من ملامح النظام الصوتيِّ في اللغة التِّگْرَايِتْ


 

من ملامح النظام الصوتيِّ في اللغة التِّگْرَايِتْ

(مقال صوتيّ مقارن)

أ. محمد إبراهيم محمد عمر همَّد محمود


مقدمة:

    للغات ثلاثة أنواع من الأصوات هي: الأصوات الصامتة، والأصوات الصائتة، والأصوات  الشبيهة بالصائتة، وللغة التگْرَايِتْ (عشرون) صوتاً صامتاً، تشترك في بعضه مع اللغة العربيَّة، كما للتگْرَايِتْ عشر صوائت تشترك في ستة منها مع العربيَّة، بالإضافة إلى اشتراكهما في أشباه الصوائت.

أولاً- الأصوات الصامتة:

       والصوت الصامت هو((صوت له نقطة نطق محددة وناطق محدد وتحدث معه إعاقة أو إيقاف لتيار النفس.)). (1) وقد قدَّر علماء الساميَّة الأصوات الصامتة في الساميَّة الأم بسبعة وعشرين صوتاً(2)، وقد تمَّ تقسيمها كما يلي:

1- الأصوات الشفويَّة Bilabials: وهى الأصوات التى تشارك الشفة  في نطقها، (3)

ومنها ماهو إنفجاريٌّ ينطلق تيار النفس عند النطق به بعدأن تمَّ حبسه، ومنها ماهو أنفيٌّ حيث ينطلق تيار الهواء عبر التجويف الأنفيِّ لا الفمويِّ،(4) والجدول أدناه يوضح ذلك:

               النوع

    اللغة

 شفويٌ انفجارىٌّ

 شفويٌ أنفيٌّ

    العربيَّة

(ب)، (ف)

 (م)

    التِّگْرَايِتْ

 (ب)، (ف)

 (م)(5)

 

2- الأصوات مابين الأسنان Inter dentals : وهي أصوات يكون فيها رأس اللسان مابين

الأسنان الأماميَّة العليا والأسنان الأماميَّة السفلى،(6) وذلك كما في الجدول المقارن أدناه: 

                 النوع                             

     اللغة

صوت مابين الأسنان احتكاكيٌّ

صوت مابين الأسنان يجعل جانبيٌّ

    العربيَّة

(ث)،(ذ)،(ظ)

(ض)

   التِّگْرَايِتْ

(-)،(-)،(-)

  (-)(7)

3- الأصوات الأسنانيَّة Dentals: وهى الأصوات التى تشارك في نطقها الأسنان العليا والسفلى،(8) ومنها ماهو انفجاريٌّ، ومنها ماهو احتكاكيٌّ يتعرَّض فيه النَّفَس لإعاقة جزئيَّة تجعله يحتكَّ بالممرات الصوتيَّة،(9) ومنها ماهو جانبيٌّ ((صوت رنيني يمر معه تيار النفس من جانب التجويف الفموي...)).(10). ومنهاماهو مكرَّر((تكررطرق اللسان للحنك عند النطق بها)).(11) ومنها ماهو أنفيٌّ ((يلامس فيه(الذلق) رأس اللسان اللثة العليا.)).(12) وذلك كما في الجدول  المقارن أدناه :

       النوع

اللغة

أسنانيٌ  انفجاريٌّ

أسنانيٌ  احتكاكيٌّ

أسنانيٌ  جانبيٌّ            

 أسنانيٌ    مكرَّر

 أسنانيٌ    أنفيٌّ

العربيَّة

(ت)،(د)،(ط)

(س)،(ز)،(ص)

(ل)

     (ر)

     (ن)

التِّگْرَايِتْ

(ت)،(د)،

(ط)

(س)،(_)،(_)

(ل)

     (ر)

     (ن)(13)

4- أصوات وراء الأسنان العليا Plato-alveolar:  ومنها  صوت الـ(ش).ويسمى أيضاً بالغاريِّ اللثويِّ، حيث يلامس فيه مقدم اللسان اللثة والغار.(14)وهوموجود في اللغتين.( 15)   

5-  أصوات لهويَّة Velars: وهي التي يشترك في نطقها((مؤخر اللسان كناطق متحرك واللهاة كمكان نطق ثابت.))(16)ومنها ماهو إنفجاريٌّ، وماهو احتكاكيٌّ،كما في الجدول:

               نوع الصوت

      اللغة

     لهويٌّ انفجاريٌّ

   لهويٌّ احتكاكيٌّ

     العربيَّة

(ك) ،(ق)،(ج)، (_)

 (خ)، (غ)

    التِّگْرَايِتْ

(ك)،(ق)،(ج)، (گ) (17)

  (_)،(_)(18)

6- أصوات بلعوميَّة(وسط الحلق وأدناه)  Phar yngal: وتسمى أيضاً بالأصوات الحلقيَّة، وهي أصوات يلامس فيها(( جذراللسان الغشاء الخلفي للبلعوم.)).(19)وهي أصوات احتكاكيَّة كما هو موضح بالجدول المقارن أدناه:

                            نوع الصوت

      اللغة

         بلعوميٌّ (حلقيٌّ) احتكاكيٌّ

    العربيَّة

         (ح)  ،(ع)

    التِّگْرَايِتْ

         (ح) ،(ع)(20)

7- أصوات حنجريَّة (أقصى الحلق)Laryngals: وهي أصوات تخرج((من الحنجرة(*) بتضييق أو إقفال المزمار أو الزردمة، وهي الفتحة الواقعة بين الحبال الصوتية، الأمر الذي يؤدي إلى إعاقة تيار النفس أو إيقافه)).(21)، وهذه الأصوات يوضِّحها الجدول المقارن التالي:

                النوع      

    

اللغة

حنجريٌ انفجاريٌ

حنجريٌ احتكاكيٌ

     العربيَّة

 (ء)

 (هـ)

     التِّگْرَايِتْ

 (ء)

 (هـ)(22)

 

تتضح مما سبق ذكره الملاحظات التاليَّة:

1-اتفاق اللغتين في سبعة عشر من  الصوامت من أصل خمسة وعشرين صامتاً للغة العربيَّة، وهي نسبة تطابق بـلغت 68%.

2- انفراد اللغة العربيَّة بـثمانٍ من الصوامت التي لاوجود لها في التِّگْرَايِتْ،هي:( ث، ذ، ظ ض، ز، ص، غ،خ). وقد تحولت هذه الصوامت إلى أصوات أخرى، وهو أمر يمكن تفسيره بفقدان تلك الأصوات نتيجة لبعد اللغة التِّگْرَايِتْ عن موطن الساميَّة الأول،(23) واختلاطها بلغات غير ساميَّة مثل لغةالبجا(24)حيث لاوجود لهذه الأصوات في تلك اللغة، وهذا أمر شبيه لما حدث للغة الأكَّديَّة، حيث فقدت بعض الأصوات الحلقيَّة، وذلك لاختلاط الأكَّديُّون بأقوام غير ساميَّة كالسومريين مثلا ً.(25)               

3- انفراد اللغة التِّگْرَايِتْ بصوتين من الصوامت لاوجود لهما في العربية وهما: صوت (گ)وينطق(ga)، وصوت(چ)وينطق(cha). وصوت الـ (گ) صوت طبقيٌّ(*)انفجاريٌّ، يقع مخرجه بين مخرجي الـ(ك) والـ(ق)، وقد تحوَّل إلى صوت (ج) في العربيَّة، وبما أن َّالـ(ج) الساميَّ(g) كان ينطق كـ(الجيم) القاهريَّة، فربما يكون قد طرأ عليه التحويل في مرحلة ما بعد انفصال اللغات الساميَّة الشماليَّة، (26) وسادت فيه الثنائيَّة الصوتيَّة كما في تحول صوت (ض) إلى (ق) و(ع) في الآرميَّة، (27) ثم طوَّرت العربيَّة النطق الساميَّ القديم لصوت الـ(ج) واحتفظت بالنطق الجديد. (28) أمَّا  صوت الـ(چ) في التِّگْرَايِتْ فهو صوت طبقيٌّ انفجاريٌّ، ويقع مخرجه بين مخرجي الـ(ج) والـ(ك). وهو يقابل صوتي الـ(ض) أو (ص) في العربيَّة، وأحياناً صوت الـ(ظ)، وتارة صوت الـ(ط)فيها.(29) ويُعدُّ هذا الصوت موضع شكٍّ في وجوده في الساميَّة الأم، حيث نجد نظيره صوت (ص) في الأكَّديَّة، والعبريَّة، والأوغاريتيَّة، وصوت (ع) في السريانيَّة.(30) وهذا الصوت(چ) يُعدُّ تطوراً خاص باللغة التِّگْرَايِتْ، حيث لاتشاركها في نطقه بقيَّة اللغات الساميَّة الأخرى.(**)

ثانياً– الأصوات الصائتة: وهي أصوات فمويَّة وسطيَّة رنينيَّة مجهورة عادة، تصدر دون أيِّ إعاقة لتيار النَّفَس.(31)وتُقسَّم هذه الأصوات إلى عدة مجموعات وفقاً لخصائص صوتيَّة معينَّة، وهي كما يلي :

1-  الصوائت  الطويلة: ويُقصَد بها الصوائت التي تأخذ زمناً أطول في نطقها مقارنة مع غيرها من الصوائت الأخرى، وتثِّملها في العربية (الياء) و(الألف) و(الواو) المدِّيَّات.(32) وتسمى عند علماء الأصوات بالكسرة الطويلة، والفتحة الطويلة، والضمَّة الطويلة،(*) وتصنَّف هذه الصوائت إلى أقسام مختلفة، كما في الجدول المقارن أدناه:

 

          النوع(**)

 

اللغة

أمــــــــــــــــاميٌّ

   مركزيٌّ  

   خلفـــــــــــــــيٌّ

 

مستدير

غير مستدير

مستدير

غير مستدير

مستدير

غير مستدير

الصفة(***)

  العربيَّة

I:

 

 

 

 

 

U:

 ضيِّق

 

 

 

a:

 

 

 

 مُتَّسع

  التِّگْرَايِتْ(33)

I:

 

 

 

 

 

U:

 ضيِّق

 

 

 

a:

 

 

 

 مُتَّسع

1-    الصوائت القصيرة: وهي صوائت بسيطة تشترك في أنَّ مدة نطقها أقلّ من الصوائت الطويلة ، أوهي الصوات التي ليست طويلة ولامركَّبة، وتمثلها في العربية الحركات القصيرة، كالفتحة، والضمة، والكسرة.(34)

 

          النوع

 

اللغة

أمــــــــــــــــاميٌّ

   مركزيٌّ  

   خلفــــــــــــــيٌّ

 

مستدير

غير مستدير

مستدير

غير مستدير

مستدير

غير مستدير

الصفة

  العربيَّة

i 

 

 

 

 

 

u 

 ضيِّق

 

 

 

a   

 

 

 

 وسطيٌّ(*)

  التِّگْرَايِتْ(35)

i 

 

 

 

 

 

u 

 ضيِّق

 

 

 

a 

 

 

 

 وسطيٌّ

 

ملاحظات عن الصوائت في اللغتين:

1- اتفاق اللغتين في الصوائت الطويلة الثلاث: (ياء) و(ألف) و(واو)المد.

2- اتفاق اللغتين في الصوائت القصيرة الثلاث: الكسرة، والفتحة، والضمَّة. كما نجد ضمَّة

أخرى في التِّگْرَايِتْ، حيث توجد الضمَّة الممالة(o)(36)كما في كلمة (مٝوْتَ) بمعنى مات في  التجريَّة،والتي تُنطَق كما في صوت (o) في كلمة (go) الإنجليزيَّة، وهذا النطق للضمَّة في التجريَّة  يوجد  له مثيل في اللغات الساميَّة الأخرى، حيث تُنطَق الضمَّة المُمالَة (o) هكذا في العبريَّة في المقاطع المنبورة، ويحصل الأمر ذاته في الآرميَّة والسريانيَّة.(37)

     ويمكننا أن نستتنتج من ذلك أنَّه كان للساميَّة ألفونان للضمَّة، أحدهما الذي يوجد في العربيَّة الفصحى، والآخر هو الضمة المُمالة كالتي تُوجَد في التِّگْرَايِتْ، والتي تُستخدَم في مواضع معيَّنة  كاالمقاطع المنبورة كما في العبريَّة والآرميَّة والسريانيَّة. وفقدت العربيَّة الضمَّة الممالة، بينما احتفظت التِّگْرَايِتْ بهما معاً.

 3- بالإضافة إلى ماسبق ذكره فإنَّ للتگْرَايِتْ صائت آخر هو الحركة المركزيَّة /æ/ ((وهي حركة مركزية نصف ضيقة محايدة .))(38)وهي أشبه بالفتحة المُمالة نحو الياء المدِّية (الكسرة الطويلة). ومنها في التجريَّة الفتحة المُمالة التي تقع قبل الياء الساكنة، وذلك كما في كلمة (عيْلَى) بمعنى( بئر) بالتِّگْرَايِتْ.(39) و تكون طويلة إذا كانت قبل ياء ساكنة كما في المثال السابق، وتُنطَق كنطق الـــ(a) في كلمة (gate) الإنجليزيَّة. وتكون قصيرة إذا وقعت قبل ياء ساكنة في آخر الكلمة، كما في كلمة (سِع) بمعنى (اجرِ) باللغة التِّگْرَايِتْ.

الأصوات شبه الصائتة(الانزلاقيَّة): وهي أصوات لها صفات تشترك فيها مع الصوامت، وأخرى تتفق فيها مع الصوائت، لذلك يُطْلَق عليها أنصاف الصوامت، أو أنصاف الصوائت، كما تُعْرَف بأنصاف أصوات اللين.(40) ومنها ماهو انزلاقيٌّ غاريٌّ، ومنها ماهو انزلاقيٌّ شفويٌّ،(41) وذلك كما هوموضَّح في الجدول المقارن التالي:

          النوع

  اللغة

   انزلاقيٌّ  غاريٌّ

 

        انزلاقيٌّ شفويٌّ

 

  العربيَّة

        (ي)

           (و)

  التِّگْرَايِتْ

        (ي)

           (و)        

 

        وقد اتفقت اللغتان على وجود هذين الصوتين وذلك كما في كلمتي:(وَلد، ويَوْم ) باللغة العربيَّة، وكما في كلمتي:(وَعَى، ويَمَّمَ) باللغة التِّگْرَايِتْ بمعنى(صرخ، وأَعَدَّ).

المقاطع الصوتيَّة:

     وهي وحدات صوتية مكوَّنة من عدة أصوات، وقد يكون المقطع من صوت واحد بشرط عدم البدء بصائت، وقد يكون المقطع الصوتيُّ كلمة واحدة أو جزءً من كلمة.(42) وتشترك اللغتان في المقاطع الصوتيَّة الآتية:

1- صامت +صائت: وذلك كما في كلمة (ما) بالعربيَّة، وكلمة (مِ) التِّگْرَايِتْ.

3- صامت+صائت+صامت:  وذلك كما في (قِفْ) بالعربية، وفي (بَلْ) بمعنى (قُلْ) التِّگْرَايِتْ.

3- صامت+صائت+صامت+ صائت: وذلك كما في (سَعَى) بالعربيَّة، وفي (نَعَى) بمعنى (تَعَال) باللغة التِّگْرَايِتْ.(43) 

النبــــــــــــــــــــــــر:

      وهو((قوة التلفظ النسبية التي تعطى للصائت في كل مقطع من مقاطع الكلمة أو الجملة.)).(44) وقديكون النبر فونمياً يستخدم للتفريق بين معاني الكلمة الواحدة كما في الإنجليزيَّة. وهو ليس فونمياً في اللغة العربية واللغة التجرية، ويرجع ذلك إلى أنَّ العربية قد استغنت عن فونميَّة النبر بالحركات الإعرابية بالنسبة للمشتقات، بينما استغنت عنه التِّگْرَايِتْ بتسكين آخر الاسم والفعل المضارع وإبقاء حركة آخر الفعل الماضي، وقد ساد النبر الزفيريِّ الحرِّ في اللغات الساميَّة، وهو نبر لايتقيَّد بموضع محدد من الكلمة، ولا يتوقَّف على كميَّة المقطع.(45)

التغيُّرات التي تطرأ للأصوات الساكنة (الصامتة):

     تتَّسم الأصوات الساكنة بالاستقرار النسبيِّ مقارنة بالأصوات الصائتة، فقلَّما يطرأ عليها التغيير، ومع ذلك نجد بعضاً من أصوات هذه المجموعة قد تعرَّضت للتغيِّر الصوتيِّ عند مقارنتها بما يماثلها في اللغات الساميَّة الأخرى، و ذلك بالإبدال، أو القلب، أوالإدغام.

أولاً- الإبدال: ونقصد به التحوُّل المطلق لبعض الأصوات إلى أصوات أخرى في اللغة التِّگْرَايِتْ، وذلك مثل تحوُّل صوت(الثاء) إلى (تاء)، وذلك كما في(أتافئ) بمعنى الأحجار التي توضع عليها القدر،(46) وفي العربيَّة (الإِثفيِّةُ): الحجر الذى توضع عليه القدر، وجمعها أثافيُّ وأثافٍ.(47) أو كتحوُّل صوت (الثاء) إلى (سين) كما في (مَيَسَ) بمعنى (ذاب)، وفي العربيَّة: ماث الشيء ميْثاً: مَرسَه، وماث الملح فى الماء: أذابه.(48) كما تحوَّل صوت (الذال) إلى(دال)، وذلك كما في (لدَّت) بمعنى (نقيض الألم)، وفي العربيَّة: اللذَّة: نقيض الألم.(49) وهذا شبيه لما حدث لهذين الصوتين في اللهجات العربيَّة الحديثة. كما تحوَّل صوت (الزاي) إلى(دال) في اللغة التِّگْرَايِتْ ،(50)وذلك كما في (نَدْعَ) بمعنى (اقتلع)، وفي العربيَّة: نَزَعَ الشيءَ يَنْزِعُه نَزْعاً، فهو منزوعٌ ونزِيعٌ، وانْتَزَعَه فانْتَزَعَ: اقْتَلَعَه فاقْتَلَعَ.(51) وقد تحوَّلت أصوت (الظاء)، و(الضاد)، و(الصاد) إلى(طاء) وصوت(چ)، ومن تحوُّل(الظاء) إلى (طاء) في التِّگْرَايِتْ ما جاء في (طِلْمَتْ) بمعنى(ظلمة)، ومن تحوُّل(الظاء) إلى(چ) ماجاء في (چِفِرْ) بمعنى (ظِفْر).(52) ومن تحوُّل(الصاد) إلى (طاء) في التِّگْرَايِتْ ما جاء في(طَفْعَ) بمعنى(صَفَعَ)، وهو الضرب بالكف على الوجه أو القفا، ومن تحوُّل(الصاد) إلى (چ) في التِّگْرَايِتْ ما جاء في(فچَّ) بمعنى (سال)، وفي العربيَّة: فَصَّ الجرحُ يَفِضُّ فَصِيْصاً: ندى وسال. ومن تحوُّل (الضاد) إلى (طاء) في التِّگْرَايِتْ ما جاء في(مَطَّ) بمعنى(تألَّم وتوجَّع)، وفي العربيَّة: مضَّني الجرحُ وأَمَضَّني إمضَاضاً: آلمني وأوجعني، ومن تحوُّل(الضاد) إلى (چ) ما جاء في (قَرْچَ) بمعنى(قطع)، وفي العربيَّة: القَرْضُ: القطع.(53) كما تحوَّل صوت (الغين) إلى(قاف)،في(قَارِبْ) بمعنى(كاهل)، وفي العربيَّة: الغارب: الكاهل.(54) و قد تحوَّل صوت (الخاء) إلى (حاء)،(55) وذلك كما في(حال) بمعنى (خال، أخو الأمِّ). كما تحوَّل صوت (السين) إلى(شين) في التِّگْرَايِتْ والعكس أيضاً،(56) ومن الأوَّل ما جاء في(سِفِرْ) بمعنى(شفر) في العربيَّة، وهو ما ينبت عليه الشعر من الجفن، ومن تحوَّل صوت (الشين) إلى(سين) في التِّگْرَايِتْ ما جاء في (غَمْشَ) بمعنى(غمس) في العربيَّة إذا أرسب  الشيء فى الشيء السَّيَّال.

ثانياً- القلب المكاني: وهو تقديم بعض أصوات الكلمة على بعضها الآخر نحو(جذب) و(جبذ)،(57) ومنه في اللغة التِّگْرَايِتْ ما جاء في (نسال) بمعنى (لسان)(عضو النطق عند الإنسان).(58)

ثالثاً- الإدغام: وهو((الإتيان بحرفين ساكن فمتحرك، من مخرج واحد بلا فاصل بينهما.)).(59) ومنه(مرَّ) في العربيَّة، و(قرَّ) في التجريَّة بمعنى (صار بارداً). كما يكون الإدغام بين المتقاربين، وذلك نحو (مَنْ يَعْمَل) تُنْطَق (مَيَّعْمَل)، ومثله بالتِّگْرَايِتْ (وَلَتْ سُوْمِيْتْ) تُنْطَق (وَلَسُّوْمِيْتْ).(60) وهذا النوع من الإدغام يسمى عند المحدثين بالمماثلة التامَّة أو الكليَّة.(61)

 

التغيُّرات التي تطرأ للأصوات المتحرِّكة(الصائتة):

      يُقْلَب (الواو)(ياء) إذا وقعت(عيناً) لجمع صحيح (اللام) وذلك كما في (روْضَة: رياض) في العربيَّة،(62) و(شُوْمْ: شِيَمْ) بمعنى (زعيم:  زعماء) باللغة التِّگْرَايِتْ.

     كان ذلك استعراضاً لبعض ملامح النظام الصوتي في اللغة التِّگْرَايِتْ، ودراسته وفقاً للنظام اللغوي المقارن، مقارنة بالنظام الصوتي للغة العربية، واتضخ من خلال المقارنة وجود قواسم صوتية مشتركة بين النظامَين في اللغتين.

_______________________________

(1) محمد علي الخولي ، معجم علم الأصوات، ص: 91.

(2) وقد بنوا هذا التقدير على المقابلات الصوتيَّة  بين اللغات الساميَّة، فما تمَّ الاشتراك فيه عُدَّ من الساميَّة الأم وماانفردت به لغة دون اللغات الأخرى عُدَّ تطوراً خاصاً بتلك اللغة. لمعرفة الأصوات المشتركة بين اللغات الساميَّة ينظر: كارل بروكلمان،  فقه اللغات الساميَّة، ص: (39-40).

(3) المرجع السابق، ص: 84.

(4) المرجع نفسه، ص: (24- 25).

(5) لمعرفة وجود الـ(ب)والـ(ف)والـ(م)،انظر: محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر ((دراسة مقارنة ))، مجلة جامعة بحري ،السنة الثانية، العددالرابع، ديسمبر2013، ص: 41.

(6) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص: 34.

(7) لمعرفة خلو التِّگْرَايِتْ من الأصوات : (ث)،(ذ)،(ظ)، (ض)انظر:  محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر((دراسة مقارنة ))،ص: (39-40).

(8) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص: 17.

(9) المرجع السابق، ص: 10.

(10) المرجع نفسه، ص: 56.

(11) إبراهيم أنيس،الأصوات اللغوية، ص: 58.

(12) محمد علي الخولي ، معجم علم الأصوات، ص: 31.

(13) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل،  الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: (39-41).

(14) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص: 122.

(15) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: 41.

(16) محمد علي الخولي ، معجم علم الأصوات، ص: 148.

(17) ينطق هذا الصوت  مثل صوت الـ(G)في اللغة الإنجليزيَّة،أوكالجيم القاهريَّة، أو الـ(ق) السودانيَّة واليمنيَّة. ينظر: محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: 40. وقد ذكر أبوسلمان أنَّ هذا الصوت صورة نطقيَّة (ألفون) لصوت الـ(ق)، ويطلق عليه القاف البدويَّة (أبو سلمان، الوصول، ص:62). ويبدو أنَّه فونيم أصيل في اللغة التِّگْرَايِتْ، بل يُعدُّ من أصوات الساميَّة الأم كما تظهره المقارنات الصوتيَّة في اللغات الساميَّة(موسكاتي، مدخل إلى نحو اللغات الساميَّة المقارن، ص:80).

(18) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص:(39-40).

(19) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص:60.

(20) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: 41.

(*) يُقصَد بالحنجرة العضو الغضروفيُّ الذي يقع في أعلى القصبة الهوائيَّة، وله غضروف سفليٌّ ذو شكل دائريٌّ يمثل قاعدة الحنجرة، كما له غضروف بارز الى الأمام يسمى تفاحة آدم، بالإضافة إلى احتوائه على الوترين الصوتيين.

(21) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص: 61.

(22) لمعرفة وجود صوتي (ء)(ه) ينظر: محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: 41.

(23) يُفترَض أنَّ  الجزيرة العربيَّة هي مهد الساميَّة الأوَّل، وهو الافتراض الأقرب للقبول على الرغم من وجود افتراضات أخرى. ينظر: اسرائيل ولفنسون ، تاريخ اللغات الساميَّة، ص:(5-6).

(24) تنتمي لغة (التبداويت) إلى أسرة اللغات الحاميَّة، وهي تختلف كثيراً عن اللغات الساميَّة وإن اتفقت معها في بعض الخصائص. حول تصنيف لغة (البجا) ينظر: بركلمان، فقه اللغات الساميَّة، ص: 12. وقد ذكرها بلفظ لغة (البجا)، والاسم الصحيح هو (التبداويت)، فالبجا أرض(مساحة جغرافية) وليست لغة.

(25) بروكلمان، فقه اللغات الساميَّة، ص: 16. وقد فقدت الأكديَّة أصوات الحلق ماعدا الهمزة، فضلاً عن تغيرات صوتيَّة أخرى، نتيجة لمخالطة السومريِّين في أرض الرافدين.

(*) هو صوت ينطق بملامسة مؤخر اللسان للطبق أو اقترابه منه. والطبق عضوعضليٌّ طريٌّ يقع في سقف الفم بين بين الغارواللهاة.

(26) يفترض علماء اللغات الساميَّة أنَّ الهجرات الساميَّة من الجزيرة العربيَّة قد تمَّت في فترات متباعدة، لمعرفة الهجرات الساميَّة ينظر: إسرائيل ولفنسون، تاريخ اللغات الساميَّة، ص: 53.

(27) موسكاتي وآخرون، مدخل إلى نحو اللغات الساميَّة المقارن، ص: 58.

(28) المرجع السابق، ص: 71.

(29) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص:(39-40).

(30) موسكاتي وآخرون، مدخل إلى نحو اللغات الساميَّة المقارن، ص: 54.

(**) نجد أن صوت الـ(ص)هو الأكثر اشتراكاً بين اللغات الساميَّة في هذا الموضع،حيث تشترك فيه(الأكَّديَّة ، والعبريَّة، والأوغاريتيَّة ) وتشترك في صوت الـ(ض) العربيَّة، والعربيَّة الجنوبيَّة، والأثيوبيَّة، وقد تكون هذه اللغات مراحل تاريخيَّة للغة العربيَّة، مما يعنى أن صوت الـ(ض) ليس ميراثاً ساميَّاً، وإنَّما هو تطوُّر خاص باللغة العربيَّة، وهذا يشبه احتفاظ التجريَّة بالـ(گ)الساميِّ، مع تطوير (ج) آخر كالذي يوجد في العربيَّة. وعليه فإن الصوت (چ) في التِّگْرَايِتْ تطور خاص بها عن الـ(ص)الساميِّ، وقد فُقِد الأصل المُطوَّر منه، وذلك كما في تطور صوت الـ(ج)السامي(گ) في العربيَّة إلى (ج)جديد كالذي يوجد في التِّگْرَايِتْ، وقد فقَدت العربيَّة الصوت الساميَّ للـ(گ)، وحل َّ محلَّه الـ(ج)الجديد.           

(31) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص: 98.

(32) المرجع السابق، ص:101.

(*) وقد استخدمنا رموز الأبجدية الصوتيَّة العالميَّة من أجل الاختصار.حيث يرمز الرمز(i:) لـ(ياء) المد،

 و يرمزالرمز (a:) لـ(ألف) المد، ويرمز الرمز(u:) لـ(واو)المد.

(**) من حيث حركة اللسان تنقسم الصوائت إلى:أماميَّة، يتجه فيها وسط اللسان نحو الغار، وخلفيَّة يتَّجه فيها مؤخر اللسان نحو الطبق، ومركزيَّة يكون فيها اللسان منبسط في وسط الفم، و تسمى بالمحايدة أحياناً.

(**) من حيث استدارة الشفتين عند النطق تُقسَّم الصوائت إلى: مستديرة ، وغير مستديرة . ومن حيث أقصى ارتفاع لوسط اللسان بحيثث لاتحدث إعاقة لتيار النفس، تُقسَّم الصوائت إلى: متَّسعة، وضيِّقة . 

(33) لمعرفة وجودالصوائت المذكورة، ينظر: محمد، وأحمد، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص:47. وهما يصنِّفان الصائت (a:) بأنَّه أماميٌّ غير مستدير، والصواب أنَّه صائت  مركزيٌّ

مستدير كما هو في العربية، وربَّما يرجع الخطأ في تصنيفه إلى استخدام مثال لايمثّل هذا الصائت تمثيلاً جيداً، وقدكان التمثيل له بكلمة (أَنَ) بمعنى (أنا) في اللغة التِّگْرَايِتْ، والصائت هنا فتحة قصيرة، وليس فتحة طويلة، والصواب أن يمثِّل لهذا الصائت بكلمة فيها ألف مد كما في كلمة(حِطَان) بمعنى (ولد) في التِّگْرَايِتْ. أمّا الكسرة الطويلة فيمكننا التمثيل لها بالياء في كلمة (شَبِيق) بمعنى (لبأ) في اللغة التجريَّة، أمّا الضمة الطويلة فيمكننا التمثيل لها بواو المد في كلمة (هَدُود) بمعنى (رعد) في اللغة التِّگْرَايِتْ.

(34) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص: 102.

(*) الصائت الوسطي هو الذي يكون فيه موقع اللسان وسطاً بين موقعيه مع الصائت العالي(الضيِّق) والمنخفض  (المتَّسع).

(35) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: 47.    

(36) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر،ص:44. وأبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 131.

(37) بروكلمان، فقه اللغات الساميَّة، ص: 55.

(38) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: 45.

(39) أبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 290.

(40) إبراهيم أنيس،الأصوات اللغويَّة، ص: (44-45).

(41) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص: 23.

(42) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص:160.

(43) محمد داؤد محمد وأحمد محمد اسماعيل، الأثر الدلاليُّ في بنية الكلمة في اللغة العربيَّة ولغة البني عامر، ص: (54-55).

(44) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص:169.

(45) بروكلمان، فقه اللغات الساميَّة، ص: 45.

(46) أبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 313.

(47) ابن منظور، معجم لسان العرب، جـــ: 14، مادة: (ثفا).

(48) المرجع السابق، جـــ: 2، مادة: (ميث).

(49) المرجع نفسه، جـــ: 3، مادة: (لذذ).

(50) أبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 58.

(51) ابن منظور، معجم لسان العرب، جـــ: 8، مادة: (نزع).

(52) أبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 61.

(53) ابن منظور، معجم لسان العرب، جـــ: 7، مادة: (قرض).

(54) ابن منظور، معجم لسان العرب، جـــ: 1، مادة: (غرب).

(55) أبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 56.

(56) المرجع السابق، ص: 59.

(57) ابن فارس، الصاحبيُّ في فقه اللغة العربيَّة، ص: 153.

(58) أبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 93.

(59) الحملاوي، شذا العرف في فنِّ الصرف، ص: 224.

(60) أبوسلمان، الوصول إلى لغة الأصول، ص: 126.

(61) محمد علي الخولي، معجم علم الأصوات، ص:162.

(62) الحملاوي، شذا العرف في فنِّ الصرف، ص: 210.

 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وظيفة الجملة في اللغة العربية

دور السياق في تحديد المعنى المراد من الجملة العربيَّة

سلسلة النظريَّات البديلة من نظريَّة العامل النحويِّ(3) (نظريَّة تضافر القرائن للدكتور تمَّام حسَّان)