السقوط: مقتطف من رواية أضواء النفق الجنوبي
السقوط: مقتطف من رواية أضواء النفق الجنوبي أ. محمد إبراهيم محمد عمر همد محمود انتصف الليل أو كاد وظلامه يجثم على صدر القطاع فيستسلم له بخضوع، ولا شيء يتحرك أو يصدر صوتاً باستثناء كلاب تتغزل على طريقتها الخاصة، وقطتان تتشاجران على قطعة لحم مجهولة المصدر، وحمار ينهق وقد أبصر سرباً من الجنون يمرُّ على مقربة منه، وديك انتفض مذعوراً وقد حسب أنَّ الفجر قد أدركه وهو لم يؤذِّن بعد، فيطلق صياحاً عبث التردد بمقاطعه فيخرج واهناً مشتَّتاً. وثمَّت سيارة تنهب الأرض مطفأة المصابيح ، يجلس خلف مقودها رجل ضخم البنية، يرتدي قناعاً أسود، وعلى المقعد الخلفي جلس رجلان لا يقلَّان ضخامة عنه، تتلصص أعينهما عبر القناعين السوداويين، وقد التفتا إلى شخص مكبَّل يجلس بينهما، ويتهامسان بكلمات لا يفهمها الرجل المكبَّل، وحتى إن فهم ما يقولانه فلا يمكنه أن يشاركهما الحديث وشريط لاصق مشدود على فيه، يكاد يكتِّم أنفاسه، كما لا يمكنه تبيُّن ملامحهما وعصابة قويَّة- شدَّت على عينيه - تحول دون ذلك. تترك السيارة الطريق الساحلي، وتدلف بهم إلى طريق جان...