قراصنة روسا بمحاولة سرقة أبحاث لقاح كورونا"، موقع صحيفة أندبندنت عربية، تاريخ النشر: 16/7/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط: 

https://www.independentarabia. com/node/135826/الأخبار/دوليات /بريطانيا-تتهم-قراصنة-روسا-بمح اولة-سرقة-أبحاث-لقاح-كورونا

(56) موقع العربية نت، "جديد قرصنة أبحاث لقاح الفيروس.. روسيا تنفي ولندن متأكدة"، موقع العربية نت، تاريخ النشر: 19/7/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط:

https://www.alarabiya.net/ar/a rab-and-world/2020/07/19/قرصنة -أبحاث-للقاح-ضد-كورونا-روسيا-ت نفي-ولندن-متأكدة-

(57) موقع صحيفة إندبندنت عربية، "بريطانيا تتهم قراصنة روسا بمحاولة سرقة أبحاث لقاح كورونا"، موقع صحيفة إندبندنت عربية، تاريخ النشر: 16/7/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط: 

https://www.independentarabia. com/node/135826/الأخبار/دوليات /بريطانيا-تتهم-قراصنة-روسا-بمح اولة-سرقة-أبحاث-لقاح-كورونا

(58) موقع فرانس 24 بالعربية، "تقارير صحفية تتحدث عن محاولة قراصنة صينيين سرقة أبحاث أمريكية حول لقاح ضد فيروس كورونا"، موقع فرانس 24 بالعربية، تاريخ النشر: 11/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط:

https://www.france24.com/ar/20 200511-تقارير-صحفية-تتحدث-عن- محاولة-قراصنة-صينيين-سرقة-أبحا ث-أمريكية-حول-لقاح-ضد-فيروس- كورونا

 (59) موقع وكالة الأناضول التركية بالعربية، " بكين تنفي محاولة اختراق أبحاث أمريكية حول لقاحات كورونا"، موقع وكالة الأناضول التركية بالعربية، تاريخ النشر: 11/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط: 

https://www.aa.com.tr/ar/دولي/ بكين-تنفي-محاولة-اختراق-أبحاث- أمريكية-حول-لقاحات-كورونا-/ 1837269

(60) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، "مرفق إتاحة لقاحات كوفيد- 19 على الصعيد العالمي يضم 172 بلداً والعديد من اللقاحات المرشحة"، موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، تاريخ النشر: 24/8/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط: 

https://www.who.int/ar/news-room/detail/05-01-1442-172-countries-and-multiple-candidate-vaccines-engaged-in-covid-19-vaccine-global-access-facility

 (61) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، "مرفق إتاحة لقاحات كوفيد- 19 على الصعيد العالمي يضم 172 بلداً والعديد من اللقاحات المرشحة"، موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، تاريخ النشر: 24/8/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط: 

https://www.who.int/ar/news-room/detail/05-01-1442-172-countries-and-multiple-candidate-vaccines-engaged-in-covid-19-vaccine-global-access-facility

(62) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، "مرفق إتاحة لقاحات كوفيد- 19 على الصعيد العالمي يضم 172 بلداً والعديد من اللقاحات المرشحة"، موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، تاريخ النشر: 24/8/2020م، تاريخ المشاهدة: 11/9/2020م، الرابط: 

https://www.who.int/ar/news-room/detail/05-01-1442-172-countries-and-multiple-candidate-vaccines-engaged-in-covid-19-vaccine-global-access-facility

(63) موقع يورو نيوزبالعربية، "هل سيكفي مليون سرير في الولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة انتشار فيروس كورونا"، موقع يورونيوز بالعربية، تاريخ النشر: 17/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/20 20/03/17/coronavirus-medical-m easures-preparations-hospitals -usa-lack-beds

 (64) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: كيف يتخذ الأطباء قرار الإبقاء على حياة مريض وترك آخر؟" موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 30/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/ver t-fut-52493041

 (65) موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، موقع الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط: 

https://www.ohchr.org/AR/UDHR/ Pages/Language.aspx?LangID=arz

 

 (66) موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، "مجموعة أدوات الحق في الصحة" ، موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.ohchr.org/ar/Issue s/ESCR/Pages/Health.aspx

 (67) موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية ، "الأمين العام يدعو إلى احترام" حقوق وكرامة" المسنين خلال جائحة كوفيد- 19 وما بعدها"، موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: 1/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://news.un.org/ar/story/2 020/05/1054162

 (68) موقع منظمة التعاون الإسلامي، "مجمع الفقه التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يصدر توصيات ندوة" فيروس كورونا المستجد وما يتعلق به من معالجات طبية وأحكام شرعية"، موقع منظمة التعاون الإسلامي، تاريخ النشر: 2/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.oic-oci.org/topic/ ?t_id=23343&t_ref=13985&lan=ar

 (69) موقع دويتشلاند بالعربية، "قرارات مأساوية" على ماذا يعتمد الأطباء عندما تقارب التجهيزات والأفراد على النفاد؟"، موقع دويتشلاند بالعربية، تاريخ النشر: 27/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.deutschland.de/ar/ topic/allwm/kwrwna-walakhlaqya t-twsyat-altmyyz-llatba

 (70) موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، "إساءة معاملة المسن"، موقع منظمة الصحة العالمية بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.who.int/ageing/pro jects/elder_abuse/ar/

 (71) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: الجيش الأسباني يعثر على نزلاء دور لرعاية المسنين موتى في أسرّتهم"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 24/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52016538

(72) موقع فرانس 24 بالعربية ، "الولايات المتحدة: جثث مكدسة في دار المسنين يشتبه بأنها لمصابين بفيروس كورونا" ، موقع فرانس 24 بالعربية، تاريخ النشر: 17/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.france24.com/ar/20 200417-الولايات-المتحدة-جثث-مك دسة-في-دار-للمسنين-يشتبه-بأنها -لمصابين-بفيروس-كورونا

 (73) موقع كندا نيوز بالعربية، "تقرير صادم.. عدد كبير من المسنين في كندا ماتوا جوعاً وليس بسبب كورونا"، موقع كندا نيوز بالعربية، تاريخ النشر: 23/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://canadanews24.ca/تقرير- صادم-عدد-كبير-من-المسنين-في-كن دا/32657

 (74) موقع يورونيوز بالعربية، "كورونا يفتك بكبار السن في أوربا.. نصف وفيات الفيروس وقعت في دور الرعاية"، موقع يورونيوز بالعربية، تاريخ النشر: 15/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/20 20/04/14/half-coronavirus-deat h-in-europe-older-people-care-home-data-research-says

 (75) موقع الجزيرة نت، " تركيا ترسل طائرة إسعاف لجلب مواطن رفضت السويد معالجته"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 26/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 6/9/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/ news/miscellaneous/2020/4/26/ تركيا-ترسل-طائرة-إسعاف-لجلب- مواطن-رفضت

(76) موقع وكالة الأناضول التركية بالعربية، "في زمن كورونا.. المسنون الأتراك يطلبون والبلديات تلبي"، موقع وكالة الأناضول التركية بالعربية، تاريخ النشر: 22/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 6/9/2020م، الرابط:

https://www.aa.com.tr/ar/تركيا /في-زمن-كورونا-المسنون-الأتراك -يطلبون-والبلديات-تلبي/1774791

 (77) عمار مراد، "الشباب في خدمة الشيوخ.." لبّية" مبادرة قطرية لشراء حاجيات كبار السن"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 30/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 6/9/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /lifestyle/2020/4/30/التطوع-كب ار-السن-كورونا-وزارة-الثقافة

 (78) موقع سي أن أن بالعربية،"مناعة القطيع عملية حسابية" وحشة خطرة".. والبشر ليسوا قطعاناً"، موقع سي أن أن بالعربية، تاريخ النشر: 11/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://arabic.cnn.com/health/ article/2020/05/11/who-says-co ncept-herd-immunity-a-dangerou s-calculation

(79) أسامة أبو الرُّب، "مناعة القطيع" تطعم فيروس كورونا حتى يموت من التخمة.. فهل تجويعه أفضل؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 15/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /healthmedicine/2020/5/15/مناع ة-القطيع-تطعم-فيروس-كورونا-حتى

(80) موقع الجزيرة نت، "كورونا يهزم " مناعة القطيع" في بريطانيا.. ويدخل الراعي بوريس جونسون إلى العناية المركزة"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 8/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /healthmedicine/2020/4/8/كورون ا-يهزم-مناعة-القطيع-في-بريطاني ا

 (81) موقع الجزيرة نت، "علماء بريطانيا يرفضون " مناعة القطيع"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 17/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/3/17/بريطانيا-ك ورونا-بوريس-جونسون-الصحة

 

(82) موقع الجزيرة نت، "مناعة القطيع.. هل يتبع العالم استراتجية السويد لمكافحة كورونا؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 14/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/5/14/مناعة-القط يع-هل-سيتبع-العالم

(83) موقع يورو نيوز بالعربية، "هل يدفع كبار السن ثمن سياسات السويد بالتعامل مع فيروس كورونا" ، موقع يورو نيوز بالعربية، تاريخ النشر: 27/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/20 20/04/27/do-the-elderly-pay-th eprice-of-swedish-coronavirus- policies

 (84) موقع روسيا اليوم بالعربية، "أحد أبرز خبراء كورونا في الصين يحذر من " إستراتيجية" تُمارس لوأد المرض"، موقع روسيا اليوم بالعربية، تاريخ النشر: 19/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط: 

 https://arabic.rt.com/health/ 1095193-أحد-أبرز-خبراء-كورونا- الصين-استراتيجية-المرض/

 (85) موقع سي أن أن بالعربية،"مناعة القطيع عملية حسابية" وحشة خطرة".. والبشر ليسوا قطعاناً"، موقع سي أن أن بالعربية، تاريخ النشر: 11/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://arabic.cnn.com/health/ article/2020/05/11/who-says-co ncept-herd-immunity-a-dangerou s-calculation

 (86) موقع الجزيرة نت، "علماء بريطانيا يرفضون " مناعة القطيع"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 17/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/3/17/بريطانيا-ك ورونا-بوريس-جونسون-الصحة

(87) موقع سبوتنيك بالعربية، "باحثون سويديون: مناعة القطيع خطيرة وغير واقعية"، موقع سبوتنيك بالعربية، تاريخ النشر: 15/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://arabic.sputniknews.com /science/202005151045442384-با حثو-سويديون-مناعة-القطيع-خطيرة -وغير-واقعيه/

(88) موقع الجزيرة نت، "خبير أوبئة: دعوا الشباب والصغار يواجهون كورونا" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 12/4/2020، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/4/12/فيروس-كورونا-انتشار-وباء-جائحة-تفشي

 (89) موقع فرانس24 بالعربية، "بريطانيا تعلن الإغلاق التام لمدة ثلاثة أسابيع للحد من تفشي فيروس كورونا"، موقع فرانس24 بالعربية، تاريخ النشر: 23/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://www.france24.com/ar/20 200324-بريطانيا-تعلن-الإغلاق-ا لتام-لمدة-ثلاثة-أسابيع-للحد-من -تفشي-فيروس-كورونا

 (90) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: السويد تعترف بفشل إستراتيجيتها"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 3/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52914524

 (91) موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، موقع الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط: 

https://www.ohchr.org/AR/UDHR/ Pages/Language.aspx?LangID=arz

 (92) موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، موقع الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020، الرابط: 

https://www.ohchr.org/AR/UDHR/ Pages/Language.aspx?LangID=arz

 (93) موقع الجزيرة نت، "كورونا يهزم " مناعة القطيع" في بريطانيا.. ويدخل الراعي بوريس جونسون إلى العناية المركزة"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 8/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /healthmedicine/2020/4/8/كورون ا-يهزم-مناعة-القطيع-في-بريطاني ا

 (94) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: بريطانيا تسجل أعلى حصيلة وفيات في أوربا" ، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 5/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52552665

 (95)  موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: السويد تعترف بفشل إستراتيجيتها في احتواء الفيروس"، تاريخ النشر: 3/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020، الرابط:

 https://www.bbc.com/arabic/wor ld-52914524

 (96) موقع سي أن أن بالعربية،"مناعة القطيع عملية حسابية" وحشة خطرة".. والبشر ليسوا قطعاناً"، موقع سي أن أن بالعربية، تاريخ النشر: 11/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 24/6/2020م، الرابط:

https://arabic.cnn.com/health/ article/2020/05/11/who-says-co ncept-herd-immunity-a-dangerou s-calculation

 (97) موقع روسيا اليوم بالعربية، "دراسة تكشف أن مناعة القطيع " خرافة" محذرة الدول من اختيارها!"، موقع روسيا اليوم بالعربية، تاريخ النشر: 13/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://arabic.rt.com/health/ 1113413-دراسة-تكشف-أن-مناعة- القطيع-خرافة-محذرة-الدول-من- اختيارها/

 (98) موقع الجزيرة مباشر نت، "شاهد سر نجاح التجربة الكورية في مكافحة فيروس كورونا"، موقع الجزيرة مباشر نت، تاريخ النشر: 28/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 21/6/2020م، الرابط:

http://mubasher.aljazeera.net/ news/شاهد-سر-نجاح-التجربة-الكو رية-في-مكافحة-فيروس-كورونا

(99) شادي عبد الحفيظ، "خطة السلامة".. كيف نجحت كوريا الجنوبية في السيطرة على " كوفيد- 19" ؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 28/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 21/6/2020م، الرابط: 

https://www.aljazeera.net/mida n/miscellaneous/science/2020/4 /28/خطة-السلامة-كيف-نجحت-كوريا -الجنوبية-في

 (100) شادي عبد الحفيظ، "خطة السلامة".. كيف نجحت كوريا الجنوبية في السيطرة على " كوفيد- 19" ؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 28/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 21/6/2020م، الرابط: 

https://www.aljazeera.net/mida n/miscellaneous/science/2020/4 /28/خطة-السلامة-كيف-نجحت-كوريا -الجنوبية-في

(101) موقع سبوتنيك بالعربية، "كيف تعمل الأساور الإلكترونية في مساعدة السلطات الآسيوية على تتبع" كورونا"، موقع سبوتنيك بالعربية، تاريخ النشر: 9/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط:

  https://arabic.sputniknews.com /world/202004091045120741-كيف- تعمل-الأساور-الالكترونية-في-مس اعدة-السلطات-الآسيوية-على-منع- كورونا/

 

 (102) موقع سبوتنيك بالعربية، "كيف تعمل الأساور الإلكترونية في مساعدة السلطات الآسيوية على تتبع" كورونا"، موقع سبوتنيك بالعربية، تاريخ النشر: 9/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط:

  https://arabic.sputniknews.com /world/202004091045120741-كيف- تعمل-الأساور-الالكترونية-في-مس اعدة-السلطات-الآسيوية-على-منع- كورونا/

 (103) موقع بي بي سي بالعربية، "كورونا: هل تمثل تطبيقات الرصد الإلكتروني انتهاكاً لحقوق الإنسان؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 19/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط: 

https://www.bbc.com/arabic/int eractivity-52728908

 (104) روزي غارثويث وأيان اندرسون، "فيروس كورونا: تطبيق " شلونك" الكويتي و"مجتمع واعي" البحريني ينتهكان خصوصية الأفراد، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 18/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط: 

https://www.bbc.com/arabic/mid dleeast-53067335

(105)إبراهيم الحسن، "السعودية.. أساور ذكية للعزل وتصريح ساعة للتريض"، موقع العربية نت، تاريخ النشر: 20/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط:

https://www.alarabiya.net/ar/s audi-today/2020/05/19/السعودية -أساور-ذكية-للعزل-وتصريح-ساعة- للتريض

  لمواجهة كورونا"، موقع GPS (106) موقع دويتشه فيله بالعربية، "على خطى كوريا.. ألمانيا تفكر باستخدام

بالعربية، تاريخ النشر: 27/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط: دويتشه فيله

https://m.dw.com/ar/على-خطى-كو ريا-ألمانيا-تفكّر-باستخدام-gps -لمواجهة-كورونا/a-52940383

 (107) موقع يورو نيوز بالعربية، "تعقب" مرض كوفيد-19 عبر تطبيقات صحية يثير جدلاً واسعاً في أوربا: أين الخصوصية؟"، موقع يورونيوزبالعربية، تاريخ النشر: 4/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/20 20/05/04/european-virus-tracki ng-apps-focus-struggle-on-conf identiality-privacy-protection

 (108)شادي عبد الحفيظ، "خطة السلامة".. كيف نجحت كوريا الجنوبية في السيطرة على " كوفيد- ١٩" ؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: ٢٠٢٠/٤/٢٨م، تاريخ المشاهدة: ٢٠٢٠/٦/٢١م، الرابط: 

https://www.aljazeera.net/mida n/miscellaneous/science/2020/4 /28/خطة-السلامة-كيف-نجحت-كوريا -الجنوبية-في

 (109) روزي غارثويث وأيان اندرسون، "فيروس كورونا: تطبيق " شلونك" الكويتي و"مجتمع واعي" البحريني ينتهكان خصوصية الأفراد، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 18/6/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م،

الرابط: 

https://www.bbc.com/arabic/mid dleeast-53067335

 (110) موقع يورو نيوز بالعربية، "تعقب" مرض كوفيد-19 عبر تطبيقات صحية يثير جدلاً واسعاً في أوربا: أين الخصوصية؟"، موقع يورونيوزبالعربية، تاريخ النشر: 4/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/20 20/05/04/european-virus-tracki ng-apps-focus-struggle-on-conf identiality-privacy-protection (111) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "بيان مشترك للمجتمع المدني: ويجب على الدول استخدام تكنولوجيات المراقبة الرقمية لمكافحة الوباء احترام حقوق الإنسان"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 2/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/news/2020/04/02/joint-civil-society-statement-states-use-digital-surveillance-technologies-fight

 (112) روزي غارثويث وأيان اندرسون، "فيروس كورونا: تطبيق " شلونك" الكويتي و"مجتمع واعي" البحريني ينتهكان خصوصية الأفراد"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 18/6/2020، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط: 

https://www.bbc.com/arabic/mid dleeast-53067335

 (113) موقع بي بي سي بالعربية، "كورونا: هل تمثل تطبيقات الرصد الإلكتروني انتهاكاً لحقوق الإنسان؟" ، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 19/5/2020م ، تاريخ المشاهدة: 22/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/int eractivity-52728908

 (114) موقع بي بي سي بالعربية، " فيروس كورونا: روسيا تنفي نشر معلومات على وسائل التواصل عن "مؤامرة أمريكية" وراء نشر الوباء"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 23/2/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط: 

https://www.bbc.com/arabic/wor ld-51601753

 (115) موقع الجزيرة نت، "الكرملين يرد..وثيقة أوربية تتهم روسيا بنشر معلومات مضللة بشأن الفيروس" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 18/3/2020مم، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/3/18/أوروبا-روس يا-وثيقة-كورونا-كريملين

(116) محمد علي، "بالدليل والأرقام.. توثيق نشر روسيا لمعلومات مضللة حول كورونا"، موقع أخبار الآن، تاريخ النشر: 5/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://www.akhbaralaan.net/ne ws/world/2020/04/05/روسيا-تنشر -معلومات-مضللة-حول-كورونا

 (117) موقع يورو نيوز بالعربية، " الاتحاد الأوربي يتّهم روسيا بنشر معلومات مضللة حول مكافحة فيروس كورونا الجديد"، موقع يورونيوز بالعربية، تاريخ النشر: 18/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://arabic.euronews.com/20 20/03/18/european-union-accuse s-russia-spreading-misleading- information-fighting-coronavir us

 (118) موقع الجزيرة نت، "الكرملين يرد.. وثيقة أوربية تتهم روسيا بنشر معلومات مضللة بشأن الفيروس"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 18/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 25/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/3/18/أوروبا-روس يا-وثيقة-كورونا-كريملين

 (119) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: من يصنع الأخبار الزائفة ومن ينشرها؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 10/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 28/6/2020، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/ trending-52602639 

 (120) ليلى علي، "الجائحة المعلوماتية لا تقل خطراً عن كورونا.. إليك 5 طرق لمواجهتها" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 30/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 26/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /science/2020/5/30/الجائحة-الم علوماتية-لا-تقل-خطرا-عن

 (121) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: هل ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في نشر الذعر والخوف؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 29/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 28/6/2020، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/ interactivity-52084379

 (122) موقع المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، " كورونا ليس وصمة عار"، موقع المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، تاريخ النشر: 12/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://marsad.ecsstudies.com/ 27084

(123) موقع صحيفة العرب، "وصمة عار تلاحق المصابين بكورونا في المجتمعات العربية"، موقع صحيفة العرب، تاريخ النشر: 18/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://alarab.co.uk/وصمة-عار- تلاحق-المصابين-بكورونا-في-المج تمعات-العربية

 (124) موقع المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، " كورونا ليس وصمة عار"، موقع المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية، تاريخ النشر: 12/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://marsad.ecsstudies.com/ 27084

 (125) موقع الجزيرة نت، "طلاق وعزل و" وصمة عار".. مصير المرأة في العراق رغم تعافيها من كورونا"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 2/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /women/2020/5/2/العراق-كورونا- المرأة-عادات-حجر

(126) سورة البقرة: الآية: 190.

(127) محمد بن يزيد بن ماجه، سنن ابن ماجه،  تحقيق: رائد بن صبري، الطبعة: الثانية، (الرياض، دار الحضارة للنشر والتوزيع، 2015م)، كتاب: الأحكام، باب: من بنى في حقه ما يضر بجاره،حديث رقم: 2340، جــ: 2 ص: 84.

(128) المرجع السابق، كتاب: الطب، باب: السحر، حديث رقم: 3543، ص: 546.

(129) سورة الإسراء: الآية: 70.

(130) مسلم، صحيح مسلم، كتاب: البر والصلة، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، حديث رقم: 2586، ص: 1201.

 (131) مركز الأزهر العالمي للفتوى، "التنمر ضد مصابي كورونا سلوك مرفوض محرم" ، تاريخ النشر: 11/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.facebook.com/1474686135917009/posts/3105910862794520/?app=fbl

 (132) محمود أبوبكر، "فيروس كورونا: المرضى ومن حولهم في مصر.. رفض وتنمر اجتماعي" ، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 10/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط: https://www.bbc.com/arabic/middleeast-52250478                                           

 (133) محمود صديق، "إخفاء للإصابة ورفض دفن الموتى.. لماذا يتعامل بعض المصريين مع كورونا كأنه عار؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 16/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/16/لماذا-يتعا مل-مصريون-مع-كورنا-كأنه-عار

 (إحدى الوحدات التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية بالعربية،  SWI Swissinfo.ch(134) موقع

"عاملو قطاع الصحة في مصر "منبوذون" بسبب كورونا"، تاريخ النشر: 21/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.swissinfo.ch/ara/ع املو-قطاع-الصحة-في-مصر--منبوذو ن--بسبب-كورونا-المستجد/4570514 0 

 (135) محمود صديق، "إخفاء للإصابة ورفض دفن الموتى.. لماذا يتعامل بعض المصريين مع كورونا كأنه عار؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 16/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/16/لماذا-يتعا مل-مصريون-مع-كورنا-كأنه-عار

 (136) أسامة حمدي، "ما بين تنمر وسخرية.. هل هل الإصابة بفيروس كورونا " وصمة عار؟"، موقع أخبار صحيفة أخبار اليوم، تاريخ النشر: 6/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

 https://m.akhbarelyom.com/new s/newdetails/3043697/1/ما-بين- تنمر-وسخرية..-هل-الإصابة-بفيرو س-كورونا--وصمة-عار-؟

 (137) محمود صديق، "إخفاء للإصابة ورفض دفن الموتى.. لماذا يتعامل بعض المصريين مع كورونا كأنه عار؟"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 16/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/16/لماذا-يتعا مل-مصريون-مع-كورنا-كأنه-عار

(138) موقع منظمة التعاون الإسلامي، "مجمع الفقه التابع لمنظمة التعاون الإسلامي يصدر توصيات ندوة" فيروس كورونا المستجد وما يتعلق به من معالجات طبية وأحكام شرعية"، موقع منظمة التعاون الإسلامي، تاريخ النشر: 2/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 23/6/2020م، الرابط:

https://www.oic-oci.org/topic/ ?t_id=23343&t_ref=13985&lan=ar

(139) سورة البقرة: الآية: 195.

(140) سورة النساء: الآية: 29.

(141) محمد بن إسماعيل البخاري، صحيح البخاري، كتاب: الطب، باب: ما يذكر في الطاعون، حديث رقم: 5728، ص: 1451.

(142) ابن ماجه، سنن ابن ماجه، كتاب: الأحكام، باب: من بني في حقه ما يضر بجاره،حديث رقم: 2340، 353.

 (143) مجدي سلمان وآخران، "العالم في مواجهة " كورونا".. عقوبات استثنائية لردع المخالفين والمستهترين"، موقع وكالة أنباء الإمارات، تاريخ النشر: 5/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://wam.ae/ar/details/1395302834960

 (144) كمال عبد الرحمن، "خاص السودان.. نقص الأطباء وضعف الحماية أبرز تحديات " كورونا"، موقع سكاي نيوز عربية، تاريخ النشر 12/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

 https://www.skynewsarabia. com/middle-east/1335942- السودان-نقص-الأطباء-وضعف- الحماية-أبرز-تحديات-كورونا

 (145) موقع الجزيرة نت، "إخفاء للإصابة ورفض دفن الموتى.. لماذا يتعامل بعض المصريين مع كورونا كأنه عار؟" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 16/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/16/لماذا-يتعا مل-مصريون-مع-كورنا-كأنه-عار

 (146) موقع صحيفة العرب، "وصمة عار تلاحق المصابين بكورونا في المجتمعات العربية" ، موقع صحيفة العرب، تاريخ النشر: 18/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://alarab.co.uk/وصمة-عار- تلاحق-المصابين-بكورونا-في-المج تمعات-العربية

 (147) كمال عبد الرحمن، "خاص قانون رادع لحماية " الجيش الأبيض" في السودان"، موقع سكاي نيوز عربية، تاريخ النشر: 13/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.skynewsarabia.com/ middle-east/1348511-قانون- سوداني-رادع-لحماية-الجيش-الأ بيض-الاعتداءات

 

(إحدى الوحدات التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون السويسرية بالعربية،  SWI Swissinfo.ch(148) موقع

"عاملو قطاع الصحة في مصر "منبوذون" بسبب كورونا"، تاريخ النشر: 21/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 30/6/2020م، الرابط:

https://www.swissinfo.ch/ara/ع املو-قطاع-الصحة-في-مصر--منبوذو ن--بسبب-كورونا-المستجد/4570514 0

 (149) صحيفة الانتباهة السودانية، "المواطنون يحرقون موقعاً للعزل الصحي بالنيل الأزرق"، رقم العدد: 4952، تاريخ النشر: 12/4/2020م.

 (150) موقع الأمم المتحدة بالعربية، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، موقع الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.ohchr.org/AR/Profe ssionalInterest/Pages/CERD.asp x

(151) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "كورونا" يغذي العنصرية ضد الآسيويين وكراهية الأجانب حول العالم"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 12/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/ar/news/20 20/05/12/375044

 (152) موقع بي بي سي بالعربية، "هل فجر فيروس كورونا عنصرية تجاه ذوي الملامح الآسيوية؟" ، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 3/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:  

https://www.bbc.com/arabic/int eractivity-51725266

(153) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "كورونا" يغذي العنصرية ضد الآسيويين وكراهية الأجانب حول العالم"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 12/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/ar/news/20 20/05/12/375044

(154) موقع الجزيرة نت، "عنصرية مقيتة".. موجة غضب على دعوة طبيبين فرنسيين لتجريب لقاح ضد " كورونا" في أفريقيا"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 3/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/3/فرنسا-جون-ب ول-ميرا-كامي-لوشيت-أفريقيا

 

 (155) موقع الجزيرة نت، "عنصرية مقيتة".. موجة غضب على دعوة طبيبين فرنسيين لتجريب لقاح ضد " كورونا" في أفريقيا"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 3/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/3/فرنسا-جون-ب ول-ميرا-كامي-لوشيت-أفريقيا

 (156) رحاب علاء، "طبيب فرنسي يعتذر عن اقتراحه لتجربة لقاح لعلاج كوفيد- 19في أفريقيا" ، تحرير: أحمد حسن، موقع وكالة رويترز للأنباء بالعربية، تاريخ النشر: 3/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://ara.reuters.com/articl e/internetNews/idARAKBN21L2UE

(157) موقع الجزيرة نت، "عنصرية مقيتة".. موجة غضب على دعوة طبيبين فرنسيين لتجريب لقاح ضد " كورونا" في أفريقيا"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 3/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news /politics/2020/4/3/فرنسا-جون-ب ول-ميرا-كامي-لوشيت-أفريقيا

(158) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "كورونا" يغذي العنصرية ضد الآسيويين وكراهية الأجانب حول العالم"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 12/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/ar/news/20 20/05/12/375044

(159) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: حياة الفهد تطالب بترحيل الوافدين المصابيين ورميهم بالصحراء" ، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 1/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 28/6/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/tre nding-52124062

 (160) موقع سي أن أن بالعربية، "بعد اتهامها ب" العنصرية".. حياة الفهد: خانني التعبير ومتمسكة برأيي"، موقع سي أن أن بالعربية، تاريخ النشر: 1/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 28/6/2020م، الرابط:

https://arabic.cnn.com/enterta inment/article/2020/04/01/haya t-alfahad-racism-coronavirus

(161) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "كورونا" يغذي العنصرية ضد الآسيويين وكراهية الأجانب حول العالم"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 12/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/ar/news/20 20/05/12/375044

 (162) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "كورونا" يغذي العنصرية ضد الآسيويين وكراهية الأجانب حول العالم"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 12/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/ar/news/20 20/05/12/375044

(163) موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري، موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.ohchr.org/AR/Profe ssionalInterest/Pages/CERD.asp x

 (164) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "كورونا" يغذي العنصرية ضد الآسيويين وكراهية الأجانب حول العالم"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 12/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/ar/news/20 20/05/12/375044

 (165) موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، "كورونا" يغذي العنصرية ضد الآسيويين وكراهية الأجانب حول العالم"، موقع منظمة هيومن رايتس ووتش بالعربية، تاريخ النشر: 12/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 27/6/2020م، الرابط:

https://www.hrw.org/ar/news/20 20/05/12/375044

 (166) موقع منظمة  الأمم المتحدة بالعربية، "التوصية العامة رقم 35 بشأن مكافحة خطاب الكراهية"، موقع منظمة الأمم المتحدة بالعربية، تاريخ النشر: بدون، تاريخ المشاهدة: 28/6/2020م، الرابط:

https://tbinternet.ohchr.org/_layouts/15/treatybodyexternal/Download.aspx?symbolno=CERD/C/GC/35&Lang=ar

 (167) محمد أفزاز، "من المغرب إلى العراق.. كيف تستعد الأسواق العربية لمواجهة كورونا؟ تحقيق خاص للجزيرة نت"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 25/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/ebusiness/2020/3/25/مخزون-استراتيجي-ومحاربة-للاحتكار

 (168) حمزة كحال، "كورونا يقفز بأسعار الخضروات"، موقع صحيفة العربي الجديد، تاريخ النشر: 24/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.alaraby.co.uk/الجزائر-كورونا-يقفز-بأسعار-الخضروات

 (169) محمد أفزاز، "من المغرب إلى العراق.. كيف تستعد الأسواق العربية لمواجهة كورونا؟ تحقيق خاص للجزيرة نت" ، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 25/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/ebusiness/2020/3/25/مخزون-استراتيجي-ومحاربة-للاحتكار

 (170) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: هل يمكن تبرير زيادة الشركات للأسعار وقت الأزمات؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 4/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020مم، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/vert-fut-52507615

(171) إسماعيل جبريل تيسو، "كورونا في السودان: جدل بشأن "الإصابة الأولى"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 19/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/3/19/كورونا-سودان-الخرطوم-كمامات-أزمةع

 (172) إسماعيل جبريل تيسو، "كورونا في السودان: جدل بشأن "الإصابة الأولى"، موقع الجزيرة نت، تاريخ النشر: 19/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.aljazeera.net/news/politics/2020/3/19/كورونا-سودان-الخرطوم-كمامات-أزمةع

(173) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: هل يمكن تبرير زيادة الشركات للأسعار وقت الأزمات؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 4/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/vert-fut-52507615

(174) سورة البقرة: الآية: 275.

(175) سورة النساء: الآية: 29.

(176) مسلم، صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب: تحريم الاحتكار في الأقوات، حديث رقم: 1605، ص: 754.

(177) موقع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، "احتكار السلع الطبية والتجارية والمغالاة في أسعارهما حرام؛ لاسيما وقت الأزمات، وللدولة أن تحمي أفرادها من مصاصي دماء الشعوب" ، موقع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تاريخ النشر: 18/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.facebook.com/1474686135917009/posts/3251581281560810/?app=fbl

 (178) موقع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، "احتكار السلع الطبية والتجارية والمغالاة في أسعارهما حرام؛ لاسيما وقت الأزمات، وللدولة أن تحمي أفرادها من مصاصي دماء الشعوب" ، موقع مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، تاريخ النشر: 18/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.facebook.com/1474686135917009/posts/3251581281560810/?app=fbl

 (179) أحمد عابد، "5ملايين درهم عقوبة رفع أسعار السلع واحتكارها"، موقع الإمارات اليوم، تاريخ النشر: 25/3/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.emaratalyoum.com/local-section/accidents/2020-03-25-1.1324832

 (180) إبراهيم قاسم وآخران، "في ظل كورونا.. عقوبة الاحتكار والتلاعب بالسلع غرامة تصل لـــ 2 مليون جنيه" ، موقع صحيفة اليوم السابع المصرية، تاريخ النشر: 3/4/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://m.youm7.com/story/2020/4/3/في-ظل-كورونا-عقوبة-الاحتكار-والتلاعب-بالسلع-غرامة-تصل-لـ/4704286

 (181) موقع بي بي سي بالعربية، "فيروس كورونا: هل يمكن تبرير زيادة الشركات للأسعار وقت الأزمات؟"، موقع بي بي سي بالعربية، تاريخ النشر: 4/5/2020م، تاريخ المشاهدة: 2/7/2020م، الرابط:

https://www.bbc.com/arabic/vert-fut-52507615

 

       

 

 

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وظيفة الجملة في اللغة العربية

دور السياق في تحديد المعنى المراد من الجملة العربيَّة

الأدب التفاعليُّ بين مؤيِّديه ومعارضيه