الأدب التفاعليُّ بين مؤيِّديه ومعارضيه
الأدب التفاعليُّ بين مؤيِّديه ومعارضيه
أ. محمَّدإبراهيم محمَّدعمر همَّد محمود
مستخلص:
تهدف هذه الدراسة إلى الكشف عن أثر تقنيات
العصر على الكتابة الإبداعيَّة، وما نتج عن هذه التقنيات من أجناس أدبيَّة موازية
للأجناس المعروفة، بالإضافة إلى بيان مواقف النقاد والقراء من الكتابات
الإبداعيَّة التي استفادت من تقنيات العصر في بناء نصوصها، فضلاً عن تسليط الضوء
على واقع تلك الكتابات واستشراف ما ينتظرها من مستقبل. وقد استخدمت الدراسةالمنهج
الوصفيَّ التحليليَّ، وتوصَّلت من خلاله إلى نتائج مهمَّة منها: اسهام تقنيات
العصر على الكتابة الإبداعيَّة في ظهور أجناس أدبيَّة موازية للأجناس المعروفة
يضمُّها جميعاً اسم(الأدب التفاعليّ)، بالإضافة إلى دورها في انفتاح النصِّ
الإبداعيِّ على فنون أخرى كالرسم والتصوير والموسيقى، وقد قُوبِلَ هذا الأدب
التفاعليِّ بالرفض والاستهجان من قبل القرَّاء وبانقسام النقاد عليه بين مؤيِّد
ومعارض، ومع ذلك استمرَّ الأدب التفاعليِّ في شقِّ طريقه ببطء في فضاء الأدب
العربيِّ.
كلمات
مفتاحية:
الأدب التفاعلي النص المترابط النص المتفرع
Abstract:
The
aim of this study is to uncover the impact of modern techniques on creative
writing, and the resulting techniques of literary genres parallel to the known
genres, in addition to the statement of the attitudes of critics and readers of
these new writings, as well as shed light on the reality of these writings and
anticipating what awaits the future. The study used descriptive analytical
method, and reached important results, including: the contribution of
contemporary techniques to the emergence of parallel literary genres, all of
which include the name of interactive literature, in addition to its role in
the openness of creative text on other arts such as painting, photography and
music. This interactive literature was rejected and booed By the readers and
the division of critics between him and the supporter of the opposition, yet
the interactive literature continued to make its way slowly in the space of
Arab interactive literature.
Keywords:
Interactive
literature Hypertext Linked Text
مقدِّمة:
شهدت أواخر القرن العشرين تطوُّراً هائلاً
في وسائل الاتصال بين البشر على أنحاء المعمورة، وقد أسهمت تلك الوسائل في مرونة
وسرعة انتشار الأفكار والمعارف في أنحاء المعروفة، وكان لهذه الوسائل أثرها على الكتابة الإبداعيَّة،
والتي حاولت تسخيرها في خدمة النصِّ الإبداعيِّ، لتفاجئ القراء والنقاد بأنماط
أدبيَّة لم يألفوها، فرحَّب بها من رحَّب، وعارضها من عارض، إلا أن كلَّ ذلك لم
يمنع من انتاج دراسات تتناول هذه الأنماط بالتحليل والمقاربة النقديَّة.
إشكاليَّة
البحث:
يهتمُّ هذا البحث بالكشف عن أثر تقنيات العصر
على الكتابة الإبداعيَّة، وعن طبيعة الأجناس الأدبيَّة التي نتجت استخدام تلك
التقنيات.
أسئلة
البحث:
1.
كيف استفادت الكتابة الإبداعيَّة من تقنيات العصر؟
2.
ما الأجناس الأدبيَّة التي نتجت عن استخدام تلك التقنيات؟
3.
ما موقف النقَّاد والقرَّاء من هذا النوع من الكتابات؟
أهداف
البحث:
1.
الكشف عن أثر تقنيات العصر على الكتابة الإبداعيَّة.
2. بيان ما نتج عن هذه التقنيات من أجناس أدبيَّة.
3.
التعرُّف على مواقف النقَّاد والقرَّاء من هذا النوع من الكتابات الإبداعيَّة.
منهج
البحث: استُخدِمَ في البحث المنهج الوصفيُّ التحليليُّ، وهو منهج مناسب لمثل هذه
البحوث.
الدراسات
السابقة:
تناولت بعض الدراسات موضوع علاقة الأدب
بالتقنيات الحديثة، وأقربها إلى هذا البحث دراسة صفية علية(2013) بعنوان( الرواية
التفاعليَّة ونمطيَّة التلاعب الافتراضي)، ورقة علميَّة منشورة بمجلة كليَّة
الآداب واللغات بجامعة محمد خيضر، وقد استخدمت الدراسة المنهج الوصفيَّ
التحليليَّ، وتوصَّلت إلى نتائج مهمَّة منها: اتساع البؤرة الحاسوبيَّة لتنتج
أجناساً أدبيَّة متنوِّعة، ومن بين تلك الأجناس الرواية التفاعليَّة، والتي
تحوَّرت بدورها إلى أنماط روائيَّة مختلفة.(1) وتلتقي هذه الدراسة مع دراسة صفية
علية في كونهما يعدَّان الرواية التفاعليَّة جنساً أدبيَّاً جديداً، وتختلف عنها
في كونها تسلط الضوء على بقيَّة الأجناس الأدبيَّة الأخرى للأدب التفاعليِّ، هذا
مع التركيز على دراسة القصيدة التفاعليَّة.
أثر
الوسائط المعاصرة على تقنيات الكتابة الإبداعيَّة:
استفادت الكتابة الإبداعيَّة العربيَّة من
تقنيات العصر، فانعكس ذلك في بعض مظاهرها من حيث الشكل والمضمون، وترجع بعض هذه
المظاهر إلى اطلاع الكاتب العربيِّ على الأنماط الشكليَّة التي ظهرت في بعض البلدان الغربيَّة، إلَّا إنَّها
أصبحت عالميَّة النزعة نتيجة للعولمة الثقافيَّة، وقد بدأت التطوُّرات الشكليَّة
في الكتابات الإبداعيَّة في الغرب في
النصف الأخير من القرن العشرين، وظهر ما يعرف بالنص الرقميِّ، وهو نصٌّ يعتمد في
وجوده أساساً على أجهزة الحواسيب وشبكة
الإنترنت، وقد ارتبط انتشاره بمؤتمرات ومؤسسات محليَّة ودوليَّة رسَّخت
لوجوده، ومنها مؤسسة الأدب الإلكتروني في الغرب 1999م(Electronic
Literature Organization)، ومهرجان الشعر الرقميِّ(Festival e-
Poetry)، وغير ذلك من
المؤتمرات والمؤسسات والمجلات الإلكترونيَّة،(2) وتسبَّب ذلك في ظهور أنواع موازية لكل الأنواع
الأدبيَّة المعروفة، فنجد مثلاً القصيدة التفاعليَّة أو الرقميَّة مقابل القصيدة
المكتوبة، والقصة التفاعليَّة مقابل القصة المكتوبة، وذلك فيما يعرف بتقنية النصِّ
الرقميِّ أو النصِّ المتفرَّع (Hypertext)، وهو نصُّ رقميُّ يتيح للمتلقي وسائل عمليّة عديدة تمكنه من التخلص من خطيَّة النصِّ، مع إمكانيَّة التحكم
في آليَّة تلقيه، فللقارئ مطلق الحريَّة في أن يبدأ القراءة من أي موضع في النص،
والتنقل الداخليَّة بين ألفاظ وجمله وفقراته من أي موضع داخله إلى أي موضع آخر
فيه.(3)وقد أُطلِقَت عدَّة مسمَّيات على هذا النص، ومنها اسم (النص
الفائق) وأطلقه نبيل علي في كتابه (العرب وعصر المعلومات)، واسم (النص المتشعِّب)
والذي استخدمه كلٌّ من عبير سلامة ومحمد أسليم،(4) كما أطلق عليه سعيد
يقطين اسم (النص المترابط)، وذلك لأنَّ الترابط هو السمة الغالبة عليه،(5)
ويميل الباحث إلى الأخذ بمصطلح (النص المتفرَّع) لتضمّنه مضمون المسمَّيات الأخرى،
ولكونه يعبِّر عن حقيقة النص الجديد، والذي يُمكِّن المتلقي من أن يبدأ من كلِّ
فرع فيه دون أن يكون هنالك فرع أولى بالبداية من الفرع الآخر فيه.
الأجناس
الأدبيَّة للنص المتفرَّع:
تندرج عدَّة أجناس أدبيَّة تحت مسمَّى النصِّ
المتفرَّع، وبعض هذه الأجناس قديم من حيث نوعه الأدبيِّ إلا إنَّه قد أصاب حظَّاً
من التطوُّر في مرحلة النصِّ المترابط، وبعض هذه الأجناس جديد ووليد عصر الإنترنت،
والأجناس الأدبيَّة للنصِّ المتفرَّع هي:
أولاً-
الرواية التفاعليَّة: ويطلق عليها بعض النقاد الرواية
الرقميَّة، وهي نوع جديد من الأجناس الأدبيَّة يعتمد في بنائه نظام الروابط، أي
تكون الرواية فيه مقسَّمة على شكل روابط، يحتوي كل رابط على جزء من الرواية يصلح
أن يكون مستقلاً عنها، وذلك لعدم تأثره بطريقة القراءة الخطيَّة للنص المكتوب، كما
يحتفظ كلُّ جزء من هذه الرواية بعلاقة مع بقيَّة أجزاء الرواية الأخرى، وقد ظهرت
أوَّل رواية تفاعليَّة في الغرب في العام 1986م، وكانت بعنوان(قصة ما بعد الظهيرة)
للكاتب(ميشيل جويس)، والذي استخدم فيها برنامجاً حاسوبيَّاً يسمى بالمسرد (story
space)، وكانت
الرواية مكتوبة باللغة الإنجليزيَّة.ثم ظهرت روايات تفاعليَّة أخرى مكتوبة باللغة
الفرنسيَّة مثل رواية (عشرون في المائة حب زيادة) لـ(فرانسوا كولون)، ورواية
(الزمن القذر) لـ(فرانك دوفور)، وكان ذلك في العام 1996م، ثم تتابعت كتابة
الروايات التفاعليَّة في الغرب،(6)كما ظهرت برامج أخرى لكتابة الرواية التفاعليَّة مثل برنامج الروائي
الجديد(new novelist)، وتتيح هذه البرامج دمج الأشكال والصور والموسيقى ومقاطع الفيديو
في ثنايا النصِّ الروائيِّ.(7) أمَّا أوَّل رواية تفاعليَّة في الفضاء
العربيِّ فهي رواية(ظلال الواحد) للكاتب الأردنيِّ محمد سناجلة، وكان ذلك في العام
2001م، وقد نشرها على موقعه على الإنترنت،ليصبح رائد الرواية التفاعليَّة
العربيَّة، والذي استطاع أن يوظِّف تقنيات النصِّ المتفرَّع وخاصيَّة التفرع في
بناء سرديَّة لا تخضع لمنطق الخطيَّة في بنائها السردي.(8) ثمَّ تعدَّدت
أشكال الرواية التفاعليَّة فظهرت رواية المقاطع(الرواية كليب)(novel
clip)، ويحتوي هذا
النوع من الروايات على عبارات مفتاحيَّة تقود القارئ من مكان إلى آخر في فضاء
الرواية، بالإضافة إلى اطلاعه على مقاطع فيديو لها علاقة بموضوع الرابط الذي
يتابعه المتلقِّي، فمثلاً لوكانت الرواية تتحدث عن قصَّة اغتيال الرئيس الأمريكي
الأسبق (جون كنييدي) فسيجد المتلقِّي مقاطع فيديو لعمليَّة الاغتيال، ومن أشكال
الرواية التفاعليَّة أيضاً ما يُعرَف برواية (الويكي)( novel wiki)، وهذا النوع من الروايات يعتمد في وجوده على خاصية التحرير
الجماعيِّ، وذلك على طريقة تحرير الموسوعة الحرَّة(ويكيبيديا)، والتي تتيح لكلِّ
القراء المشاركة في بناء المقالة بالحذف والإضافة، وكذلك الأمر في رواية (الويكي)
يضع المؤلف الرئيس بذرة الرواية، ثم يترك المجال للقراء للاعتناء بنموها
بمشاركاتهم بالحذف والإضافة بكلِّ المواد من نصوص وصور ورسوم ومقاطع فيديو وموسيقي.(9)
ويتضح من هذا أنَّ الرواية التفاعليَّة قد حاولت التخلُّص من مبدأ خطيَّة الرواية
المكتوبة مع الاحتفاظ بكينونتها الروائيَّة، إلاَّ أنَّها انتهت إلى نوع آخر من
الأجناس الأدبيَّة تتداخل في بنائه عناصر وتقنيات لم تكن لها علاقة بالكتابة
الروائيَّة في السابق مثل الموسيقى ومقاطع الفيديو.
ثانياً-
القصيدة التفاعليَّة:وهي التي عرَّفها (لوس غلايزر)-مدير
مركز الشعر الإلكتروني على شبكة الإنترنت- بأنَّها: "القصيدة التي لا يمكن
تقديمها على الورق.". وتعتمد هذه القصيدة في بنائها وتلقِّيها على الوسائط
الإلكترونيَّة، فنجدها منشورة على مواقع الإنترنت أو من خلال أقراص مدمجة يتمُّ
تشغيلها عبر جهز الحاسوب. وقد ظهرت القصيدة التفاعليَّة في الغرب على يد الشاعر
الأمريكي روبرت كاندل في العام 1990م، وذلك بنشره أوَّل قصيدة تفاعليَّة له على
موقعه على الإنترنت. وقد رأت فاطمة البريكي أن لا وجود للقصيدة التفاعليَّة
العربيَّة، وما ينشر على الإنترنت من قصائد ما هو إلَّا قصائد رقميَّة،(10)
وربما يكون هذا الرأي صحيحاً عندما صدر كتاب(مدخل إلى الأدب التفاعلي) لفاطمة
البريكي في العام2005م، وذلك لوجود قصائد
تفاعليَّة عربيَّة تحقَّق فيها شرطالتفاعليَّة، ومن هذه القصائد قصيدة (تباريح
رقميَّة لسيرة بعضها أزرق) للشاعر العراقي مشتاق عبَّاس، والذي يُعدُّ رائد
القصيدة التفاعليَّة في الأدب العربي، حيث جعل للقصيدة مدخلان أحدهما: خط عمودي
ممثَّل بأيقونتَيْنِ تحملان عبارة (اضغط فوق ضلوع البوح)، والآخر طريق عمودي في
الواجهة الرئيسة، ويتضمَّن خمس أيقونات، كتب عليها رأسيَّاً بالتسلسل: أيقنت، أن،
الحنظل، موت، يتخمر. وكلُّ أيقونة تفضي بكلمتها المفتاحيَّة هذه إلى نصٍّ شعري.(11)
ثالثاً-
المسرحيَّة التفاعليَّة:تعتمد المسرحيَّة التقليديَّة في
بنائها على عنصرين هما: النصُّ، والعرض. ويمثِّل العنصر الأول(النصُّ) المادة
الخام التي تتكوَّن منها المسرحيَّة، بينما يمثِّل العنصر الثاني(العرض) الوسيلة
أو القالب التي يُقدَّم فيه العنصر الأول(النصُّ) على شكل حوار ومشاهد وإطار زماني
ومكاني، وظلَّت هذه الثنائيَّة البنائيَّة هي السائدة في تكوين المسرحيَّة
التقليديَّة حتى ظهرت المسرحيَّة التفاعليَّة، والتي تعتمد في بنائها على تقنيات
الحاسوب ووسائطه المتعدِّدة، فأصبح للنصِّ المسرحي التفاعليِّ عقداً وروابطاً
تشعبيَّة متشابكة، وتمكِّن تلك الروابط
المتلقيِّ من المشاركة في بناء النصِّ المسرحيِّ وتحديد مساره، كما تتيح له حريَّة
الاختيار في متابعة الشخصيَّة التي يختارها عبر تلك الروابط، وهذا أمر لم يكن متاحاً
في المسرحيَّة التقليديَّة إذ يتحكَّم المخرج في تحديد زمن ظهور الشخصيَّة المسرحيَّة
وتحديد مسارها.وقد ظهرت المسرحيَّة التفاعليَّة في الغرب على يد تشارلز ديمر،
والذي كتب أول مسرحيَّة تفاعليَّة في العام1985م، وغرضه من تأليف تلك المسرحيَّة
كتابة نصٍّ يعرض بالتزامن وليس بطريقة خطيَّة كما في المسرحيَّة التقليديَّة، ومن
نماذج المسرحيَّات التفاعليَّة مسرحيَّة (النورس البحريّ) وهي في الأصل للروسي
تيشكوف، وقد قام تشارلز ديمر بتحويلها إلى مسرحيَّة تفاعليَّة، وهي موجودة على
الإنترنت، ولصفحة البداية عبارات ترحيبيَّة، فإذا اختار المتلقي خيار(بدأ العرض)
تظهر له قائمة بأربعة فصول يمكنه البدء بأيٍّ منها، دون الالتزام بالنسق الخطيِّ
للمسرحيَّة، ثم يمكنه بعد ذلك اختيار الشخصيَّة التي يريد متابعتها مع حريَّة
الاختيار في مشاهدة أيِّ مشهد من مشاهد الشخصيَّة المختارة.(12)وهذا
النوع من المسرحيَّات التفاعليَّة لم يظهر بعد في الفضاء العربيِّ، وذلك لأسباب
حضاريَّة وثقافيَّة وتكوينيَّة للمسرحيِّين، وبعضها متعلِّق بالمتلقي الذي يعاني
الغربة القرائيَّة ناهيك عن تفاعله مع الشبكة والإبداع المعروض فيها.(13)
مميِّزات
النص الرقميِّ والتفاعليِّ:
يلتقي الأدب الرقمي مع الأدب الكتابي في
كونهما نصوص تتكوَّن من ثلاث أطراف مرسل، ومستقبل، ورسالة، ثمَّ يتميَّز النصُّ
الرقميُّ أو التفاعليُّ بخصائص لا تتوفر في النص المكتوب، ويمكن تفصيل هذه الخصائص
في ما يلي:
أولا-
سرعة الانتشار: يعتمد النصُّ الكتابيُّ في انتشاره
على وسيط واحد هو الكتاب نفسه، وهو يعتمد في انتشاره في الغالب على قدرة الناشر أو
المؤلف في توزيع الكتاب على نطاق محدَّد، وعدد النسخ الموزَّعة، والظروف المواتية
لتوزيع النسخ، ومع كلِّ هذه المعوُّقات يصبح انتشار النصِّ الكتابيِّ بطيئاً
مقارنة بالنصِّ الرقميِّ، والذي يعتمد في انتشاره على الحاسوب ومايتيحه له من
وسائط وبرامج، وكذلك على شبكة الإنترنت وما توفره له من فضاء واسع للانتشار في وقت
وجيز مقارنة بانتشار النصِّ الكتابيِّ. يقول أحمد فضل شبلول عن ذلك: "إنني
كأديب عربي بعد امتلاكي لجهاز الحاسب الآلي واشتراكي في شبكة الإنترنت
العربية(العالمية) أستطيع أن أرسل نصوصي الأدبيّة... إلى المهتمين بالأدب وعالمه
وقضاياه، وذلك عبر مايسمى بالبريد الإلكتروني داخل جهازي، وعبر الشبكة، وفي ثوان
معدودة يصل النص الإبداعي إلى كل هؤلاء المهتمين."(14) بل الأمر
أصبح أيسر مما يقوله أحمد فضلشبلول، إذ يكفي أن يمتلك المبدع جهاز هاتف محمول متطوُّر ومدونة مجانيَّة على
الإنترنت ليتخذ لنفسه موضعاً خاصاً به ينطلق منه إلى كل الفضاء الافتراضيِّ، وينشر
نصوصه لتصل إلى المتلقي في زمن قياسيِّ.
ثانيا-
التفاعل: يعتمد مؤلِّف النص الكتابي في معرفة
تفاعل الجمهور مع كتابه على ما يكتبه عنه النقاد في الصحف والمجلات، وكذلك من اللقاءات
المباشرة للكاتب مع الجمهور خلال حفلات التوقيع، وأحياناً عبر حفلات القراءة، وهذا
النوع من التفاعل يُعدُّ تفاعلاً محدوداً مقارنة بما يُحظى به النصُّ الرقميُّ من
تفاعل مباشر للجمهور مع النصِّ التفاعليِّ، ويرى بعض الكتاب أنَّ نصوصهم
الإبداعيَّة حُظِيت بنسب تفاعل كبيرة مقارنة عند نشرها رقميَّا مقارنة مع نشرها
كتابيَّا على الصحف والمجلات سابقاً، ومن هؤلاء روبرت كاندل رائد الشعر
التفاعليِّ، والذي وجد تفاعلاً مثمراً من
الجمهور مع نصوصه الرقميَّة، وذلك من خلال التعليق والنقد والمراجعة، وبأعداد تفوق
كثيراً عمَّا كان يحصل عليه من الجمهور المتفاعل مع نصوصه الكتابيَّة، وهذا أيضاً ما يؤكِّده بوبي ربيد، والذي أشار
إلى أنَّه وجد تجاوباً وتفاعلاً مع نصوصه الرقميَّة بالنقد والتعليق والمراجعة،
وذلك إلى درجة يعجز فيها عن الردِّ على كلِّ هذه التعليقات التي تصل إليه عبر
البريد الإلكتروني، وقد تبلغ أحياناً آلاف من الرسائل أسبوعيَّا،(15)
وهذا يدلُّ على سعة تداول النصوص الرقميَّة وإيجابيَّة تلقِّي الجمهور معها،
فيساهم في إثراء النصِّ بالتعليق والمراجعة، وهما أمران يمثِّلان دافعاً معنويَّاً
كبيراً للكاتب، فيشحذان همَّته لمزيد من الإبداع.
ثالثاً-
إمكانيَّة المشاركة:يتيح النصُّ التفاعليُّ مساحة
مقدَّرة للمتلقيِّ للمشاركة في التفاعل معالنصِّبدء من طريقة كتابة بعض النصوص المترابطة،
والتي تمكِّن المتلقيِّ من التلاعب بترتيب النصِّ وفقاً للطريقة التي تعجبه، إذ لا
تُحدِّد له موضعاً للبدء وآخر للنهاية، فالمتلقِّي وحده من يحدد بداية النصِّ
ونهايته وترتيب أجائه الداخليَّة، وهذا ما يُخلِّص الكتابة التفاعليَّة من
خطِّيَّة النصِّ الكتابيِّ، كما أنَّ بعض النصوص التفاعليَّة تتيح إمكانيَّة واسعة
للمتلقِّي في المشاركة في تشكيل النصِّ بالحذف والإضافة والتعديل، وكلُّ هذا بدعوة
من المؤلف الذي ينتهي دوره بنشر النصِّ التفاعليِّ، وللجمهور-بعد ذلك- مطلق
الحريَّة في الطريقة التي يتلقَّى بها النصَّ.(16)
رابعا-
تقديم عرض مصاحب: يكون النصُّ التفاعليُّ مصحوباً
بمواد تسهم في كيفيَّة تلقِّيه، كما يكون لها دور في أثره على المتلقِّي، فالرواية
التفاعليَّة مثلاً قد تستخدم في بنائها الرسوم والجداول والصور ومقاطع الفيديو
والموسيقى، وكلُّ هذه المواد تكون مقحمة في النصِّ التفاعليِّ، لتصبح جزء مهمَّا
في بنائه، وبذلك يصبح كاتب النصِّ التفاعليِّ متعدِّد المهام، فلا يكفي أن يكون
روائيَّا مثلاً ليكتب رواية تفاعليَّة بل عليه الإلمام بمهارات أخرى كالإلمام
بتقنيات الحاسوب والإخراج السينمائي وغيره من المهارات التي تمكِّنه من كتابة
رواية تفاعليَّة، وإلا فعليه أن يستعين بمن يمتلك تلك المهارات.(17) وقد
استطاع محمد سناجلة في أعماله التفاعليَّة
الاستفادة من تصميمات الجرافيك، والمونتاج، والموسيقي وتقنيات الميتاميديا
الجديدة.(18)
نموذج
لنصٍّ تفاعليٍّ:
يُعَدُّ
الشاعر العراقيُّ عباس مشتاق رائداً للقصيدة التفاعليَّة العربيَّة، وذلك لكتابته
أوَّل قصيدة تفاعليَّة عربيَّة، ألا وهي قصيدة (تباريح رقميَّة لسيرة بعضها أزرق)
في العام 2007م، والتي حظيت باهتمام النقَّاد، واستخدمت نموذجاً للقصيدة
التفاعليَّة في البحوث والدراسات النقديَّة،(19) الأمر الذي دفعه إلى
كتابة ونشر قصيدته التفاعليَّة الثانية في العام 2017م، ألا وهي قصيدة(لا نهائيات
الجدار الناريِّ)، والتي لم تحظَ بالتعريف الكافي بها، لذلك سيتم التطرُّق للجوانب
التفاعليَّة في هذه القصيدة، وتسليط الضوء عليها.
المدخل:
سيجد زائر صفحة القصيدة ساعة دائريَّة ذات
أرقام رومانيَّة قديمة تغطي مساحة كبيرة من الصفحة، ويدور عقرب الثواني باتجاه
عكسيٍّ(من الشمال إلى اليمين)، بينما يدور قرص دائريٌّ خلف الساعة في اتجاه عقارب
الساعة(من اليمين إلى الشمال)، وتشير عقارب الساعة إلى الثانية عشر إلَّا خمس
دقائق، ويمكن للزائر الولوج إلى داخل القصيدة عبر أيِّ رقم من أرقام الساعة،
وبالضغط على كلِّ رقم ستظهر صفحة داخليَّة مقسَّمة إلى قسمين: أحدهما ضيِّق يمين
الشاشة، والآخر عريض يسار الشاشة، ويحتوي الأوَّل على ست دوائر، وقد وضِعَت على
شكل أزواج رأسيَّة،كُتِب على الدائرة الأولى (عين الذئب)، وعلى الثانية (الأفق
الكامل)، وعلى الثالثة (لوِّن أفقك)، وعلى الرابعة (لوِّن بوحك)، وعلى الخامسة
(عيونك الأفق)، وعلى السادسة (كمِّم بوحك)، ويمتدُّ من آخر دائرتين خطَّان
يمثِّلان طريقاً يمشي فيه (حنظلة)
الشخصيَّة الكاريكاتيرية، والتي رسمها
الفنان الفلسطيني ناجي العلي، كلُّ هذه الدوائر والرسم الممتدّ منها في القسم
الأوَّل(يمين الشاشة)، أمَّا القسم الآخر(يسار الشاشة) فيحتوي على لوح أو صفحة ذات أسطر عدَّة، كُتِبَ عليها نضُّ
القصيدة، ولها خلفيَّة ذات أشكال مختلفة.
الموسيقى والإضاءة والألوان:
تبدأ الموسيقى في الانسياب مع ولوج الزائر
لصفحة القصيدة، وتتغيِّر من صفحة لأخرى حسب المقطع الشعريِّ المعروض بها، كما
تتغيَّر خلفيات لوح النصِّ العروض من مقطع شعريٍّ لآخر، كما تتفاوت درجات الإضاءة
بين الساطعة والخافتة من مقطع لآخر، كما يمكن للمتلقِّي المشاركة في التحكُّم في الموسيقى عن طريق الضغط على
الدائرة المكتوب عليها (كمِّم بوحك) على يمين الشاشةكما يمكنه التحكُّم في تلوين
لوح القصيدة عن طريق الضغط على الدائرة
المكتوب عليها (لوِّن بوحك) على يمين الشاشة، ويتيح الضغط على هذه الدائرة لونين
بالتتابع، فإذا كانت لوح القصيدة باللون الأسود والنصُّ مكتوباً باللون الأبيض فإن
الضغط على دائرة (لوِّن بوحك) سيجعل اللوح باللون الأصفر الفاتح والنصَّ المكتوب
باللون الأزرق، وللمتلقِّي التحكُّم في تلوين خلفيَّة لوح القصيدة من لون لآخر ومن
درجة لونيَّة إلى أخرى عبر الضغط على دائرة (لوِّن أفقك)، كما يمكنه التحكُّم في
درجة إضاءة الصفحة من السطوع الكامل إلى الخفوت التام للإضاءة عن طريق الضغط على
دائرة (عين الذئب).
ترابط
القصيدة:
يُعدُّ الترابط هو السمة الغالبة على
تصميم القصيدة منذ المدخل الرئيس، فالضغط على إيِّ رقم من أرقام الساعة- في الصفحة
الأولى- يظهر للقارئ مقطعاً من مقاطع القصيدة، فالضغط على الرقم(1) واحد مثلاً
يظهر النصُّ التالي:
الخبز
العاطل
يأكل
كفّي
يعض
جروح شفاه صغاري
يرعى
كل بقايا الخوف
يكنس
من أرجاء الروح
قشّ
الصبر
يا
سنبلة !
تحمل
منذ عجاف أسمر . . .
سرَّ
الموت . . . .
خلِّ
رفات الوقت قليلاً
فالتابوت
يئنّ ضحايا
تلو ضحايا
تلو ضحايا
ومهاد
الغافين طويلاً خشبٌ قان
يحضن
من أغصان رفاقي جِلْداً أنزع
يقطر
وهناً
فوق
مسام الخطو الأحمر
يعلم
. . . أنّ
نداءَ
الوقت:
بقايا
خنجر
تفتح
جفناً
كي
يغفو ما بين الحنظل والحنظل
كما
تحتوي بعض المقاطع الشعريَّة روابطاً تفضي بالمتلقِّي إلى صفحة داخليَّة، تعرض
مقطعاً شعريَّا آخر
له
علاقة دلاليَّة مع المقطع الذي احتوى الربط المُفضِي إليه، وقد يكون هذا المقطع
الشعريُّ الداخليُّ قصيراً كما في هذا المقطع:
حنجرة
الوقت . . . لا أوتار لها
وحفيف القحط يطول
. . . . . .
العصفور بلا تغريد
والصفصاف حثيث الوجد
. . . . . .
الناي ضرير
والعازف مبتور الإصبع
. . . . . .
هل
أيقنت بعرس الجدب؟!
فلو
ضغط المتلقِّي على كلمة الصفصاف من هذا المقطع- فإن الرابط سيحيله إلى المقطع
الشعريِّ التالي:
والصفصاف
لا ينمو إلا دمنا
ونخلة
عقارب بريش وصوف
وهذا
المقطع الجديد قصير نسبيَّاً مقارنة مع النصِّ الذي تفرَّع منه، كما يكون المقطع
الشعريُّ الداخليُّ
طويلاً
نسبيا في بعض المقاطع، وذلك كما في هذا النصِّ:
ذات
فأس سحيق
خرّم
البوم ألواحنا
شجّ
عينَ الحرف
كمّم
الجنحَ في خافقَي فجرنا واستباح الصباح
. . . . . .
ذات
رعد كسيح
أحرق
الفأس هاماتنا بالضجيج
أسمل
الذكريات
رمّم
الجرحَ في نزفنا المستقيم
لم
يزل نزفنا يستقيم
. . .
ألا
يحنث الجرحُ عن فضح أوردتي؟!
فلو
ضغط المتلقِّي على كلمة الفأس من هذا المقطع- فإن الرابط سيحيله إلى المقطع
الشعريِّ التالي:
كيف أحنو ويدي معصم فأسي
والذي يرقب ترحاليَ نفسي
والذي
يشربني كفّ شفاهي
يرتويني
لذّةً كأساً بكأسِ
عطشي
يغري فراتي بلظاه
ويهيل التُرْبَ عن جذريَ غرسي
كنتُ
قبل الريح يحدوني نشيدي
صرّني
الريحُ تباريحَ لرمسي
ها
أنا مقصلةٌ ، رأسي فطامي،
لوحها أمي تناغيني لطمسِ
وهذا
المقطع يبدو طويلاً نسبيَّاً مقارنة مع النصِّ الأصل الي يتفرَّع منه.(20)
تداخل
الفنون في القصيدة:
احتوت القصيدة على عدَّة فنون بصريَّة
وسمعيَّة وتقنيَّة حديثة، وقد وزِّعَت هذه الفنون والتقنيات على مقاطع القصيدة،
فنجد الموسيقى حاضرة في النصِّ مع ولوج الصفحة الأولى للقصيدة، وعلى الرغم من تغيُّر إيقاعات هذه الموسيقى في
بعض المقاطع إلَّا أنَّها في الغالب تسير على وتيرة واحدة، والخيار المتاح
للمتلقِّي هو كتمها فقط، وقد كان بإمكان الشاعر الاستفادة من التنويع الموسيقي في
خدمة المقطع الشعريِّ،(21)كما لا تُصحَب هذه الموسيقى بالغناء كما جرت
العادة في بعض النصوص التفاعليَّة. أمَّا الألوان والرسومات فقد كانت حاضرة بقوَّة
في كلِّ مقاطع القصيدة، فقد احتوت القصيدة على عدَّة لوحات ذات أشكال وألوان
مختلفة، وكان بعضها إضافة أسهمت في خدمة المقطع الشعريِّ، ومن ذلك عندما نضغط على
الساعة (2) يظهر مقطع شعريٌّ بعنوان (الإحباط)، وتصحب هذا المقطع خلفيَّة رماديَّة
اللون مظلمة من الأعلى والأسفل، بينما المقطع الشعريُّ مكتوب بلون أبيض على صفحة
سوداء، وبالضغط على الساعة(6) تظهر صفحة
سوداء تحتوي على مقطع شعريٍّ باللون الأبيض، وذلك مع خلفيَّة بزخارف بألوان غامقة
يتخلَّلها لون رماديٌّ فاتح، وكذلك الضغط على الساعة (11) يظهر مقطع شعريٌّ مكتوب
باللون الأبيض على صفحة سوداء، بينما خلفيَّة الصفحة ذات لون أحمر يتخلله سواد في
الوسط، وكلُّ هذا المقاطع الشعريَّة التي ذُكِرَت تتضافر فيها دلالة النصِّ
الشعريِّ مع الرسم والألوان المصاحبة له. أمَّا التقنيات الحاسوبيَّة فتمثَّلت في المؤثرات الحركيَّة التي تصحب
تغيير كل مقطع شعريِّ من مقاطع القصيدة،وكذلك في الترابط بين أجزاء القصيدة
بالروابط الداخليَّة المتشابكة، كما توحي
بعض المظاهر الحركيَّة بالقصيدة بدائريَّة
حركة الأحداث في الحياة وتكرارها، ويظهر هذا في حركة شخصيَّة (حنظلة) التي لا تراوح مكانها
على الرغم من الحركة الظاهريَّة لها، وكذلك في حركة عقارب الساعة من الشمال إلى
اليمين والقرص الدائر حولها باتجاه عقارب الساعة، فكلُّ هذه الحركات قد توحي
للمتلقِّي بدائريَّة الحركة في الحياة وتكرار الأحداث فيها، يعزز من ذلك الإيحاء
تقسيم القصيدة على اثني عشر مقطعاً بعدد وحدات الساعة، والمقاطع الشعريَّة بحسب ما
تشير إليه الساعة في القصيدة هي: الساعة (1): الفقر، الساعة (2): الإحباط، الساعة
(3): الخضوع، الساعة (4): الوحدة والعزلة، الساعة (5): الجمود، الساعة (6): الجهل،
الساعة (7): التخلف، الساعة (8): الضياع، الساعة (9): الألم، الساعة (10): الهجرة
والمطاردة، الساعة (11): الموت، الساعة (12): المقاومة.(33) وعلى الرغم
من أنَّ اليوم يتكوَّن من أربع وعشرين ساعة فإنَّ بعض الساعات تمثله على اثني عشر
رقماً، ثم يتم تكرار بقيَّة وحدات اليوم على ذات الأرقام مع التمييز بينها
بلفظي صباح ومساء كقولنا مثلاً: الخامسة
صباحاً، والخامسة مساءً، هذا على الرغم من أنَّ الخامسة مساء هي في الواقع الساعة
السابعة عشر من ساعات اليوم الواحد، وبالعودة إلى تقسيم القصيدة على أرقام الساعة
سنجد في هذا إيحاء بتكرار الأحداث في الحياة، وكأنَّه يحصرها في عنوانات المقاطع
الشعريَّة للقصيدة،(22) ودائريَّة تلك الأحداث التي تشير إليها هذه
العنوانات، فالفقر يفضي إلى الإحباط، والذي يكون سببه الخضوع للوحدة والعزلة، وما تورثه
هذه العزلة من جمود ، وما يفضي إليه الجمود من جهل، يؤدِّي بدوره إلى التخلُّف،
فيكون الضياع وما ينتج عنه من ألم، يحاول صاحبه الفرار منه فيطارده حتى الموت على
الرغم من المقاومة، ثم يبدأ ميلاد الفقر مجدداً وتتكرَّر الأسباب والأحداث،
ويؤكِّد على الإيحاء بالتكراريَّة ظهور شخصيَّة حنظلة وطريقها اللانهائي مع كل
مقاطع القصيدة.
وعلى الرغم مما احتوت عليه القصيدة من تقنيات
القصيدة التفاعليَّة، فإن من النقاد من يرى أنَّ القصيدة لم تتخلَّص من الخطيَّة
الذي يسير عليها النصُّ غير التفاعليِّ، يقول الناقد الأردني أحمد زهير الرحاحلة:
" إن هذه الخطية والمسارات القسرية المغلقة، تجعل من السهل واليسير استخراج
هذه القصائد وطباعتها ورقيا دون أن يتغير شيء يذكر من قيمتها الشعرية، ولن تتأثر
كثيرا بغياب المؤثرات الصوتية أو الحركية أو اللونية أو غيرها من العناصر البنائية
الرقمية، وهذا يقودنا إلى مستوى آخر من مستويات التفاعلية، وهو المساحة المتاحة
للمتلقي للمشاركة والتفاعل والتعديل وغيرها، فعندما نبحث عن هذه المساحة فإننا نجد
أنها ضيقة جدا جدا، فهو لا يملك إلا حرية اختيار المسار الذي يبدأ منه، وما تبقى
مساحات شكلية ضيقة، كالتحكم بالصوت، أو تغيير محدود جدا للون، وما شابه."(23)وعلى
الرغم من أهميَّة هذا الرأي واتفاق الباحث معه جزئيَّا في ذلك، إلَّا أنَّها هذا
لا ينفي صفة التفاعليَّة عنها، فهي لا تخلو من جوانب تفاعليَّة متاحة للمتلقِّي،
ومن ذلك إعطاء المتلقِّي حريَّة البدء من إيِّ رقم من أرقام الساعة، وكذلك حريَّة
كتم صوت الموسيقى وتشغيلها، فضلاً عن إمكانيَّة تلوين لوح المقاطع الشعريَّة وخطّ
الكتابة، وكذلك تلوين الخلفيَّة المصاحبة للمقطع الشعريِّ والتحكُّم في درجة إضاءة
خلفيَّة الصفحة، وهذه الخيارات المتاحة للمتلقِّي -على قلَّتها مع التقنيات
الأخرى- تجعل من قصيدة(لا نهائيات الجدار الناريِّ) قصيدة تفاعليَّة.
مواقف
النقَّاد من الأدب التفاعليِّ:
فرض النصُّ التفاعليُّ نفسه على الساحة
الأدبيَّة، وكان على النقَّاد التعامل معه، والإلمام بأدواته وتقنياته، فمنهم من
رحَّب بهذا النوع من الكتابة وعدَّه تطوراً مهمَّا في الكتابة الإبداعيَّة، وتحقيقاً
لكثير من مقولات نظريَّة التلقي، فمن ذلك أنَّ نظريَّة التلقي تتحدَّث في تنظيرها
عن الدور الذي يقوم به المتلقِّي في العمليَّة الإبداعيَّة في كشف الجوانب
المختلفة للنصِّ من خلال تفاعله معه، وهذا المقولة النظريَّة أصبحت حقيقة بفضل
قدرة النصِّ التفاعليِّ الذي يفرد مساحة كبيرة لمشاركة المتلقِّي في صميم العمل
الإبداعيِّ، كما تتحدَّث النظريَّة عن الفراغات التي تتخلَّل النص الإبداعيِّ نتيجة لحذف بعض المعلومات في النصِّ، ويقوم
القارئ بملء تلك الفراغات بخياله، فيكون مشاركاً في صناعة العمل الإبداعيِّ، وهذه
المقولة أيضاً تمَّ تحقيقها على أرض الواقع، وقد أصبح بإمكان المتلقِّي بإضافة
مايراه مناسب في النصِّ التفاعليِّ ليصبح جزء منه،وكذلك تحدثت نظريَّة التلقِّي
عما يعرف بـمقولة (موت المؤلف) ومقولة(تعدد التأويلات والنهايات غير الموحَّدة)،
وهاتان المقولتان تحقَّقتا في الادب التفاعليِّعلي يد المتلقِّي الذي أصبح يتحكَّم
في طريقة تلقِّي النصِّ، ونتيجة لوجود خيار التلقِّي في العمل التفاعليِّ ولاختلاف
وجهات النظر من شخص لآخر فإنَّ الأدب التفاعليِّ قد قدَّم تطبيقاً عمليَّا لمقولات
نظريَّة التلقِّي.(24) كما عدَّ بعض النقاد أنَّ الأدب التفاعليَّ قد
أصبح ثورة في طريقة الكتابة الأدبيَّة، وصار من الممكن تحقيق بعض المقولات
النقديَّة، وذلك كمقولة (تعدد الأصوات في العمل الأدبي) والتي نادى بها ميخائيل
باختين، ومقولة(حريَّة تداول النصوص وحريَّة استغلالها وتركيبها وإعادة تفكيكها
وتركيبها) والتي دعا إليها ميشيل فوكو،(25) وهاتان المقولتان قد
تحقَّقتا فعلياً في الأدب التفاعليِّ، وقد صار أكثر من مؤلف للعمل الأدبي الواحد،
كما وفَّر الأدب التفاعليِّ مرونة كبيرة في حريَّة تداوله وتفكيكه وإعادة تركيبه.
ومن النقَّاد من قلَّل من أهميَّة الأدب التفاعليِّ، وعدَّه نتاج لامتزاج أكثر من
عنصر إبداعيٍّ، فالقصيدة التفاعليَّة- عند بعض النقاد: "ليست سوى نصّ مصحوب
بريشة الآخر، وموسيقى الآخر أو صوته، وهو إبداع مركَّب من ثلاثة فنون أو
أكثر...".(26) كما عدَّ بعض النقاد أنَّ القصيدة التفاعليَّة
عاجزة عن إيصال فكرتها إلى المتلقِّي إلَّا بوساطة تلك الوسائط الإلكترونيَّة، مع الاستعانة
بفنون بصريَّة وسمعيَّة أخرى، وهذا أمر تفوَّقت فيه القصيدة النصيَّة، والتي
استطاعت أن تؤثِّر على وجدان المتلقِّي دون كلِّ هذه الوسائط والفنون المساعدة في
القصيدة التفاعليَّة، وعليه تكون القصيدة التفاعليَّة بوسائطها المتعدِّدة عاجزة
عن أداء المهمَّة التي أدَّتها قريحة عنترة بن شداد في قصائده.(27)
وهذا الرأي فيه تحامل واضح على القصيدة التفاعليَّة، فليست كلُّ القصائد الخطيَّة أفضل
بالضرورة من كلِّ القصائد التفاعليَّة أو العكس، فلكلٍّ من القصيدتين خصائصها
ومميزاتها التي تميِّزها عن الأخرى، ولكلٍّ منهما قواعدها وقوانينها التي يجب أن
تُدرس من خلالها. كما يتضح أنَّ الأدب العربيَّ التفاعليَّ مازال في طور البدايات،
وهو طور يُصحَب فيه الإبداع بالاختلاف فيه غالباً، والتشكيك في ماهيَّته وقدرته
الإبداعيَّة أحياناً، فضلاً عن أنَّ هذا النوع من الأدب سيفرض على النقَّاد مراجعة
أدواتهم ونظرياتهم النقديَّة، وحتى يتمُّ ذلك فسيكون التشكيك فيه والتقليل من
جودته الفنيَّة أمراً مفهوماً في إطار عجز أدوات النقد العربيِّ عن مواكبة الظواهر
الجديدة في الإبداع العربيِّ، وهذا لا ينفيوجود بعض النماذج للمقاربات النقديَّة
للأدب التفاعليِّ ومنها كتاب حسام الخطيب (الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع)
في العام 1996م،ومقال(النص المترابط (الهايبرتكس)، ماهيته وتطبيقاته) لأوديت مارون
بدران وليلى عبد الواحد فرحان في العام 1997م، ومحمد سناجلة في كتابه(رواية
الواقعية الرقمية- تنظير نقدي)في العام 2004م، وسعيد يقطين في كتابه (من النص إلى
النص المترابط) في العام2005م، وكتابه(النص المترابط ومستقبل الثقافة العربيَّة)
في العام 2008م، وزهور كروم في كتابها(الأدب الرقمي: أسئلة ثقافية وتأملات
تفاهميَّة) في العام 2009م، وإيمان يونس في كتابها (تأثير الإنترنت على أشكال
الإبداع والتلقي في الأدب العربي الحديث) في العام 2011م، وإبراهيم أحمد ملحم في
كتابه(الأدب والتقنية مدخل إلى النقد التفاعلي) في العام 2013م، وكتابه
الآخر(الرقميَّة وتحولات الكتابة النظرية والتطبيق) في العام 2015م، وكلُّ هذه
الدراسات والكتب قد أسهمت في التعريف بالأدب التفاعليِّ، وأبدت مقاربات نقديَّة للتنظير
والتأريخ له،(28)ومازال الأدب التفاعليُّ في حاجة إلى الدراسات
النقديَّة التي تسطيع التعاطي مع قضاياه النقديَّة وتقنياته الفنيَّة، فهنالك بعض
قضايا الأدب التفاعلي التي تحتاج إلى دراسات مستفيضة، وذلك مثل قضية(من هو مؤلِّف
النص التفاعليِّ؟) وما تطرحه تلك القضية من أسئلة عن صاحب النصِّ الإبداعيِّ
التفاعليِّ هل هو من وضع بذرة العمل؟ أم هو المتلقِّي الذي ساهم في نضوج العمل
التفاعليِّ؟ وقضية(تعدد القراءات وانتاج نصوص نقديَّة موازية لكلِّ قراءة) وبيان
علاقة كلِّ قراءة وتأويلها الأيدولوجيِّ بالقراءات الأخرى ذات الأيدولوجيَّات المختلفة
عن غيرها، وكذلك قضيَّة (تعدد الأعمال الفنيَّة في العمل التفاعليِّ)، وعن كيفيَّة
تعامل النقَّاد معها، وما يجب توفره من شروط معرفيَّة في ناقد الأدب التفاعليِّ،
وعن مدى حاجته للذائقة الفنيَّة في تخصصات قد تكون بعيدة كلّ البعد عن تخصصه أو
حدوده المعرفيَّة كالرسم والموسيقي وتقنيات الحاسوب ووسائطه المتعدِّدة، وقدرته
على توظيف كلَّ ذلك في الكشف عن جوانب الأدب التفاعليِّ.
مستقبل
الأدب التفاعليِّ العربيِّ:
مازال الأدب العربيُّ التفاعليُّ في طور
البداية، فأقدم عمل أدبيٍّ تفاعليٍّ(ظلال الواحد) لم يكتب قبل العام 2001م، وقد
قوبِل بالرفض والاستهجان من بعض القرَّاء والنقاد، يقول محمد سناجلة: "فقد تم
شن الهجوم إثر الهجوم على ظلال الواحد باعتبارها عملاً صعباً ومرهقاً وغير مفهوم،
وأراح البعض الآخر رؤوسهم باعتبارها عملاً لا يمكن قراءته، كما شن نقاد آخرون
الهجوم على الرواية لاعتمادها على النظريات العلمية، بل وبلغ الأمر بأحد
(النقَّاد) أن ادّعى أنَّ الرواية والعلم لا يمكن أن يلتقيا وبذا فقد أخرج ظلال
الواحد من كينونتها باعتبارها عملاً روائياً."(29)ويتضح من هذا
النصِّ حجم الرفض الذي قوبلت به أوَّل رواية تفاعليَّة، وكان ذلك بسبب غرابة الأمر
عن الساحة الأدبيَّة العربيَّة، فهو رفض يندرج تحت إطار أنَّ الناس أعداء ما
يجهلون، كما أنَّ هذا الرفض لم يثنِ محمد
سناجلة وغيره من المبدعين من كتابة أعمال تفاعليَّة أخرى على الرغم من الهجوم الذي
يتعرَّض هذا الأدب الجديد، فقد ظهرت بعد ذلك أعمال تفاعليَّة أخرى لمحمد سناجلة
نفسه مثل رواية (شات) ومجموعته القصصية (صقيع)، كما ظهرت قصيدة(تباريح لسيرة بعضها
أزرق) للشاعر العراقي عباس مشتاق، و(قصة ربع مخيفة) للكاتب الروائي المصري خالد
أحمد توفيق، و(احتمالات) لمحمد شويكة، و(الكنبة الحمرا) للسينارست بلال حسني،
و(سيرة بني زرياب) للشاعر محمد الفخراني، بالإضافة إلى استخدام المسرحي العراقي محمد
حبيب تقنيات الأدب التفاعليِّ في مسرحيَّاته الافتراضيَّة.(30) وظهور
كلِّ هذه الأعمال التفاعليَّة مؤشِّر على سير الأدب العربيِّ نحو التفاعليَّة،
إلَّا أنَّه يظل سيراً بطيئاً وحذراً بجانب الأعمال(التقليديَّة) غير التفاعليَّة،
والتي مازالت تسيطر على مساحة مقدَّرة من الساحة الإبداعيَّة العربيَّة على الرغم
مما يعانيه الأدب المكتوب من ركود في إطار شيوع ثقافة الصورة وتراجع ثقافة
القراءة، ولكن مع كلِّ هذا الانتشار الضعيف للكتابة التفاعليَّة إلَّا أنها قد
تسيطر على الساحة الأدبيَّة على المدى البعيد، وذلك لو تراجعت الكتابة
(التقليديَّة) غير التفاعليَّة في ظل ارتفاع تكاليف انتاج الكتاب الورقيِّ، مع
ازدياد مخاطر قرصنته ونشره مجاناً على شبكة الإنترنت على شكل ملف(pdf) في تعدٍّ
صارخ على حقوق المؤلف والناشر،ممَّا يعرضهما للخسارة الماديَّة، في الوقت الذي
تظلُّ فيه الكتابة التفاعليَّة غير باهظة التكاليف مع ضمان انتشار في نطاق أوسع في
ظل إمكانية كبيرة للتحكم في حمايته من القرصنة والطبع بغير إذن المؤلف، كما أنَّ
انتشار ثقافة الصورة قد تكون في صالح الكتابة التفاعليَّة، وذلك لاستخدام الأدب
التفاعليُّ الصورة والرسوم ومقاطع الفيديو في ثنايا العمل التفاعليِّ، أمَّا في
المدى القريب والمتوسط قد يستمرُّ الأدب التفاعليِّ في انتشاره البطيء، كما أنَّ
الكتاب الورقيَّ قد يفقد بعض قرائه لصالح الكتاب الرقميِّ، ومن مؤشِّرات هذا
التراجع تراجع مبيعات الأعمال الأدبيَّة ورقيَّاً مقابل بيعها إلكترونيَّاً، وهذا
الانتشار للكتاب الإلكتروني يمثِّل مرحلة وسيطة للانتقال إلى مرحلة شيوع الأدب
التفاعليِّ.
النتائج:
توصَّلت
الدراسة إلى نتائج مهمَّة منها:
1.
استفادت الكتابة الإبداعيَّة العربيَّة من تقنيات العصر، فانعكس ذلك في بعض
مظاهرها من حيث الشكل والمضمون، فظهرت أنواع أدبيَّة موازية للأجناس الأدبيَّة
المعروفة، ألا وهي: الرواية التفاعليَّة، والقصَّة التفاعليَّة، والقصيدة
التفاعليَّة، والمسرحيَّة التفاعليَّة.
2.
وكلُّ جنس من هذه الأجناس الجديدة يعتمد في بنائه على تقنيات النصِّ المترابط (Hypertext)، والذي لا
يمكن انتاجه أو تلقِّيه دون الحاسوب وبرامجه المتعدِّدة، وهو نصٌّ يسمح للقارئ
بحرية التنقُّل في محتواه دون التقيّد بالخطيَّة التي صحبت النصَّ الكتابي
التقليديِّ، كما يسمح للمتلقِّي بالمشاركة الإيجابيَّة في إثرائه بالحذف والإضافة
والتعليق.
3.
أسهمت تقنيات العصر في انفتاح الأدب التفاعليِّ على الفنون والأشكال التعبيريَّة
الأخرى، إذ احتوى الأدب التفاعليُّ على الموسيقى والجرافيك والرسوم والصور ومقاطع
الفيديو في ثنايا النصِّ الإبداعيِّ.
4.
وقد قوبِل هذا النوع من الأدب بالرفض والتهميش في البداية من قبل بعض والقرَّاء،
إلَّا أنَّه مازال يشقُّ طريقه ببطء في فضاء الأدب العربيِّ.
5.
كما انقسم النقاد إزاء هذا الأدب بين مؤيِّد ومعارض، وقد نوَّه المؤيدون بأهميَّة
هذا النوع من الأدب، وما توفر فيه من تحقيق لبعض مقولات النظريات النقديَّة
كنظريَّة التلقِّي، أمَّا المعارضون لهذا النوع من الأدب فقد قلَّل بعضهم من
أهميَّته وعدَّه مجرد خليط من أشكال تعبيريَّة أخرى، كما فضَّل بعض المعارضين الأدب التقليدي على الأدب التفاعليِّ، باعتبار
أنَّ الأوَّل يؤدي بالنصِّ المكتوب أو الشفهي ما يعجز عن أدائه النصُّ التفاعليُّ
إلّا بالاستعانة بفنون وأشكال تعبيريَّة أخرى.
التوصيات:
على الرغم من اهتمام بعض النقَّاد بالتعريف
والتأريخ لهذا الأدب التفاعليِّ إلَّا أنَّه لا يزال في حاجة إلى الدراسات
النقديَّة التي تستطيع التعاطي مع قضاياه النقديَّة وتقنياته الفنيَّة، وعلى ضوء ما سبق ذكره فإنَّ الدراسة توصي
بإجراء البحوث والدراسات التي تتناول ما يلي:
1.
إشكاليَّة (من هو مؤلِّف النص التفاعليِّ؟) وما تطرحه هذه الإشكاليَّة من أسئلة عن صاحب النصِّ الإبداعيِّ التفاعليِّ
هل هو من وضع بذرة العمل؟ أم هو المتلقِّي الذي ساهم في نضوج العمل التفاعليِّ؟
2. قضية(تعدد القراءات وانتاج نصوص نقديَّة موازية
لكلِّ قراءة) وبيان علاقة كلِّ قراءة وتأويلها الأيدولوجيّ بالقراءات الأخرى ذات
الأيدولوجيَّات المختلفة عن غيرها.
3. قضيَّة (تعدد الأعمال الفنيَّة في العمل
التفاعليِّ)، وعن كيفيَّة تعامل النقَّاد معها، وما يجب توفره من شروط معرفيَّة في
ناقد الأدب التفاعليِّ، وعن مدى حاجته للذائقة الفنيَّة في تخصصات قد تكون بعيدة
كلّ البعد عن تخصصه أو حدوده المعرفيَّة كالرسم والموسيقي وتقنيات الحاسوب ووسائطه
المتعدِّدة، وقدرته على توظيف كلَّ ذلك في الكشف عن جوانب الأدب التفاعليِّ.
______________________________________
(1) علية، صفية، الرواية التفاعليَّة ونمطيَّة
التلاعب الافتراضي، (مجلة كليَّة الآداب واللغات، جامعة محمد خيضر، بسكرة، العدد:
13، يونيو2013م.)
(2)
حمداوي، جميل، الأدب الرقمي بين النظريَّة والتطبيق، ((ن. د)، ط: 1، 2016م)، ص:
(53- 54).
(3)
الخطيب، حسام، الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع، (دمشق- الدوحة، المكتب
العربي لتنسيق الترجمة والنشر، ط: 1، 1996م)، ص: (297- 302).
(4)
البريكي، فاطمة، مدخل إلى الأدب التفاعلي، (الدار البيضاء- بيروت، المركز الثقافي
العربي، ط: 1، 2006م)، ص: 22.
(5)
يقطين، سعيد، من النص إلى النص المترابط، (بيروت- الدار البيضاء، المركز الثقافي
العربي، ط: 1، 2005م)، ص: 101.
(6)
البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، ص: (114- 115).
(7)
علية، الرواية التفاعليَّة ونمطيَّة التلاعب الافتراضي، ص: 230.
(8)
البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، ص: 122.
(9)
علية، الرواية التفاعليَّة ونمطيَّة التلاعب الافتراضي، ص: (228- 229).
(10)
البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، ص: (77- 80).
(11)
معن، مشتاق عبَّاس، قصيدة (تباريح رقميَّة لسيرة بعضها أزرق)، (موقع النخلة
والجيران، على الرابط: (alnakhlahwaaljeeran.com/111111-moshtak.htm
(12)
البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، ص: (99- 109).
(13)
قريرة، حمزة، المسرح التفاعليُّ- إشكاليَّة البناء وأزمة التلقيِّ، (مجلة العلامة،
العدد: 2، 2016م)، ص: (198-199).
(14)
شبلول، أحمد فضل، أدباء الإنترنت أدباء المستقبل، الاسكندرية، دار الوفاء للطباعة
والنشر، ط: 2، (ت. د))، ص: 27.
(15)
يخلف، فايزة، الأدب الإلكتروني وسجالات النقد المعاصر، الجزائر، مجلة المخبر،
جامعة بسكرة، العدد: 9، 2013م)، ص: (108- 109).
(16)
البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، ص: 24.
(17)
يخلف، الأدب الإلكتروني وسجالات النقد المعاصر، ص: 103.
(18)
حمداوي، الأدب الرقمي بين النظريَّة والتطبيق، ص: 100.
(19)
البناي، سلام، البروفيسور مشتاق عباس معن يصدر قصيدته الرقميَّة الثانية(لا
متناهيات الجدار الناري)، مقال إلكتروني، منشور على موقع (نون) على الشبكة
العالميَّة، على الرابط: http://www.non14.net/92672/
(20)
معن، مشتاق عبَّاس، لا متناهيات الجدار الناريِّ، قصيدة رقميَّة، على موقعه
الشخصيِّ، على الرابط:
http://dr-mushtaq.iq/My-poetry-works/Interactive-digital/
(21) الرحاحلة، أحمد زهير ، بنية النصِّ الشعريِّ الرقميِّ في
"لا متناهيات الجدار الناريِّ" لمشتاق عبَّاس معن، مقال إلكترونيٌّ،
منشور على موقع صحيفة قاب قوسين، على الرابط: http://www.qabaqaosayn.com/content
(22)
معن، لا متناهيات الجدار الناريِّ، قصيدة رقميَّة، على موقعه الشخصيِّ، على
الرابط:
http://dr-mushtaq.iq/My-poetry-works/Interactive-digital
(23) الرحاحلة، بنية النصِّ الشعريِّ الرقميِّ في "لا
متناهيات الجدار الناريِّ" لمشتاق عبَّاس معن، مقال إلكترونيٌّ، منشور على
موقع صحيفة قاب قوسين، على الرابط: http://www.qabaqaosayn.com/content/
(24)
البريكي، مدخل إلى الأدب التفاعلي، ص: (145- 158).
(25)
بوطوب، إلهام وسعيد الوكيل، الأدب التفاعليُّ وجماليات التلقِّي، (ن. د)، (ت. د)،
ص: 1.
(26)
يخلف، الأدب الإلكتروني وسجالات النقد المعاصر، مجلة المخبر، ص: 105.
(27)
الدوخي، حمد محمود ، المونتاج الشعري في القصيدة، اتحاد الكتاب العرب، دمشق،
2009م، ص: 33.
(28)
حمداوي، الأدب الرقمي بين النظريَّة والتطبيق، ص: (102- 103).
(29)
سناجلة، محمد، رواية الواقعيَّة الرقميَّة، كتاب إلكتروني، ص: 8.
(30)
حمداوي، الأدب الرقمي بين النظريَّة والتطبيق، ص: (99- 102).
المصادر
والمراجع الورقيَّة:
1.
البريكي، فاطمة، مدخل إلى الأدب التفاعلي، (الدار البيضاء- بيروت، المركز الثقافي
العربي، ط: 1، 2006م).
2.
بوطوب، إلهام وسعيد الوكيل، الأدب التفاعليُّ وجماليات التلقِّي،(ن. د)، (ت. د).
3.
حمداوي، جميل، الأدب الرقمي بين النظريَّة والتطبيق، ((ن. د)، ط: 1، 2016م).
4.
الخطيب، حسام، الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع، (دمشق- الدوحة، المكتب
العربي لتنسيق الترجمة والنشر، ط: 1، 1996م).
5.
الدوخي، حمد محمود ، المونتاج الشعري في القصيدة، اتحاد الكتاب العرب، دمشق،
2009م.
6.
شبلول، أحمد فضل، أدباء الإنترنت أدباء المستقبل، الاسكندرية، دار الوفاء للطباعة
والنشر، ط: 2، (ت. د).
7.
علية، صفية، الرواية التفاعليَّة ونمطيَّة التلاعب الافتراضي، (مجلة كليَّة الآداب
واللغات، جامعة محمد خيضر، بسكرة، العدد: 13، يونيو2013م.).
8.
قريرة، حمزة، المسرح التفاعليُّ- إشكاليَّة البناء وأزمة التلقيِّ، (مجلة العلامة،
العدد: 2، 2016م).
9.
يخلف، فايزة، الأدب الإلكتروني وسجالات النقد المعاصر، الجزائر، مجلة المخبر،
جامعة بسكرة، العدد: 9، 2013م)..
10يقطين،
سعيد، من النص إلى النص المترابط، (بيروت- الدار البيضاء، المركز الثقافي العربي،
ط: 1، 2005م).
الكتب
الإلكترونيَّة:
*محمد
سناجلة، رواية الواقعيَّة الرقميَّة، كتاب إلكتروني.
المواقع
الإلكترونيَّة:
1.
البناي، سلام، البروفيسور مشتاق عباس معن يصدر قصيدته الرقميَّة الثانية(لا
متناهيات الجدار الناري، مقال إلكتروني، منشور على موقع (نون) على الشبكة
العالميَّة، على الرابط: http://www.non14.net/92672/
2.
الرحاحلة، أحمد زهير، بنية النصِّ الشعريِّ الرقميِّ في "لا متناهيات الجدار
الناريِّ" لمشتاق عبَّاس معن، مقال إلكترونيٌّ، منشور على موقع صحيفة قاب
قوسين، على الرابط: http://www.qabaqaosayn.com/content/
3.
معن، مشتاق عبَّاس، قصيدة (تباريح رقميَّة لسيرة بعضها أزرق)، موقع النخلة
والجيران، على الرابط: alnakhlahwaaljeeran.com/111111-moshtak.htm
4.
معن، مشتاق عبَّاس، لا متناهيات الجدار الناريِّ، قصيدة رقميَّة، على موقعه
الشخصيِّ، على الرابط: http://dr-mushtaq.iq/My-poetry-works/Interactive-digital/
دراسة مجزية تمنيت لو اشرت لتجربة مقاطع حمادي التفاعلبة ل. صالح جبار خلفاوي
ردحذف